شهدت صناعة الخليوي حدثاً مهماً ثانياً، بعد إطلاق هاتف "أي فون" iPhone، تمثّل في الإعلان عن "هاتف غوغل" Google Phone الذي ينتمي إلى فئة"الخليويات الذكيةّ". ولم يتأخر البعض في اختصار اسمه إلى"جي فون" G Phone. وأعلنت شركة"غوغل"أنها ستضع بين أيدي مُبرمجي الهواتف الخليوية قريباً برنامجاً معلوماتياً اسمه"اندرويد"Android يتوافق مع المعايير المتفق عليها في"التحالف المفتوح للهواتف النقّالة"Open Alliance for Mobile Phones المنضوية تحت لوائه مجموعة من الشركات الكبرى للخليوي. وفي التفاصيل أن"هاتف غوغل"ليس هاتفاً فعلياً. ويتعلق الأمر ببرنامج معلوماتي صنعته"غوغل"يدير الهاتف الخليوي. وأعلنت الشركة أن برنامجها يتميّز بالمرونة والسهولة والقابلية للتجاوب مع التعديل والتطوير والابتكار، أكثر من البرامج المستخدمة راهناً. ويتوقع أن يترك هذا البرنامج أثراً هائلاً في الخليوي وصناعته. والمعلوم أن الهواتف الخليوية ما زالت تحت سيطرة الشبكات التي تتصل بها، والتي تُحدد ما تستطيع تلك الأدوات أن تُنجزه إلى حدّ كبير. وتهدف خطوة"غوغل"إلى تغيير هذا المعلم لتنتقل الأولوية إلى البرامج الموضوعة في الخليويات. كما تهدف إلى جعل الهواتف النقالة وبرامجها مفتوحة أمام مُبرمجي المعلوماتية واختصاصييها. ومن المتوقع أن يُساهم"هاتف غوغل"في دفع شركات الخليوي الى الاتفاق على معايير موحّدة، ما يؤدي إلى انفتاح عالم الخليوي أمام عمل المُبرمجين، وخصوصاً إلى زيادة اقتباس خواص الكومبيوتر في الخليويات. وباختصار، فإن"هاتف غوغل"خطوة كبيرة نحو تحويل الخليوي فعلياً إلى كومبيوتر محمول، الأمر الذي يساعد على المزيد من التفاعل بين تلك الأجهزة والجمهور. وقد يسأل البعض عن سر حماسة"غوغل"، التي قد يبدو للبعض أنها"مُفاجئة"، للهواتف النقّالة وبرامجها؟ الأرجح أن السبب يتلخص في أن الملمح الرئيسي في التطور الراهن للخليوي تقنياً يتمثّل في زيادة تواصله مع الانترنت، حيث يكمن الرهان الرئيسي لشركة"غوغل"بنشاطاتها المتنوّعة. فمن المُلاحظ أن الموجة الحالية من"الهواتف الذكية"تُركزّ على تنامي قدراتها في العمل عبر شبكة الانترنت. ويُعطي خليوي"واي ماكس"، الذي أطلقته شركة"سامسونغ"أخيراً، مثالاً قوياً عن هذا الأمر. فمع قدرته على التعامل مع الاتصال اللاسلكي مع الانترنت عبر موجات الراديو العريضة"واي ماكس"، ينفتح عالم الانترنت، بما يحتويه من معلومات ومواد ترفيه واتصال شبكي متنوّع ومساحات لتخزين الملفات وغيرها، أمام الخليوي وجمهوره. هل بات مستقبل شركات الكومبيوتر ونُظُمه وأدواته، مثل"أي بي أم"وپ"توشيبا"وپ"ديل"وپ"لينوفو"وپ"تي دي كي"وپ"ماك"وغيرها، مُعلقاً بخيط تمسك أحد طرفيه شركات الخليوي مثل"سامسونغ"وپ"نوكيا"وپ"موتورولا"وپ"نيكستل"وپ"آبل"وپ"تي أند تي"وغيرها. ضرب المسافة بين هواتف الانترنت المستقلة والهاتف الخليوي، في سياق المنافسة المحتدمة مع الهاتف الثابت أيضاً. واستطراداً، فإن زيادة حضور الخليوي على الانترنت قد تجعله عنصراً أساسياً في المنافسة المحتدمة بين شركات المعلوماتية. وهكذا، باتت شركات الكومبيوتر في مواجهة مرحلة قد تنقلها إلى الصراع مباشرة مع شركات الخليوي. وقد لا يبدو غريباً، في هذا السياق، مُلاحظة أن شركة"مايكروسوفت"استبقت"خليوي غوغل"بإطلاق هاتف"سبرنت توتش موبايل فون"، الذي تصنعه بالمشاركة مع عدد من شركات الكومبيوتر. والأرجح أن الشركة هدفت إلى تحقيق نوع من"الضربة المزدوجة"بإطلاق هاتف"سبرنت توتش موبايل فون": الرد على التحدي الذي مثّله خليوي"آي بود"الذي هزّ الأسواق بقوة وأعاد إحياء صور المنافسة الضارية بين كومبيوتري"ماك"وپ"بي سي"وتوجيه ضربة استباقية لظهور"غوغل فون".