غيبت مواقع الإنترنت التفاعلية عادة خليجية قديمة توارثتها الأجيال عبر التاريخ وهي (المجالس العائلية) بعد تحول (الفيس بوك) إلى بديل عصري لأماكن التعارف والتواصل العائلي وأصبح (الصديق الإلكتروني) ربما أقرب من ابن العم والخال، بل وصل الأمر إلى مرحلة الزواج والطلاق الإلكتروني.. وحدِّث ولا حرح عن حالات (جرح المشاعر الإلكترونية) لأرامل ومطلقات الإنترنت. اختصار المسافات وترى سحر عبدالله أنها تبقي كل صفحات التواصل مفتوحة طول فترة جلوسها في المنزل؛ فالتقنية اختصرت الطرق وقرّبت البعيد بين الأصدقاء والصديقات في تبادل الصور ومعرفة الجديد عن كل الصديقات دون الحاجة إلى زيارات تقليدية. وتضيف: “تستغرب والدتي حين أتكلم عن إحدى صديقاتي وكأني كنت جالسة معها، فأقول إنها أرتني ما اشترته من أشياء، أو رأيت تسريحة شعرها الجديدة على الرغم من أننا لم نتقابل، فتستغرب لحكايتي”، مشيرة إلى أنها تلتقي مع صديقاتها القريبات والبعيدات اللاتي أجبرتهن الظروف على الانتقال للسكن في مناطق بعيدة ولا تشعر أبدا ببعد المسافة. على الموضة أما نادية أحمد التي تعرفت على قريباتها أكثر عن طريق صفحات الإنترنت فلا تخفي تعلقها الشديد بجهاز الكمبيوتر الخاص بها؛ لدرجة أنها لا تفارقه سوى دقائق معدودة في اليوم، وتقول: “حين كنت صغيرة كنا نجتمع أسبوعيا في منزل أحد من العائلة ونقضي طوال يومنا معا، إلا أن ذلك التواصل لم يكن له الدور الذي لعبته الإنترنت في التقارب؛ فإحدى قريباتي اللاتي كنت ألتقيهن بشكل أسبوعي أصبحت صديقتي المقربة عن طريق الإنترنت حيث نتواصل يوميا من خلال الماسنجر، والمنتديات المشتركة التي نشارك فيها معا، ومن خلال صفحة ال(فيس بوك) التي تتيح لها المشاركة في الألعاب الإلكترونية.. كل هذه الأمور جعلت تواصلنا معا يكون مختلفا عن مجرد تحية وسلام وأحاديث جانبية أشبه بالمجاملات. تواصل أسرع ويرى أحمد سالم الذي أنشأ له مجموعة خاصة بأصحابه لتبادل كل ما هو جديد من أخبارهم وخبراتهم وتجاربهم أن مواقع الإنترنت أصبحت الأسلوب الأسهل لدى الجيل الشاب والأكثر متعة، ويقول: “لم أكن أجد فرصة للعب مع أصدقائي، وكنا نتبادل السيديهات ونتكلم عن الألعاب دون أن يتعلم بعضنا من بعض أو نتبادل الخبرات، ولكن مع الإنترنت أصبح اللعب المشترك مع الأصحاب والمنافسة معهم من أسهل الأمور”، مضيفا: “تجمعنا مواقع إنترنت ودردشات بل تجمعنا دروس وحل واجبات من خلال مواقع الإنترنت”. الكمبيوتر سرقهم وعلى خلاف الأبناء فى التمتع بالصداقات الإلكترونية كبديل عن التقليدية، ترى أمهات أن الكمبيوتر سرق أبناءهن، وتشير أم عبدالله (أم لخمسة أبناء) إلى أنه نادرا ما يجلس معها أحد منهم، وتقول: “كل واحد منهم مشغول أمام جهازه في غرفته، تاركا بقية أفراد الأسرة”.. وتضيف: “الغريب أن أولادي عندما يتكلمون مع أخواتهم أو يطلبون منهن شيئا يكون عن طريق جهاز الكمبيوتر؛ فحتى أصواتهم لم يعودوا يستخدمونها من كثرة اعتمادهم على تلك الأجهزة”. وتسرد أم عبدالله موقفا من أكثر المواقف الغريبة التي مرت بها قائلة: “حين رأيت أبنائي وهم مجتمعون في الصالة وكل واحد مشغول بجهازه ولكنهم يضحكون في نفس الوقت ويتبادلون النظرات الغريبة، استفسرت منهم عما يحدث، فاكتشفت أنهم يتحدثون معا عن طريق الماسنجر، وشعرت حينها بأن أبنائي أصابهم شيء من الجنون وإلا لما تواصلوا كتابيا معا وهم جالسون في مكان واحد”.