أكد الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس الثلثاء في ختام زيارته الرسمية لإسبانيا، انه لا يحمل دروساً يعطيها في شأن الاستعمار، مشدداً في حفلة استقبال في مدريد على"الروابط"التي تجمع إسبانيا بالمغرب العربي. ومن المقرر أن يكون القذافي غادر مدريد بعد الظهر عائداً إلى طرابلس بعد لقاء جديد مع مقاولين اسبان وغداء مع العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس. وقال القذافي بعدما سلّمه رئيس بلدية مدريد المحافظ البيرتو رويز - غالاردون مفتاح المدينة:"لست هنا لالقاء دروس حول الاستعمار في شكل عام. إن ضفتي المتوسط شهدتا غزوات متبادلة". وفي خطابه الذي بدا فيه ميالاً في شدة الى التصالح، أكد الزعيم الليبي إن الإسبان"لا يُعتبرون أجانب"حين يأتون إلى العمل في ليبيا. وشدد القذافي على"الثقافة والدم والجذور التي توحد"المغرب العربي واسبانيا. وقال:"لدينا، من على الجانبين، الدماء نفسها ... نحن أخوة وأصدقاء وعلاوة على ذلك جيران في المتوسط". وبعد حفلة استقبال أقيمت على شرفه في بلدية مدريد، زار الزعيم الليبي القصر الملكي للمشاركة في مأدبة غداء رسمية مع العاهل الاسباني خوان كارلوس. واستمرت زيارة القذافي لإسبانيا أربعة أيام خُصص يومان منها للزيارة الرسمية التي تركزت خصوصاً على القضايا الاقتصادية. وأشارت الحكومة الإسبانية مساء الإثنين إثر لقاء القذافي مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، الى"عقود محتملة"للمؤسسات الإسبانية تبلغ قيمتها الاجمالية 11.8 بليون يورو. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الحكومة الإسبانية إن هذه العقود المحتملة تشمل قطاع الدفاع وصناعات الطيران بقيمة بليوني يورو واستثمارات مشتركة في مجال الطاقة بقيمة 3.5 بليون يورو وفي البنى التحتية سبعة بلايين دولار. وفي مجال البنى التحتية يُشكّل المبلغ"خُمس"خطة تنمية واسعة للبنى التحتية باشرتها ليبيا وتزيد قيمتها الاجمالية"على خمسين بليون دولار". وشددت الحكومة، في بيانها، على انها"تعتبر، بعد هذه الزيارة، أن إمكانات ضخمة باتت تتوافر للشركات الإسبانية في ليبيا". وأوضحت أن اللقاء بين ثاباتيرو والقذافي"تميّز باهتمام متبادل لتعزيز التعاون الاقتصادي في مجال الاتصالات والسياحة وإدارة المياه". ونقل البيان عن الزعيمين تأكيد عزمهما"التعاون في إطار مقاربة شاملة ومتكاملة للهجرة"، مشيراً إلى أنهما تطرقا إلى فكرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ارساء أسس"اتحاد متوسطي"واعتبرا انها"مجال واسع يجب درسه بعمق". ووقع البلدان، من جهة أخرى، أربعة عقود مؤسساتية هي: اتفاق لتعزيز الاستثمارات وحمايتها المتبادلة، واعلان-إطار حول العلاقات السياسية والتعاون، ومذكرة اتفاق في مجال الدفاع، والتعاون الاقتصادي والمالي. وبعد اللقاء اقام ثاباتيرو مأدبة عشاء على شرف القذافي بحضور وزيري الاقتصاد والخارجية الاسبانيين بيدرو سولبيس وميغيل انخيل موراتينوس ونحو 15 من رؤساء الشركات الإسبان. ومن بين المدعوين خصوصاً رئيس شركة"ريسبول"نفط و"غاز ناتورال"غاز وكهرباء و"اونيون فينوسا"كهرباء و"ايندرا"تكنولوجيا و"اف ثي ثي"بناء وخدمات و"ساسير فاليهيرموسو"بناء واشغال عامة. وكما كان متوقعاً وعلى غرار ما حصل في فرنسا الأسبوع الماضي، هيمن النفط والعقود على زيارة القذافي لاسبانيا وليس مسألة الديموقراطية وحقوق الانسان. وحول هذه النقطة الاخيرة اكتفت مدريد بالقول ان ثاباتيرو أعرب للقذافي عن"اهتمام اسبانيا بوضع إطار عام للتعاون للمساهمة في مستقبل سلام واستقرار وديموقراطية وحرية وعدالة وازدهار ...". وخلافاً للجدل الكبير الذي رافق وجوده في فرنسا، فإن زيارة القذافي لاسبانيا لم تثر إلا بعض التحفظات الخجولة في الطبقة السياسية ووسائل الإعلام الاسبانية. ووحدها صحيفة"بوبليكو"اليسارية استغربت"فرش السجاد"تحت اقدام من وصفته ب"الديكتاتور الليبي".