سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رايس تؤكد الاتفاق مع باريس على ضرورة إعتماد سورية موقفاً بناء وغيان يتصل بالمعلم . لبنان : ثلاثة عناوين سيطرت على البرلمان قبل إرجاء جلسة إنتخاب الرئيس إلى السبت
تهاوت الآمال التي ظهرت في ساعة متقدمة من ليل أول من أمس، بامكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان، بعد الضغوط الدولية التي تركزت على دمشق لتسهيل إنهاء الفراغ الرئاسي، وتأجلت الجلسة النيابية التي كان مقرراً عقدها أمس لتعديل الدستور ثم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الى السبت المقبل، إذ تكرر الخلاف بين الأكثرية والمعارضة على عدد من المسائل الجوهرية في الاجتماعات الجانبية التي عقدت داخل البرلمان وأبرزها الموقف من تشكيل الحكومة التي ستتألف في العهد الرئاسي الجديد، إذ أصرت المعارضة على الحصول على الثلث المعطّل فيها، وهو ما ترفضه الأكثرية فضلاً عن عدم استعدادها للبحث في الحصص داخل الحكومة إلا بعد انتخاب العماد سليمان، ووفق الآلية التي ينص عليها الدستور لتشكيل الحكومة. في موازاة ذلك، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، بعد اجتماعها مع الرئيس نيكولا ساركوزي امس في باريس، ان البلدين متفقان على ضرورة ان تعتمد سورية موقفا بناء حيال لبنان والعمل على دعم مسار انتخاب رئيس جديد للبلاد ووقف أعمال الترهيب والاغتيالات. وكان موضوع الرئاسة في لبنان محور اتصال هاتفي بين الامين العام للرئلسة الفرنسية كلود غيان ووزير الخارجية السوري وليد المعلم. وفيما حضر الى مبنى البرلمان أمس 102 من النواب ال127، فإن الدعوة الثامنة لعقده من أجل انتخاب الرئيس انتهت كسابقاتها الى خيبة أمل في انتظار الجلسة التاسعة، المفتوحة على التفاعلات الخارجية لهذا التأجيل الجديد، خصوصاً ان موعد الجلسة المقبلة يتزامن مع بلوغ عمر الفراغ الرئاسي شهراً كاملاً. وفيما كانت معطيات أول من أمس رست عندما تسرب عن اتصال أجراه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنظيره السوري بشار الأسد، ولمح فيه الى أن عدم انتخاب رئيس جديد للبنان في جلسة أمس الاثنين سيتسبب بقطع الحوار بين الدولتين، أفادت المعلومات ان الأسد كرر للرئيس الفرنسي طرح مطلب المعارضة قيام حكومة وحدة وطنية تحصل فيها المعارضة على 13 وزيراً مقابل 17 وزيراً للأكثرية. وقالت مصادر المعارضة إن هذا التوزيع للحصص كان طرح أثناء المفاوضات التي خاضها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الاسبوع الماضي في بيروت. واستدعى هذا العودة الى"المدوّنات"التي في حوزة السفير الفرنسي في بيروت أندريه باران عن المحادثات التي جرت في هذا الصدد والتي تأكد منها انه لم يحصل اتفاق على هذا التوزيع للحصص. وحصلت"الحياة"على نص الكتاب الذي سلّمه زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري الى كوشنير الذي سلمه بدوره الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وهو ينص على إجراء"استشارات نيابية ملزمة بعد انتخاب العماد سليمان لقيام حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها الكتل النيابية"لترجمة"أجواء التوافق". ولا ينص الكتاب على أي نسب لتمثيل الكتل أو المعارضة أو الأكثرية في الحكومة. وتميزت المداولات التي جرت على هامش تواجد نواب الأكثرية في قاعة البرلمان التي لم يدخلها نواب المعارضة الذين حضروا وبقوا في الردهات، بلقاءات عدة أبرزها بين بري ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الذي تداول مع الأول في المخارج المحتملة، وفي وجوب وقف الحملات المتبادلة بين نواب بري وأعضاء كتلة الحريري النيابية. والتقى جنبلاط بالحريري في القاعة العامة، ثم عاد الثاني فدخل مكتب بري وعقدا خلوة تجاوزا فيها الحملات المتبادلة، لكنهما لم يتفقا على طرح بري شرط المعارضة الاتفاق منذ الآن على توزيع الحصص داخل الحكومة قبل انتخاب الرئيس 17+13. وإذ التقى بري ايضاً أعضاء من تكتل"التغيير والإصلاح النيابي"الذي يتزعمه العماد ميشال عون، ونواباً آخرين، استبق إعلانه تأجيل الجلسة الى السبت بإبلاغ بعض النواب أنه يتمنى أن تسير الأمور وفق المطلوب، لكنه أشار الى الاتصالات الفرنسية ? السورية لتسهيل التوافق اللبناني عبر قوله إن ثمة أموراً لم تنضج بعد"، لافتاً الى أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لم يحضر مؤتمر الدول المانحة في باريس، وأنه كان ينتظر وصول موفد فرنسي الى بيروت صباحاً أمس لكنه لم يأت. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"في بيروت إن الترويج خلال الأيام الثلاثة الماضية لمجيء موفد فرنسي يعود على الأرجح الى طلب سوري من باريس إرسال هذا الموفد استباقاً لعقد الاجتماع الدولي ? العربي الذي عقد أمس في العاصمة الفرنسية لبحث الأزمة اللبنانية، وفي ذهن المعارضة ان مجيئه قد يدفع الأكثرية نحو تنازلات في شأن توزيع الحصص داخل الحكومة، في حين لا تبدو باريس في هذا الوارد. وسيطرت على المداولات التي جرت في أروقة البرلمان ثلاثة عناوين رئيسة هي: 1- المخرج الذي طرح ليل أول من أمس للتعديل الدستوري لإتاحة انتخاب سليمان ويقضي بعقد جلسة نيابية لتفسير الدستور، تنتهي الى الإقرار بأن حصول الفراغ الرئاسي يتيح عدم الأخذ بالمهل الدستورية المطلوبة لاستقالة موظفي الفئة الأولى سنتان قبل انتخاب أي منهم للرئاسة. وهو مخرج طرحته المعارضة لتجنب مرور التعديل الدستوري لانتخاب سليمان عبر الحكومة لأنها تعتبرها غير شرعية. وفيما لم يبد بعض قادة الأكثرية ممانعة أمام هذه الصيغة شرط الإجماع عليها، فإن هذا المخرج لم يلق موافقة من قيادات مسيحية في تحالف 14 آذار وأبرزها الرئيس السابق أمين الجميل، رئيس حزب"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع، النائب بطرس حرب والوزيرة نايلة معوض، وآخرون. وقد تلاشى هذا الاقتراح ليلاً لكن نواب الأكثرية قدموا الى البرلمان لتفويت الفرصة على المعارضة ان تتهمهم بعرقلة عقد الجلسة لتبرير عدم انتخاب الرئيس. وقال مصدر وزاري ل"الحياة"إن هذا الاقتراح"ولد من دون ركب وقدمين تحملانه وأصلاً لا يجوز ان نتنازل عن دور الحكومة في تعديل الدستور لأن هذا يسمح بالطعن بدستورية انتخاب سليمان". ورأى مصدر آخر في قوى 14 آذار ان السير في هذا الاقتراح هو"زنى دستوري". 2- ان الخلاف على الحصص في تشكيل الحكومة كان الأساسي في كل المداولات. وهو كان النقطة التي توقفت عندها الاتصالات الفرنسية - السورية. ففي لقاء بري مع الحريري طرح الأول موضوع تشكيل الحكومة. وقال:"نحن اتفقنا معك على ان تتمثل المعارضة ب13 وزيراً في مقابل 17 وزيراً للأكثرية"، فسأله الحريري:"متى تم الاتفاق؟"، فرد بري:"عندما التقينا في حضور كوشنير، وطرحتها عليك ولم تعلق". ورد الحريري:"هذا العرض مرفوض ولم يسبق لي أن وافقت عليه، ثم أين رئيس الجمهورية من هذا الطرح ومن الحكومة؟"، فأجاب بري:"الرئيس يأخذ وزيرين من عندنا وثلاثة من عندكم وبالتالي تكون المعارضة قد تمثلت ب11 وزيراً وأنتم تتمثلون ب14 وزيراً". وكرر الحريري اعتراضه على هذا العرض. وقال انه يوافق مبدئياً على 10 وزراء للمعارضة و16 وزيراً للأكثرية والباقي يعود للرئيس اختيارهم"ليكون قادراً على القيام بدور توفيقي وضاغط لتأمين عمل السلطة التنفيذية واستمرارها". وقال مصدر قيادي في الأكثرية ان قوى في 14 آذار وافقت على الصيغة المقترحة لتعديل الدستور لانتخاب سليمان، لكنها فوجئت بربط التعديل بالحصول على الثلث المعطل في اي تركيبة وزارية وهذا ما رفضه سليمان إضافة الى الحريري وجنبلاط والأقطاب الآخرين في الأكثرية لأنه يؤدي الى تقييد رئيس الجمهورية العتيد. واعتبر المصدر القيادي ان تمثيل المعارضة بالثلث المعطل يمكنها متى شاءت من إطاحة الحكومة من خلال استقالة وزرائها لأن من الحالات المنصوص عنها في الدستور هي أن الحكومة تعتبر مستقيلة في حال استقال أكثر من ثلث أعضائها. وقال المصدر إن الحريري رأى ألا تتمثل الأكثرية بالثلثين في الحكومة لكي لا تكون وحدها صاحبة القرار من دون الفريق الآخر في مقابل عدم تمثيل المعارضة بالثلث المعطل لكي لا تبقى الحكومة تحت رحمتها في إصدار القرارات،"وبالتالي فإن تجاوز هذه المسألة يتمثل في أن يكون لرئيس الجمهورية حضور في مجلس الوزراء يجعل منه الضامن لاستمرار السلطة التنفيذية، والقادر على لعب دور متوازن عبر التوفيق بين الأكثرية والمعارضة". ورأى المصدر ان تقديم التنازلات لمصلحة دور سليمان ضروري لتسهيل مهمته، بدلاً من أن يكون مجرد شاهد على اقتسام الحصص خصوصاً ان الأكثرية لن تحصل بحسب اقتراح بري حتى على نصف المقاعد الوزارية بل ستكتفي بأقل منها. 3- ان نواب تكتل العماد عون وجدوا أنفسهم امام إحراج كبير. فهو المفوض بالتفاوض مع الأكثرية باسم المعارضة في وقت ظهر ان الرئيس الأسد يفاوض بالنيابة عن المعارضة حول نسب توزيع الحصص في الحكومة، وان الرئيس بري يبحث في الأمر مع قادة الأكثرية ونوابها منذ يومين ويطرح صيغاً لهذا التوزيع وتابع البحث أمس مع الحريري. لكن نواب التكتل شددوا في تصريحاتهم على مطالب السلة السياسية قبل تعديل الدستور أثناء تواجدهم في البرلمان، من دون اعتماد لهجة تصعيدية. وكانت تداعيات تأجيل الجلسة مدار تقويم أمس بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وجنبلاط في حضور الوزراء مروان حمادة، غازي العريضي ونعمة طعمة. وعلى صعيد آخر، تلقى نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر، اتصالاً من وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس الذي قدم اليه التعازي باستشهاد اللواء الركن فرنسوا الحاج، مجدداً تأكيد"دعم البنتاغون والإدارة الأميركية للجيش اللبناني خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب". وأبدى الوزير الاميركي استعداد بلاده"تقديم المزيد من المساعدات العسكرية للجيش ولا سيما في مجالي التجهيز والتطوير". رايس وفي باريس، دعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، عقب محادثات أجرتها مع الرئيس نيكولا ساركوزي في قصر الاليزيه، سورية الى اعتماد موقف بناء حيال لبنان والعمل على دعم مسار انتخاب رئيس جديد للبلاد ووقف أعمال الترهيب والاغتيالات. وقالت رايس إن الولاياتالمتحدة وفرنسا يعملان معاً على ملفات عدة، نتيجة الصداقة العميقة القائمة بين البلدين وتسمح بالعمل معاً على مواجهة التحديات، ومنها موضوع الشرق الأوسط وتحديداً الوضع في لبنان. وأضافت ان البلدين يرغبان بأن يُسمح للبنانيين بأن يكون لديهم رئيس منتخب، فهناك توافق حول مرشح، ولذا فإن الانتخابات يجب أن تتم من دون تأجيل. ولفتت الى أن واشنطنوباريس تنشطان معاً وتسعيان، للتأكيد بأن المسار الانتخابي في لبنان ينبغي أن يكون موضع دعم وليس موضع عرقلة، وقالت إنها لا ترى سبباً يحول دون اتمام الانتخابات الرئاسية. وشددت رايس على ضرورة وقف أعمال الترهيب التي يشهدها لبنان، من خلال الاغتيالات المستمرة وكان آخرها اغتيال اللواء الركن فرانسوا الحاج، فيما المطلوب هو موقف بناء من كل الدول المجاورة للبنان بما فيها سورية. ساركوزي والاسد وفي دمشق، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة"امس ان الرئيس ساركوزي اتصل بالرئيس بشار الاسد مساء الاحد للمرة الثالثة في غضون اسابيع، مشيرة الى الرئيسين"اكدا ضرورة استمرار الجهود لايجاد حل للازمة اللبنانية". وجاء هذا الاتصال بعد اتصالات هاتفية تجري يوميا بين الامين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم لحض دمشق على ممارسة ضغوط على قوى المعارضة في لبنان للوصول الى حل قبل جلسة البرلمان يوم امس. وقالت مصادر اخرى ل"الحياة"ان غيان اتصل امس بالمعلم، مشيرة الى ان"الجهود لاتزال قائمة لايجاد صيغة مناسبة للحل"في لبنان. وتوقعت المصادر اجراء"اتصالات مكثفة"مع دمشق قبل جلسة البرلمان يوم السبت، ربما تشمل قيام رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي بالاتصال بالرئيس الاسد.