ركزت القمة المغربية - التونسية في طنجة على محور العلاقات المغاربية وسط جهود يبذلها في هذا الإطار الرئيس زين العابدين بن علي. ولوحظ أن العاهل المغربي والرئيس التونسي لم يثيرا قضية الصحراء الغربية، وهي محور الخلاف الأساسي بين المغرب والجزائر. أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس جولة ثانية من المحادثات أمس في قصر طنجة مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وقالت مصادر مغربية إنها طاولت سبل تعزيز العلاقات المغربية - التونسية والرقي بالتعاون بين البلدين إلى مستوى "مواجهة تحديات العولمة". وأضافت ان موضوع انعقاد القمة المغاربية المؤجلة منذ سنوات كان ضمن القضايا التي بحثها الطرفان في ضوء مبادرة تونسية جديدة لإحلال الوفاق في منطقة المغرب العربي، خصوصاً أن تونس كانت طلبت من الرباط في وقت سابق الانضمام إلى مساعي البناء المغاربي بعد تعليق العمل بمؤسسات الاتحاد بسبب قضية الصحراء والعلاقات الجزائرية - المغربية. وتقول مصادر تونسية إن مساعي حكم الرئيس بن علي لا تندرج في نطاق "وساطة" بين البلدين، وإنما في سياق التزاماتها دعم البناء المغاربي. وكان لافتاً ان كلمتي العاهل المغربي والرئيس التونسي في حفلة العشاء الرسمي ليل الأربعاء - الخميس ركزتا على البعد الثنائي في علاقة البلدين، وأهمية البناء المغاربي باعتباره خياراً استراتيجياً، ورافداً لتقوية المفاوضات مع بلدان الاتحاد الأوروبي والمنظومة الأورو - متوسطية. وحرص الزعيمان على عدم إثارة قضية الصحراء التي دخلت منعطفاً جديداً بعد دعم مجلس الأمن اقتراحات الحل السياسي التي تنص على منح الصحراويين نوعاً من الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية. ورأت مصادر ديبلوماسية في ذلك افساحاً في المجال أمام المبادرة التونسية لرأب الصدع بين المغرب والجزائر، خصوصاً أن العلاقات بين الجزائر وليبيا تعززت في الفترة الأخيرة بعد انضمام "الجمهورية الصحراوية" إلى الاتحاد الافريقي بإلحاح من الجزائر التي يُزعم أنها اشترطت ذلك في مقابل دعمها قيام الاتحاد، واعتبرت الرباط الموقف الجزائري مناقضاً لروح الاتحاد المغاربي، خصوصاً أنها انضمت إلى جانب تونس إلى تجمع بلدان الساحل والصحراء، تلبية لطلب ليبي. لكن الرئيس التونسي جدد دعم بلاده موقف ليبيا في أزمة لوكربي ورفع الحصار نهائياً عنها. ووصفت مصادر مغربية وتونسية مطلعة قمة طنجة بأنها كانت "ناجحة". وقال رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي عقب اجتماعه أمس مع الرئيس بن علي: "إننا نتعامل بصراحة وجرأة ولا نصوغ القرارات فقط، وإنما نقر آليات تنفيذها". ورأى أن تمتين العلاقات الثنائية بين الدول المغاربية من شأنه أن يعزز البناء المغاربي على رغم الصعوبات التي تواجهها المنطقة. واجتمع الرئيس بن علي كذلك مع رئيس مجلس النواب السيد عبدالواحد الراضي والمستشارين السيد مصطفى عكاشة، وعرض معهما تطورات قضية الصحراء والجهود المبذولة لجهة إقرار "حل سياسي"، إضافة إلى تنسيق المواقف بين المؤسسات النيابية بين البلدين. وحرص العاهل المغربي على إبداء مظاهر حفاوة بالغة بالرئيس التونسي. واصطف مئات الرعايا المغاربة للترحيب بالضيف التونسي الذي استقبل بأهازيج رددتها فرق فولكلورية تمثل مناطق البلاد، خصوصاً المحافظات الصحراوية. وكن لافتاً أن جل اللافتات المنتشرة عبر شوارع طنجة ركزت على "المحور المغربي - التونسي"، بيد أن زيارة بن علي إلى طنجة جاءت بعد عام على زيارة مماثلة للمدينة نفسها قام بها الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع. إذ ترمز المدينة إلى خطة ربط الطرق بين المغرب وبلدان افريقية عدة في سياق مشروع طنجة - لاغوس. وكان المغرب بدأ في تنفيذ طريق جديدة تربط جنوبالمحافظات الصحراوية بالشمال الموريتاني على رغم تحفظات جبهة "بوليساريو"، وسيقوم العاهل المغربي بزيارة رسمية لموريتانيا في خريف السنة الجارية.