في كل يوم بعد عودتها من الجامعة، تمسك سارة هاتف المنزل وتدق رقم "التموينات الغذائية"، أو كما تسميها "البقالة". تلتف أسرتها حولها وتردد شقيقتها:"سيتأخر الطلب كعادتهم، ويا ليل ما أطولك". خادمة سارة تقف أمامها. وتقول"هل أحضر لك الطعام؟ سيتأخر الطلب!". سارة الخالدي 21 سنة طالبة، تحب شراء"بقالتها"، بعد عودتها من الجامعة، وقبل أن تقرر الاتصال في كل يوم، تتمنى أن يبدأ البقّال أو محل البقالة المجاور، في استخدام وسائل التقنية التكنولوجيا الحديثة، لحلّ مشكلة تأخر تنفيذ الطلبات، كما تعتقد. وقد صادفت سارة موقفاً محرجاً في احدى المناسبات التي أقامتها في منزلها."اتصلتُ بالبقالة كعادتي، وطلبتُ كل ما احتاجه لإتمام الحفلة، ووعدني بالحضور باكراً"، تقول. بدأت الحفلة، وتأخر الطلب، فشعرت بضيق صديقتها وشعرت بأنها ستوبخها."نظرتُ إليها، وابتسمتُ ابتسامة غير مرتاحة حيال هذا التأخر الإجباري"، تضيف واصفة موقفها المحرج. فاتصلت بالبقالة، لتوبخهم على التأخر الذي أدخلها في هذه"الدوامة". ولا تُعتبر حالة سارة فريدة من نوعها، لأن كثيرين يعانون مشكلة تأخر وصول طلبات"البقالة"إلى المنزل. وتجد الفتاة العملية أن تطوير علمية التوصيل عبر الانترنت"تلبي حاجاتها"، وتحل كثيراً من المشاكل التي تواجه منازل كثيرة. "التوصيل عبر الانترنت"، عبارة حديثة في المجتمع السعودي، ولدت من محاولات متفرّقة لتقديم الطلبات عبر الشبكة، قبل حين، تيسيراً لتوصيل الأغراض إلى المنازل، وتنظيماً لها، واستعجالاً لوصولها. والعملية لا تزال في بداياتها. والحق أن السيارة هي السبب في أغلب الأحيان. فما الذي يدفع سيارات التوصيل إلى التأخر؟"عدم وجود موظفين في البقالة، واعتمادهم على سيارة نقل واحده، وزحمة الطالبات في وقت واحد لأكثر من منزل". أسباب لا يمل العاملون في المحال من ترديدها، لأصحاب الطالبات عندما يتأخر طلبهم. وعلى رغم أن فكرة التوصيل عبر الانترنت ليست ناجحة كما يقول محمد عمر، وهو عامل في مركز تموين، يمكن القول إن التجربة جيدة، فحجم التوصيل اليومي يصل لأكثر من 150 منزلاً، في منطقة محددة. وهو الأمر الذي يسبب ضغطاً كبيراً على سائق التوصيل، وتأخر الطلب على المنازل يتجاوز النصف ساعة إلى الساعة، أحياناً. قبل أن يخطر على بال الطالب الجامعي ماجد القحطاني 25 سنة الطلب من البقال، يتساءل لو كان التوصيل عبر الانترنت كيف ستكون النتائج؟ وهل ستساهم في وصول الطلبات سريعاً؟ ويعلل:"ماذا عن الخسائر المادية لكل جهاز كومبيوتر داخل المحل". ويشعر ماجد بأن الخسائر ستكون أكبر من تأخر التوصيل، إذا لم يفكر المستثمر في تطوير طريقة تقديم الطلبات من طريق الإيميل، أو المحادثة الكتابية الماسنجر. لم تعد فكرة التوصيل عبر الانترنت تسيطر على تفكيره. ويردد العبارة نفسها التي تتكرر يومياً على ألسنة زملائه:"هل يستطيعون توفير الأجهزة، وإجراء الدعاية لها؟". تقول ريما العلي 25 سنة منتقدة فكرة طلب البضائع من طريق الإيميل، أو الماسنجر:"الفكرة غير مرضية، وليس لها أي نسبة من النجاح". بينما يذهب سالم عبدالله 30 سنة إلى القول:"أعمل في البقالة منذ ست سنوات، وأحياناً أجد صعوبة في طريقة التوصيل، بسبب ضغط العمل، وغياب السائق، وخاصة عندما تتعطل السيارة، ونعتذر حينها لجميع المشتركين لدينا عن عجزنا عن التوصيل". غير أن رغبته في الحصول على تطوير عملية الطلب وتلبيته جادة، ولكن لم تكن لديه صلاحية العمل بها. ويضيف:"لست قادراً على شراء جهاز كومبيوتر، ولا بد من توفير إعلانات لجميع المشتركين في التوصيل". "ليست لدي مشكلة في تأخير الطلبات، ولا أرغب في تطوير الخدمة"، هكذا يصف خالد السالمي 30 سنة، دورة عمله الخالية من المشاكل، ليمنع دخول التقنية إلى منزله، فضلاً عن أنه لا يتحمل أعباءها. ويقول:"أفضل أن يتأخر الطلب على دخول التقنية منزلي، لتبدأ مشاكل أكبر بكثير ومن نوع آخر. وهناك كبار في السن لا يجيدون استخدامها".