أخذت شركة "نوكيا"، وهي عملاق صناعة الهواتف الخليوية، المنافسين والأسواق على حين غرة بإعلانها أخيراً في معرض"عالم نوكيا"السنوي في أمستردام، عن عزمها أن تدرج في هواتفها صلات لتحميل الموسيقى من الإنترنت مجاناً لسنة كاملة بدءاً من تاريخ شراء الهاتف. وبينت أن هذا العرض يسري بدءاً من منتصف العام المقبل. وتمثّل الخطة التي حملت اسم"نوكيا يأتي مع موسيقى"تحدياً جدياً للشركات العالمية الأخرى المصنعة للهواتف الخليوية التي تسمح بتحميل الموسيقى لقاء مبلغ من المال. ويصح ذلك تحديداً بالنسبة إلى الشركة الأميركية العملاقة"آبل"، التي تخصصت في صنع الكمبيوترات قبل أن توسع أعمالها إلى قطاعات أخرى، فصنعت موقعاً شبكياً متخصصاً بتحميل الموسيقى الرقمية"آي تيونز"iTunes، ثم اتبعته بصنع جهاز صغير، حمل اسم"آي بود"iPod، لتشغيل ذلك النوع من الموسيقى. وجاءت الخطوة الأخيرة والمدوية لشركة"آبل"بإطلاق الخليوي"آي فون"iPhone، الذي هزّ سوقي الهواتف النقالة والترفيه الموسيقي معاً، كما حقق للشركة نجاحاً مالياً هائلاً. وأقر، النائب التنفيذي لرئيس"نوكيا"والمدير العام للوسائط المتعددة آنسي فانيوكي بأن"آي فون"يمثل تحدياً لشركته. وبيّن في تصريح الى"الحياة"ضرورة"أن نأخذ الموضوع جدياً وهذا ما نفعله، فالأمر الثابت الوحيد في هذا العالم هو التغير. لقد تحولت الشركة منذ انطلاقتها من شركة لصنع المنتجات المطاطية قبل أكثر من قرن إلى شركة لصنع الأدوات الكهربائية قبل نصف قرن. ونحن ننتج الهواتف الخليوية منذ 20 سنة وعلينا الآن أن نحدث تغييرات. إن المستقبل هو للإنترنت وليس تحميل الموسيقى منها سوى جزء صغير من هذا المستقبل". ولتحقيق طموحها بفتح هواتفها مجاناً على عالم الموسيقى، أعلنت"نوكيا"في المناسبة نفسها عن شراكة مع"يونيفرسال ميوزيك غروب"التي تتخذ من الولاياتالمتحدة مقراً لها وتُعتبر أكبر الشركات المنتجة للتسجيلات الموسيقية في العالم والتي تستحوذ على ربع السوق العالمية في هذا المجال. ومن النجوم الذين تنتج لهم الشركة ألبومات إلتون جون ولوتشيانو بافاروتي وستينغ وماريا كاري وديانا روس وإنريكي إغليزياس وفيفتي سنت وغيرهم. وتفاوض"نوكيا"ثلاثة من عمالقة الإنتاج الموسيقي عالمياً، وهم"سوني"وپ"إيمي"وپ"وارنر"للتوصل إلى اتفاقات مشابهة. وتعاني الشركات المنتجة للتسجيلات الموسيقية من تراجع مستمر منذ سنوات في عائداتها، وهو أمر لم يصلحه بيعها الموسيقى بواسطة برامج مثل"آي تيونز"والهواتف الخليوية. وربما تأمل بعض تلك الشركات في أن تساهم صفقات مماثلة مع شركات الخليوي في إنقاذها من خلال الحصول على حصص من عائدات الهواتف النقّالة التي تتعاقد معها وكذلك من عائدات الشركات المحلية المشغلة للشبكات الخليوية. ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة البحوث"أندرستاندينغ أند سوليوشنز"، تساوي مبيعات الموسيقى عبر الهواتف الخليوية 13 في المئة من إجمالي مبيعات الموسيقى عالمياً. وتوقعت الدراسة أن يبلغ حجم ذلك السوق الموسيقي 11 بليون دولار في عام 2011. تداخل الخليوي مع الانترنت في كلمته الافتتاحية لپ"عالم نوكيا"في أمستردام، الذي استقطب ثلاثة آلاف مشارك من متخصصين وصحافيين وأصحاب مدونات، مقارنة بپ40 مشاركاً فقط لدى انطلاقة المناسبة قبل سنوات، أكد المدير التنفيذي لشركة"نوكيا"أولي ? بيكا كالاسفو أن الشركة تعمل بدأب لتحقيق ترابط متزايد بين الهاتف الخليوي وشبكة الإنترنت. وأضاف:"نؤمن بربط الناس ببعضهم البعض، لا عبر الصوت فحسب بل عبر الوسائط والمصادر والشبكات الاجتماعية". وأشار إلى تمكّن"مشروع الشبكات"، وهو مبادرة مشتركة تساهم فيها شركتا"نوكيا"وپ"سيمنز"، من تحقيق سرعة اتصال بالإنترنت عبر الهاتف الخليوي تفوق تلك المتوافرة عبر أسرع الخطوط المرتبطة بالهاتف الثابت. يذكر أن"نوكيا"اشترت شركة"نافتيك"الأميركية المتخصصة بالاتصال بالإنترنت في تشرين الأول أكتوبر الماضي لقاء 8.1 بليون دولار في أكبر عملية استحواذ للشركة الفنلندية تاريخياً. وفي سياق مماثل، أُعلِن خلال"عالم نوكيا"في أمستردام عن اتفاق لشراء"أفنيو"، وهي شركة متخصصة في تنظيم محتويات الكمبيوترات الشخصية تتخذ من الولاياتالمتحدة مقراً لها، لمساعدة حملة الهواتف الخليوية على نقل ما يريدون من كمبيوتراتهم إلى هواتفهم. ولم تُحدد قيمة الصفقة. وتتوسع شركات الهاتف الخليوي صوب الاتصال بالإنترنت لتعزيز معدل نمو أرباحها بعدما عانى تباطؤاً هذه السنة. فزيادة مبيعات الهواتف الخليوية عبر العالم تراجعت من 21 من المئة عام 2006 إلى 15 في المئة هذه السنة، وفقاً لتقديرات مؤسسة البحوث"غارتنر". وتوقع كالاسفو، الذي تولى منصبه في حزيران يونيو 2006 خلفاً ليورما أوليلا، الذي تقاعد بعدما صنع نهضة الشركة في تسعينات القرن الماضي، أن يدر موقع الإنترنت الذي أطلقته شركته أخيراً باسم"أوفي"باب في الفنلندية لمساعدة حاملي الهواتف الخليوية من"نوكيا"على تحميل الموسيقى إلى هواتفهم، بلايين الدولارات على شركته من النشاط المتزايد المتوقع فور بدء الزبائن بتحميل الموسيقى. وفيما كانت جهود الشركات للحفاظ على البيئة تعني في العقدين الماضيين تكبدها خسائر، يبدو أن هذه الجهود بدأت تصيب عصفورين بحجر، فهي تحمي البيئة من جهة وتحقق وفراً في نفقات الشركة بعد توافر مواد أولية صديقة للبيئة رخيصة الثمن نسبياً. ووفقاً لكالاسفو، تهتم"نوكيا"في شكل خاص بتوفير الطاقة وانتقاء مكونات صديقة للبيئة وإعادة تدوير المواد وُزعت المواد الصحافية في"عالم نوكيا"في حقائب مطاطية مصنوعة من إطارات أُعيد تدويرها. والجديد جهاز"نوكيا 3110 إفولف"المصنوع غلافه من مواد صديقة للبيئة بنسبة 50 في المئة، والمباع في علب مصنوعة من مواد كهذه بنسبة 60 في المئة، إلى جانب جهاز شحن كهربائي يقل استخدامه للطاقة بنسبة 94 في المئة من المستوى الموصى به دولياً.