اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن عام 2007 كان "إيجابياً" بالنسبة الى بلاده وشكل "منعطفاً مهماً في السياسة الخارجية الروسية"، مشيراً إلى إنجازات حققتها روسيا خلال العام المنقضي. وفي مقابلة تلفزيونية بثتها محطة"فيستي"الروسية أمس، أعتبر لافروف أن الحدث الأساس خلال عام 2007 كان خطاب الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر الأمن الذي عقد خلال شباط فبراير في ميونيخ، عندما شنّ بوتين هجوماً عنيفاً على سياسة واشنطن واتهمها بجر العالم إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار وحمّلها مسؤولية تفجير الأزمات الإقليمية، معتبراً أن سياسة القطب الأحادي أثبتت عجزها وفشلها. وقال لافروف إن هذا الخطاب كان بمثابة"بيان إعلان عودة روسيا بقوة إلى الساحة الدولية"، وانعطافاً مهماً في السياسة الخارجية الروسية. وأوضح أنه يمكن إجمال نتائج العام المنقضي بأنه كان"إيجابياً بالنسبة الى روسيا"و"من المهم جداً أن موسكو تمكنت من تقديم مبادرات كبرى تتعلق بالاستقرار الإستراتيجي في العالم"، منها القرارات الروسية على صعيد معاهدة الحدّ من الأسلحة التقليدية ومسألة الدفاع المضاد للصواريخ، وهي الأزمة التي شغلت العالم طوال عام 2007 بعدما اتخذت نيات الولاياتالمتحدة نشر درع صاروخية في أوروبا أبعاداً عملية بالاتفاق مع بولندا وتشيخيا على رغم المعارضة الروسية القوية. ويذكر أن موسكو اتخذت سلسلة خطوات خلال هذا 2007 رداً على ما تصفه بأنه"تهديد أمنها الإستراتيجي"، فانسحبت من معاهدة الأسلحة التقليدية. وبدأت حركة نشطة لتحديث قواتها الإستراجية والتقليدية، وأعادت العمل بتقاليد الحقبة السوفياتية من خلال تسيير دوريات قاذفاتها الإستراتيجية في أجواء المحيطات العالمية وغواصاتها وسفنها البحرية في بحار العالم. كما هددت في حال مضت واشنطن في خططها العسكرية في أوروبا بالإنسحاب من معاهدات دولية أخرى إعتبر الروس أنها تقيّد قدراتهم الدفاعية، مثل معاهدة الحدّ من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. ولوحت بإعادة إنتاج أجيال جديدة من هذه الصواريخ التي كانت محرّمة بموجب اتفاقات الاتحاد السوفياتي السابق مع حلف الأطلسي. ومن النتائج الأخرى التي شملتها"جردة"ذكر لافروف، اختيار مدينة سوتشي لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2014، وقرار عقد قمة مجموعة التعاون الاقتصادي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ عام 2012 في فلاديفستوك. وأشار أيضاً إلى بدء تنفيذ عدد من المبادرات الكبرى في ميدان الطاقة، وهي: أنبوب"السيل الشمالي"، أنبوب غاز بمحاذاة بحر قزوين وأنبوب النفط بورغاس الكسندروبوليس. علماً أن الغرب يعتبر هذه المشاريع محاولة روسية لتعزيز السيطرة في مجال الطاقة على أسواق أوروبا. وعلى رغم إشارته مرات خلال الحديث إلى المواجهة مع الغرب، تجنّب لافروف استخدام مصطلحات مثل"الحرب الباردة"لوصف طبيعة علاقات موسكو الحالية مع الولاياتالمتحدة، مؤكداً عدم وجود نيات لدى بلاده لنشر قوات تقليدية في الأقاليم الغربية، وهو أمر تخوفت منه بلدان أوروبية بعد قرار الانسحاب من معاهدة الأسلحة التقليدية التي كانت تحظر على موسكو في السابق نشر قواتها في المناطق الغربية المحاذية لأوروبا مثل إقليم كاليننغراد. وفي هذا الصدد أكد لافروف أن موسكو"لا تعتزم البدء بنشر قوات إضافية في الجزء الأوروبي من روسيا. وإذا تحلى شركاؤنا في الأطلسي بضبط النفس فسنتصرف مثلهم تماماً". وكان حذر في مقالة نشرتها صحيفة روسية قبل يومين من"خطوط حمر لا تستطيع روسيا تجاوزها أذا تعرض أمنها للخطر"، في رسالة مباشرة إلى الغرب قبل بداية السنة الجديدة، التي يتوقع محللون روس أن تكون سنة مواجهة أقوى مع الولاياتالمتحدة. ولفت الوزير الروسي في مقالته إلى أن موسكو تخلصت مما كان يغذّي التنافر الأيديولوجي مع العالم الغربي، وأصبحت سياستها الخارجية خالية من نزعة المواجهة مع الغرب. لكن"هناك خطوطاً حمراً لا تستطيع روسيا تجاوزها عندما يصبح أمنها القومي والأمن الدولي في خطر. وعلى شركائها أن يدركوا انها لا تتاجر بمواقفها". وزاد أن 15 عاماً انقضت على انتهاء الحرب الباردة. لكن"بلداناً عدة لم تتخلص من العقلية الملازمة لتلك الحقبة حتى الآن، ونرى مثلاً كيف أن الغرب يغض طرفه عن قيام الحكومات"الصديقة"بقمع المعارضة". وأضاف أن ثمة مشاكل تتعلق بالحدّ من الأسلحة التقليدية في أوروبا وحماية دول العالم من هجوم بالصواريخ وعملية السلام في الشرق الأوسط وبرنامج إيران النووي،"لا يمكن حلها إلا في ظل قيادة دولية جماعية"بعيداً من مفاهيم الاستقاء والآحادية القطبية. وبالنسبة الى منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي هناك حاجة إلى تفاهم ثلاثي بين الولاياتالمتحدةوروسيا والاتحاد الأوروبي. وتعهد لافروف بأن روسيا ستظل تنشط في تحقيق التوازن على الساحة الدولية مستخدمة إمكاناتها"من دون أن تدع أحداً يجرّها إلى مواجهة من أي نوع أو إلى حلف ضد أي كان".