استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في قصر الاليزيه أمس الزعيم الليبي معمر القذافي في مستهل زيارة تستغرق خمسة أيام وتثير جدلاً واسع النطاق، وانتقادات من داخل الحكومة الفرنسية نفسها. وهذه الزيارة الأولى للعقيد القذافي لفرنسا منذ 1973. راجع ص 4 وفي محاولة لتطويق الجدل والتخفيف من شأن الانتقادات التي صدرت عن عدد من الوزراء والمسؤولين في الغالبية اليمينية الحاكمة، عقد ساركوزي، عقب لقائه القذافي، مؤتمراً صحافياً أكد خلاله أنه يستقبل الزعيم الليبي كونه اختار نبذ الإرهاب والعدول عن السعي الى امتلاك السلاح النووي، ولأن التعاون الاقتصادي مع ليبيا من شأنه أن يؤمن لفرنسا عائدات بقيمة حوالي عشرة بلايين يورو وفرص عمل كبيرة. وكان القذافي وصل بعد الظهر إلى باريس آتياً من لشبونة. وكانت في استقباله في المطار وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال آليو ماري. وانتقل القذافي بعيد وصوله إلى قصر الاليزيه في سيارة مرسيديس بيضاء"ليموزين"توقفت به عند مدخل القصر، فترجل واجتاز الباحة سيراً على رغم المطر وعلى أنغام موسيقى الحرس الجمهوري الفرنسي، إلى أن بلغ المدخل الداخلي حيث كان ساركوزي في انتظاره. وتبادل الرئيسان الفرنسي والليبي التحية باقتضاب على مرأى من عدسات المصورين وكاميرات التلفزيون العربية والأجنبية. وفيما امتنع القذافي لدى خروجه من اللقاء عن الإدلاء بأي تصريح، قرر ساركوزي التحدث الى الصحافيين، ليوضح دوافع استقباله الزعيم الليبي قائلاً إنه"رئيس دولة قرر العدول نهائياً عن السلاح النووي ورئيس دولة قرر العدول نهائياً عن الإرهاب ورئيس دولة قرر تقديم تعويضات لضحايا"الاعتداءات الإرهابية. وأضاف أن القذافي"رئيس لدولة اختار الافراج عن الممرضات البلغاريات"وأنه"لو لم تقم فرنسا بما قامت به لبقيت الممرضات حتى الآن معتقلات"في ليبيا في قضية نشر فيروس الايدز. وعبّر عن اقتناعه الراسخ بأن على فرنسا"أن تتكلم مع كل من يريدون العودة الى الأسرة الدولية وتشجيعهم"، من دون ان يعني ذلك"عدول فرنسا عن قيمها وقناعاتها". وذكر انه أبلغ القذافي ضرورة"مواصلة التقدم على صعيد حقوق الإنسان بكل أوجهه"، وتساءل:"ماذا يمكن أن نقول للمسؤولين الايرانيين، إذا أدرنا ظهرنا لليبيين الذين تخلوا عن الارهاب والسلاح النووي؟". وعن اتفاقات التعاون والعقود المقرر ان تكون وقعت مع الجانب الليبي مساء، قال ساركوزي انها شديدة الأهمية، وتهدف الى تعزيز الميزان التجاري الفرنسي، وتفعيل نشاط المؤسسات الانتاجية الفرنسية، وفرص العمل فيها، من دون التضحية أو التنازل عن أي من المبادئ. وأشار رداً على سؤال إلى أن العقود مع الليبيين تشمل مصنع تحلية لمياه البحر، وشراء مفاعل نووي، وتعاون في المجال العسكري اضافة الى عقود اقتصادية مختلفة، لأنه من الضروري ان تفهم الدول انه لا يمكن ان يعامل بالطريقة نفسها من يختار العودة الى الدرب الصحيح، ومن يختار البقاء خارج الاسرة الدولية ومستلزماتها. وأقام ساركوزي مأدبة عشاء على شرف القذافي في قصر الاليزيه، حيث سيعود ويلتقيه مجدداً غداً الاربعاء.