انتقلت المواجهة الديبلوماسية بين الحكومتين المغربية والاسبانية حول مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين شمال البلاد إلى البرلمان والشارع، بعدما دعا نواب مغاربة ومنظمات غير حكومية إلى التظاهر اليوم عند معابر المدينتين المحتلتين في الطرف الواقع تحت نفوذ الرباط، فيما قلل رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ثاباتيرو من الأزمة، مشدداً على أن العلاقات مع المغرب"جيدة للغاية وستظل كذلك". ولفتت مصادر مغربية إلى تزامن التظاهرات ضد زيارة العاهل الإسباني خوان كارلوس للمدينتين المحتلتين واحتفاء الرباط بذكرى"المسيرة الخضراء"التي كان دعا إليها الملك الراحل الحسن الثاني في 6 تشرين الثاني نوفمبر 1975، احتجاجاً على موقف إسبانيا من قضية الصحراء الغربية آنذاك. ولم تستبعد أوساط رسمية في الرباط أن تكون التطورات في ملف الصحراء وراء الزيارة، خصوصاً أن"الحزب الشعبي الاسباني لم يكن ينظر بارتياح الى مسايرة الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا لطروحات مؤيدة لاقتراح المغرب منح أقاليم الصحراء حكماً ذاتياً، عدا أنه قبل على مضض الوساطة الأميركية في تعليق الخلاف بين الرباطومدريد حول مستقبل جزيرة ليل المحاذية لمدينة سبتة". وأشارت إلى أن"الحزب الشعبي يلتقي وأوساط عسكرية ومدنية متشددة في اعتبار التوجه المتوسطي للمغرب الذي تبلور أكثر في زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من شأنه أن يخنق الحركة الاقتصادية والتجارية في سبتة، خصوصاً مع إنشاء ميناء طنجة، إضافة إلى استئثار فرنسا بصفقات مع الرباط كانت مدريد تعول على أن تكون من نصيبها". لكن مصادر سياسية أكدت ل"الحياة"أمس أن المغرب"يفضل اللجوء إلى الحوار لتسوية المشكل مع الأصدقاء الاسبان". واستمر الضغط الرسمي الذي تمارسه الرباط، إذ أعلنت أن لقاء القمة بين رئيسي وزراء البلدين الذي كان مقرراً عقده قريباً"ليس مبرمجاً"، في إشارة إلى تعليق التعاون، أقله حتى حدوث تطور لمعاودة بناء الثقة. وفي الإطار ذاته، يأتي قرار لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب تنفيذ اعتصام أمام السفارة الاسبانية في الرباط اليوم بالتزامن مع بدء زيارة العاهل الاسباني، وهو قرار لافت كونها المرة الأولى التي تدخل فيها المؤسسة التشريعية على خط المواجهة بهذا المستوى. ويعقد مجلس النواب المغربي مساء اليوم جلسة طارئة في حضور رئيس الوزراء عباس الفاسي للتعبير عن الاستنكار الشديد للزيارة. ومن المقرر أن يقدم رؤساء الكتل النيابية في المعارضة والموالاة مداخلات تعكس استياءهم من دلالات الزيارة وأهدافها وتوقيتها. ودعا مجلس المستشارين الغرفة الثانية في البرلمان رؤساء اللجان والكتل النيابية إلى اجتماع طارئ. ونفذت تنظيمات غير حكومية أمس تظاهرة احتجاجية في مدينة تطوان التي لا تبعد أكثر من 30 كلم من سبتة على الشريط الساحلي. وفي مدريد، ا ف ب سعى رئيس الوزراء الاسباني إلى التقليل من تبعات الازمة. وقال في تصريحات صحافية إن علاقات اسبانيا مع المغرب"جيدة جداً وستظل جيدة جداً". وأوضح أنه لن يدلي"بأي تعليق حول رد فعل"الرباط على زيارة العاهل الاسباني سبتة ومليلية. لكنه قال إن"الملك والملكة سيتوجهان إلى المدينتين، وسيؤكدان لسكان سبتة ومليلية حرصهما عليهما".