منذ أعوام، تنشغل تركيا في الحرب على "حزب العمال الكردستاني" الإرهابي. وخاضت حرباً دموية داخلية دامية وشرسة مع قوات هذا الحزب في المحافظات الجنوبية - الشرقية منذ 1984 والى 1999، وأودت الحرب القاسية والمدمرة هذه بحياة نحو 30 الف قتيل من الطرفين، وخلفت الدمار في عشرات القرى، لابستها تفجيرات في عدد من أبرز المدن السياحية التركية. وبعد انتهاء المعارك، انخفض التوتر بين"حزب العمال الكردستاني"وتركيا الى ادنى مستوياته. وعاد الى سابق عهده إثر شن"الكردستاني"هجوماً ارهابياً على الجيش التركي، وقتله 25 جندياً تركياً. وهذه الحوادث حملت الرأي العام التركي وبعض المسؤولين، على مطالبة حكومة اردوغان بشن هجوم عسكري واسع النطاق لمواجهة الأكراد على الحدود التركية، وداخل الاراضي العراقية. وأجاز البرلمان التركي للجيش التركي دخول الاراضي العراقية والقيام بعمليات عسكرية ضد"حزب العمال الكردستاني". ويبدو ان ثمة اجماعاً داخلياً تركياً على المواجهة العسكرية. ولكن بعض العوامل الخارجية تعوق المواجهة وتؤخرها. فالعراق يعارض توغل القوات التركية في أراضيه. وحذرت الولاياتالمتحدة الأميركية تركيا من دخول العراق. ولكن المسؤولين الاتراك اعلنوا انهم لن يستأذنوا أي دولة للهجوم على شمال العراق والاشتباك مع حزب ارهابي. ومن أسباب المعارضة الواسعة لحملة الجيش التركي على شمال العراق احتمال ان تتسبب في ارتفاع سعر النفط. فالعراق يصدر جزءاً من نفطه عبر خط جيحان الى الاسواق العالمية. وينقل، يومياً، هذا الخط نحو 500 الف برميل نفط الى خارج العراق، أي ما يعادل 0.6 في المئة من حاجات السوق العالمي . وفي الاشهر الاخيرة، فترت العلاقات بين واشنطن وانقرة. فالكونغرس الأميركي أصدر قراراً يدين المجازر المرتكبة في حق الارمن. وهدد المسؤولون الاتراك واشنطن بإعادة النظر في علاقات أنقرةبالولاياتالمتحدة اذا أقر مشروع القرار. والقوات الاميركية تدعم الانفصاليين الاكراد، وتدربهم وتمدهم بالسلاح شمال العراق. فالاسلحة التي يتركها مقاتلو"حزب العمال الكردستاني"وراءهم من صناعة أميركية. وهجمات الحزب الارهابي أسهمت في تقريب الجيش التركي والحكومة التركية بعد خلافات حادة. وتسعى واشنطن الى تحقيق مآرب في دعمها"حزب العمال الكردستاني"الارهابي. فالبيت الابيض يرمي الى افتعال ازمة في تركيا، وتقويض شعبية الحكومة الاسلامية، خصوصاً بعد الانتخابات الاخيرة. فأميركا تقلقها شعبية الاسلاميين في بلد علماني . والدعم الأميركي للانفصاليين الاكراد جزء من خطة قديمة تقضي بإثارة البيت الابيض الخلافات القومية والمذهبية في الشرق الاوسط لتبقى قواته في المنطقة وتصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية. ولا شك في ان تركيا يحق لها مواجهة"حزب العمال الكردستاني"الارهابي. ولا تكترث الولاياتالمتحدة الأميركية بالحق التركي. فهي تدعي محاربة الارهاب آن تقدم المساعدة لأحزاب لا تخفى طبيعتها الارهابية على احد ، وتسلح هذه الاحزاب. وعلى رغم هذا التناقض، لا تتوانى واشنطن عن وصف مؤسسة شعبية مثل حرس الثورة الاسلامية بالارهاب. وهذا الفصام يشير الى ان الأرهاب هو حصان طروادة أميركي يساعد واشنطن على اطالة بقائها في المنطقة. عن هيئة تحرير "حزب الله" الايرانية ، 23 / 10/2007