لا تمكن قراءة أحداث البصرة والتصعيد الأمني الأخير فيها إلا من خلال جملة تطورات، فالبصرة هي العاصمة التجارية وثغر العراق الباسم ونقطة الالتقاء مع المنطقة الخليجية، كما أنها تمتلك خزاناً مائياً ونفطياً وزراعياً وفكرياً وطاقات ابداعية، ناهيك بمقاومة البصرة ورفضها الوجود الاحتلالي البريطاني وقدرتها على ملء الفراغ، اضافة الى نجاح التجربة البصرية في احتواء العنف الطائفي حيث وقف الشيعة والسنّة في هذه المدينة العريقة لإفشال هذا المخطط وإسقاطه من القاموس اليومي للمدينة. كل ذلك لم يكن عاملاً مساعداً للقوى المتربصة كي تترك البصرة وشأنها، كما ان الحالة الجديدة والميليشيات وأصحاب النفوذ وصراع القوى بسبب ظروف الاحتلال وغياب السلطة المركزية ووجود جيوب من بقايا النظام ودخولها في المعترك السياسي، فاقمت الوضع الأمني ودفعت بعض الجهات الى محاولة ارباك الوضع الداخلي. ان القوات الأميركية التي أعلنت تسليم الملف الأمني في البصرة الى السلطات العراقية لا يمكنها أن تقوم بمبادرة لملء الفراغ في البصرة في ضوء القرار الذي ذكرناه، لكنها ومن أجل بلوغ هذا الهدف كان لا بد لها من اللجوء الى ادخال البصرة في خضم التداعيات والاشتباك الداخلي وسحب البساط الأمني ليصبح في الامكان القول ان القوات الحكومية فشلت وأن المطلوب هو عودتها واستعادة قوات الاحتلال مجدداً السيطرة عليها، لا سيما مع ارتفاع أصوات طبول الحرب ضد ايران المجاورة إذ ترى بعض الجهات الأميركية ضرورة الاقتراب العسكري من مناطق الخزان النفطي الايراني حتى يكون في الامكان ادارة أي حرب ضد ايران بصورة فاعلة ومؤثرة. جهاد العيدان - بريد الكتروني