تقدم النائب في مجلس الأمة البرلمان الكويتي سعد الشريع أمس باستجواب ضد وزيرة التربية نورية الصبيح على خلفية عدد من الملاحظات والأخطاء، وخصوصاً المسؤولية عن عدم توفير الأمن الكافي للمدارس الأمر الذي تسبب في اعتداء جنسي على عدد من طلبة احدى المدارس الابتدائية مطلع الشهر الحالي، وهي القضية التي لا تزال ضمن تحقيقات الجهات الأمنية ويتهم فيها بعض عمال النظافة الآسيويين في المدرسة المذكورة. ويثير الاستجواب صعوبات جديدة امام حكومة الشيخ ناصر محمد الصباح التي واجهت سبعة استجوابات منذ تسلمه رئاسة الوزراء في كانون الثاني يناير 2006 انتهى معظمها باستقالة الوزراء او تغيير حكومي شامل. وفي أيار مايو الماضي ادى أحد هذه الاستجوابات الى حل البرلمان نفسه، وهو سيناريو يحتمل ان يتكرر في ضوء استجواب الامس. وكانت الدكتورة معصومة مبارك اول وزيرة كويتية ارغمت على الاستقالة من حقيبة الصحة قبل ثلاثة شهور، بعد حريق شب في مستشفى"الجهراء"وأدى الى وفيات واصابات نسبت الى سوء استعدادات الطوارئ. وأعلن رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الذي تسلم أمس نص استجواب يضم اربعة محاور في سبعين صفحة، انه تم تحديد الثامن من الشهر المقبل موعدا لمناقشته. وطبقا للدستور، فإنه اذا انتهت المناقشة بتقديم عشرة نواب طلبا للتصويت على الثقة بالوزيرة، تحدد جلسة اخرى بعد اسبوعين للتصويت على الثقة. وتقليدياً تحاشت الحكومة الكويتية منح أي مجال لبلوغ أي استجواب مرحلة سحب الثقة. وينتسب مقدم الاستجواب سعد الشريع وهو من قبيلة"العوازم"، الى كتلة نيابية نشأت حديثا وتضم نواباً قبليين يتبنون قضايا يقولون انها تمثل مصالح ومظالم سكان الدوائر الانتخابية الخارجية التي تغلب عليها القبلية، لذا فإن غالبية النواب الحضر يتحفظون على استجواب الوزيرة الصبيح، ويرون ان دوافعه محلية جدا، اضافة الى أن هناك من يتهم هذه الكتلة القبلية بأنها تمثل مصالح اقطاب متنافسين داخل الأسرة الحاكمة وان الاستجواب ضد وزيرة التربية حلقة في هذا الصراع. وحسب تقديرات أولية فإن"كتلة العمل الوطني"و"الحركة الدستورية الاسلامية"اللتين تضمان 15 نائبا، تقفان ضد الاستجواب، يضاف اليهما بعض النواب الاسلاميين الحضر وكذلك بعض نواب"كتلة العمل الشعبي"التي تبدو منقسمة بشأنه. وحتى بعض نواب القبائل مثل النائب خلف دميثير من قبيلة"عنزة"اعلن امس رفضه الاستجواب وتضامنه مع الوزيرة، الأمر الذي يؤشر الى امكان تجاوزها الاستجواب اذا كان اداؤها جيدا خلال المناقشة. وينتظر ان تبدأ الحكومة فور عودة رئيسها من الخارج بمناقشة احتمالات الاستجواب وخياراتها، لكن تحذيرا نقله قبل ايام نائب رئيس المجلس النائب الدكتور محمد البصيري من"القيادة السياسية"الى النواب من ادخال العلاقة بين الحكومة و البرلمان"الى نفق مظلم"، يوضح ان الأمير الشيخ صباح الأحمد ربما يمارس صلاحياته الدستورية اذا ما رأى تعسفاً في استخدام اداة الاستجواب ضد الحكومة، خصوصا أن الجانب الحكومي قدم الكثير من التنازلات للنواب وأبعد بعض الوزراء عن حقائبهم بغرض فسح المجال امام علاقة افضل مع البرلمان. ويحتاج خصوم الوزيرة الصبيح الى 25 صوتاً من اصل 49 نائبا لسحب الثقة منها، وهي مهمة ليست سهلة وتعطي الحكومة هامشاً من المناورة لاستمالة نواب الى جانبها، وممارسة ضغوط كما كانت تفعل حكومات سابقة، غير ان الحكومة الحالية كونت انطباعا بأنها تفضل تفادي المواجهات بأي ثمن. وفي تطور مواز اصدر عضو"كتلة العمل الوطني"أحمد المليفي بيانا أمس انتقد فيه الاستجواب المقدم ضد الوزيرة لكنه هاجم ايضا الحكومة، وقال ان"المؤشرات التي نراها تفيد ان هناك من يحاول استغلال الظروف ليدفع الى حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري لوقف الممارسة الديمقراطية"، وتعهد بأن"الكتلة"ستواجه هذه المحاولات.