تقطن ام ياسر 45 عاماً وعائلتها منذ اكثر من ثلاثة اعوام تحت الجسر السريع في باب المعظم، وسط العاصمة العراقية، وتتخذ سقف الجسر مظلة لما تعتبره"منزلاً"شيدت جدرانه من القصب وسعف النخيل. ام ياسر، التي خط الزمن على وجهها خطوطاً اعمق بكثير من عمرها الحقيقي، لا تزال تذكر ذلك اليوم الذي غادرت فيه منزلها بعدما عجزت عن دفع إيجاره واضطرت الى السكن تحت احد الجسور حيث ساعدها شقيقها وزوج شقيقتها في تشييد مكان اقامتها الجديد. وتقول إن مرض زوجها وعجزه عن العمل دفعاها الى اتخاذ هذه الطريقة للسكن، لانها فقيرة ولا معيل لها سوى معاش ضئيل تحصل عليه من دار الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل يكاد لا يكفي لسد نصف نفقات عائلتها، كما انها لا تستطيع الخروج للبحث عن فرصة عمل بسبب حاجة زوجها الى رعايتها. وتضيف أم ياسر انها تعتمد على ولديها الصغيرين ياسر ومصعب في تغطية باقي نفقات العائلة، حيث يعمل الصبيان في احد المحلات القريبة من الجسر الذي تسكن تحته. عائلة ام ياسر واحدة من عشرات العائلات التي تقطن تحت جسور في بغداد وتعيش غالبيتها في العراء تقريباً من دون ادنى مستوى للخدمات الصحية. ويؤكد المسح الاخير الذي اجرته وزارة التخطيط ان اكثر من 1200 عائلة تعيش تحت الجسور في بغداد وضواحيها والطرق الخارجية التي ترتبط معها. ويشير الى وجود عائلات مهجرة بين سكان الجسور، لكنه يؤكد في الوقت ذاته ان كل العائلات هناك تعاني اوضاعاً معيشية وصحية سيئة دفعتها الى الانتقال الى مناطق اخرى وتشييد منازل صغيرة من الطين او الصفيح قرب الاحياء السكنية املاً في الحصول على الخدمات. وتشير احصاءات اخرى لوزارة الهجرة والمهجرين الى تناقص عدد العائلات التي تعيش بلا مأوى تحت الجسور بعدما شاع استخدام بيوت الطين وأحياء التنك في المناطق النائية في بغداد. ويوضح وزير الهجرة والمهجرين عبدالصمد رحمن ل"الحياة"ان غالبية العائلات المهجرة التي تسكن تحت الجسور لجأت الى هذه الأمكنة بعد تعرضها للتهجير خلال العامين الماضيين، لكنه قال إن عدد العائلات المهجرة التي تسكن تحت الجسور تناقص بشكل واضح خلال الشهور الاخيرة بعد انتشار ظاهرة بيوت المتجاوزين حيث فضلت تلك العائلات السكن في منازل بسيطة مصنوعة من التنك او الطين ومسقوفة بالاخشاب وتعتبرها منزلاً بديلاً من السكن تحت الجسور. ولفت الى ان ظاهرة سكن العائلات تحت الجسور انتشرت في منتصف تسعينات القرن الماضي في بغداد بسبب سوء الظروف الاقتصادية للعائلات التي تعيش دون خط الفقر الامر الذي دفع باتجاه انتشار ظاهرة"السكن تحت الجسور"مؤكداً ان بعض هذه العائلات طاولتها عمليات التهجير الطائفي وغادرت لتقطن تحت جسور اخرى في مناطق يتماثل سكانها مذهبياً.