نجت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو من الهجوم الانتحاري الأسوأ في تاريخ باكستان والذي حول احتفالات عودتها الى البلاد بعد ثمانية أعوام أمضتها في المنفى الاختياري، الى مشهد رعب في جادة كارساز الكبرى عند أطراف مدينة كراتشي، حيث سقط 139 شخصاً على الأقل، وجرح 400 آخرون. ونقلت بوتو سالمة بعيداً من الشاحنة التي أقلتها والتي نصبت عليها منصة، ثم الى مسكنها، في وقت سقط قوات أمن في 3 آليات رافقتها وسط مئات آلاف المؤيدين لها. وقال رحمن مالك، أحد معاوني بوتو الذي رافقها في الشاحنة، ان الانفجارات وقعت حين كانت تستريح داخل المركبة. وأشار قائد شرطة كراتشي أزهر فاروقي الى ان الهجوم اعد بدقة ونفذ باحتراف، و"بالتأكيد ليس من قبل مبتدئين"، علماً ان بوتو كانت رفضت تحذيرات بأن ناشطي تنظيم"القاعدة"وحركة"طالبان"قد يحاولون قتلها. وكانت السلطات نشرت حوالى 20 ألفاً من قوات الأمن لحماية بوتو لدى عودتها. وقال حاكم الإقليم ان"السلطات نصحت بوتو بأن تنهي موكبها بسرعة، نظراً الى ان التهديدات حقيقية"، لكن موكبها وصل الى موقع الانفجار بعد عشر ساعات من هبوط الطائرة التي أقلتها من دبي. ولاحقاً، أعلنت الشرطة انها عثرت على رأس المنفذ المزعوم للهجوم الانتحاري أمام الشاحنة التي أقلت بوتو، وعرضته على شبكات التلفزيون، حيث بدت ملامح الوجه واضحة ويمكن التعرف إليها. وفيما ألقى الهجوم بظلاله على الآمال بأن عودة بوتو بموافقة الرئيس برويز مشرف قد تضع حداً لأشهر من الاضطراب السياسي، اتهمت رئيسة الوزراء السابقة أنصار النظام العسكري السابق بزعامة الجنرال محمد ضياء الحق الذي أسقط عام 1977 والد بوتو رئيس الوزراء السابق ذو الفقار علي بوتو وأعدمه بعد سنتين، بالوقوف خلف الاعتداء المزدوج. وقالت بوتو لمجلة"باري ماتش"الفرنسية:"اعرف من يريد قتلي. انهم وجهاء نظام ضياء الحق الذين يؤججون التطرف والتعصب اليوم"، علماً ان زوجها آصف علي زرداري اتهم بعد الاعتداء مباشرة جهازاً استخباراتياً بتنفيذه، قبل ان يعلن مصدر مقرب من بوتو ان زوجها لم يقصد وكالة الاستخبارات التي يديرها الجيش. بدوره، وصف الرئيس الباكستاني برويز مشرف الاعتداء بأنه"مؤامرة ضد الديموقراطية"، ودعا الى الهدوء مؤكداً ان المسؤولين عنه"سيعاقبون". في المقابل، قال حاجي عمر، أحد قادة"طالبان باكستان"في إقليم شمال وزيرستان القبلي المحاذي للحدود مع أفغانستان:"وقعت أميركا اتفاقاً مع أميركا. وسنشن هجمات عليها، مثلما فعلنا مع مشرف". وفي واشنطن دان البيت الأبيض التفجير، مؤكداً انه"لن يسمح للمتطرفين بمنع الباكستانيين من اختيار ممثليهم عبر عملية حرة وديموقراطية"، في إشارة الى الانتخابات الاشتراعية المقررة مطلع 2008، في وقت أعلن حزب"الشعب"ان زعيمته بوتو ستبقى في باكستان لتقود الحزب في الانتخابات. وقال السيناتور صفدار عباسي من حزب"الشعب":"سنواصل معركتنا من اجل الديموقراطية وسنشارك في الانتخابات"، فيما يعتقد بأن بوتو توصلت الى اتفاق لتقاسم السلطة مع مشرف. وحض الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إسلام آباد على ضمان سلامة السياسيين قبل الانتخابات، فيما قال الاتحاد الأوروبي ان"مثل هذه الأعمال تهدد الانتخابات". ورأت استراليا ان الهجوم يحمل بصمات"القاعدة". كما أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون صدمته لوقوع الاعتداء، مشدداً على ضرورة توحد سياسيي البلاد. وأملت الصين بأن تحافظ باكستان على الاستقرار الاجتماعي، فيما وصفت كندا الهجوم بأنه"اعتداء مروع". وأعلن الرئيس الأفغاني حميد كارزاي ان الاعتداء يؤكد ضرورة مواصلة"الحرب على الإرهاب"، وأيد ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كذلك، دان الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني التفجيرات، مؤكداً ان بلاده تريد دائماً استمرار الهدوء والاستقرار والأمن في الدول المجاورة خصوصاً باكستان.