يسدل الستار اليوم، في قصر الإمارات بأبوپظبي على مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي نظمته هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث في الفترة من 14 وحتى 19من الشهر الجاري بعد أن حجزت أبو ظبي لها مكاناً بارزاً على خريطة مهرجانات السنيما العربية والعالمية، ولتخطو خطوة جديدة ونوعية في تكريس نفسها عاصمة للثقافة العربية من خلال سلسلة الأعمال الابداعية التي أقدمت عليها في مختلف الأنواع والفنون الثقافية ومن أبرزها استقطاب متحف اللوفر ومتحف جوجنهام لفتح فرعين لهما في أبو ظبي واطلاق"جائزة الشيخ زايد للكتاب"وپ"جائزة أبوظبي للرواية العربية"وإطلاق برنامج"شاعر المليون"وبرنامج"أمير الشعراء"إضافة الى اطلاق الكثير من المبادرات والمعارض الفنية والحفلات الموسيقية. وقد أعلن الشيخ سلطان بن طحنون رئيس مجلس ادارة المهرجان ورئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في حفل الافتتاح الذي حضرته كوكبة كبيرة من نجوم الفن والسينما العرب والأجانب، قائلاً:"يسعدنا أن نرحب بكم اليوم في أبوظبي العاصمة الثقافية للشرق الأوسط وإحدى أروع المدن في العالم، لنلتقي في هذه الأمسية التاريخية المنتظرة التي نعلن من خلالها انطلاق الدورة الأولى من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي". تاريخ السينما وبدأ الحفل بالعرض الذي قدمه أوتس سالد وفرقته مختزلاً تاريخ السينما في العالم من خلال طفل إماراتي ظهر على المسرح يحمل ملامح دولة الإمارات العربية ويقوم بتشغيل آلة عرض سينمائية لتكون البداية من الأفلام القديمة، حيث بدت شاشات العرض تستحضر على مساحاتها عدداً من اللقطات السينمائية، تصاحبها مجموعة من الاستعراضات التي تتناسب مع ما يقدم من لقطات مثل"ذهب مع الريح"وپ"كارمن"وپ"صوت الموسيقى"وپ"العراب"وغيرها من أفلام غربية، إلى جانب عدد من الأفلام العربية، مثل"المهاجر"وپ"باب الحديد"وغيرها. وهكذا أوضحت اللقطات أن السينما قدمت عبر تاريخها مواضيع عدة مثل الحرب والحب والتاريخ وغيرها من أمور عكستها عبر تاريخها الطويل. وانتهت الاستعراضات التي قام بها محترفون تميزوا بملابسهم المختلفة التصاميم والألوان بإعلان الطفل الإماراتي عن انطلاق المهرجان في دوراته. واستضافت أبو ظبي أثناء المهرجان"مؤتمر تمويل الأفلام"حيث تمت دعوة رجال الأعمال العاملين في قطاع السينما من كل أنحاء العالم للبحث عن فرص للاستثمار في الفن السابع. وأكد الشيخ سلطان بن طحنون قائلاً:"إن هذا الحدث السينمائي العالمي المهم سيوفر، وبالتعاون مع صندوق دعم الأفلام وأكاديمية أبو ظبي للسينما ولجنة صناعة الفيلم، مجالاً واسعاً من التدريب والخدمات والحوافز لجذب صناع الأفلام". ورحبت نشوة الرويني رئيسة المهرجان في الافتتاح، بكل المبدعين من 38 دولة يمثلون القارات الخمس وقالت إن"هذا المهرجان يشكل مناسبة أيضاً للاحتفال بمئوية السينما المصرية، وبمرور 60 سنة على استقلال الهند وبعيد الميلاد الماسي 75 سنة لفنان السينما الإسباني العالمي كارلوس ساروا. ونتذكر رائد السينما الإفريقية الأديب والمخرج السينمائي السنغالي عثمان سمبين الذي رحل عن عالمنا في حزيران يونيو الماضي، ونرحب أيضاً بدول مجلس التعاون الست، التي يعرض لها 17 فيلماً ونعتز بأن يكون مهرجاننا أول مهرجان يعرض أفلاماً من كل دول مجلس التعاون". كما رحبت الرويني بالمبدعين الإماراتيين بقولها:"نرحب بمبدعي دولة الإمارات العربية المتحدة، الذين يجتمعون معاً تحت شعار المهرجان، فالفنان الإماراتي هو الذي سيصنع تاريخ السينما الإماراتية وصناعة السينما الجديدة المنطلقة من أبو ظبي... وإننا نعلن مولد صفحة جديدة في عالم السينما في العالم، بعد انتظار طويل دام أكثر من مئة سنة". فيلم الافتتاح وقد افتتح المهرجان بفيلم"التعويض"الذي أخرجه جو رايت، وقام ببطولته كيرا نايتلي وجيمس ماكوفي وفانيسا ريد غريف. وكان سبق عرضه في افتتاح مهرجان فينسيا 2007 وفي مهرجان تورنتو 2007. تدور أحداث الفيلم في العام 1935، حيث تعيش بريوني تاليس، ذات الثلاث عشرو سنة، وسط أسرتها شديدة الثراء، في المنزل القوطي الفيكتوري الضخم، وفي يوم من أشد أيام الصيف حرارة تقوم سيسيليا، والتي تكبر بريوني بعشر سنوات، بالاستحمام في نافورة حديقة المنزل، وتشاهد بيروني شقيقتها سيسيليا تتعرض للغزل من قبل روبي تيرنر، ابن خادمتهم المتخرج في جامعة كامبريدج، وتسيء بيروني فهم الموقف، وتتسبب في عقاب روبي في جريمة اغتصاب لم يفعلها، وتمر السنوات وتغير الواقعة مجرى حياة الثلاثة، وتستمر قصة الحب بين روبي وسيسيليا، لكنها تنتهي نهاية مأسوية، وتكبر بريوني وتصبح روائية في السبعينات من عمرها بنهاية القرن الماضي، لكن على رغم عملها كروائية، فإن محاولتها التكفير عن ذنبها وتعويض روبي وسيسليا باءت بالفشل. وبعد عرض فيلم الافتتاح هذا، توجه الحضور إلى مكان الحفل التراثي، الذي مزج بين مختلف الفنون والانتماءات لحضارات الشرق والغرب. واستقطب المهرجان في دورته الأولى 80 فيلماً من 38 دولة في مقدمها فيلم الافتتاح"التعويض"المقتبس عن رواية الكاتب الإنكليزي إيان ماكوين. وتوزعت هذه الأفلام على فئات عدة ومن بينها 12 فيلماً طويلاً إلى جانب الأفلام الوثائقية ومسابقة الأفلام القصيرة التي تنافس عليها 18 فيلماً. كما تم عرض خمسة أفلام أخرى وهي:"لست هنا"وپ"صور مطموسة"وپ"التملص"وپ"طرق متقاطعة"وأخيراً"في وادي إيلاه". كما احتفل المهرجان بالمخرجات العربيات، وكانت البداية بعرض فيلم"ليلى البدوية"وعرض المهرجان أيضاً مجموعة من الأفلام الفائزة بمسابقة أفلام من الإمارات. وقال محمد خلف المزروعي المدير العام لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث أن المهرجان، وكسائر المهرجانات العالمية، ضم عروضاً تتنافس على عدد من الجوائز وأخرى خارج إطار المنافسة الرسمية، وغيرها من الفعاليات الفنية والفكرية المُصاحبة، إلا أنه تميز بتفرده عن غيره من المهرجانات وذلك كونه يتضمن عدداً من النشاطات التي تنظم للمرة الأولى وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أن مشاركة أكثر من مئة فيلم من ثماني وثلاثين دولة عربية وأجنبيةپ في المهرجان يبشر بانطلاقة متميزة نأمل بأن تجعله في المستقبل محطة رئيسية لتقديم عروض أولى للأفلام العربية والعالمية، واستقطاب صُناع الفيلم السينمائي بكل انتماءاتهم وتياراتهم الفكرية والفنية، وتوسيع الآفاق أمام إنتاج مزيد من الأفلام وذلك من خلال مؤتمر تمويل الأفلام الذي ينظم للمرة الأولى على هامش مهرجان سينمائي ويضم روّاد وخبراء صناع السينما في العالم من إنتاج وتسويق وتوزيع، والذين سيقومون بعرض تجاربهم ووجهات نظرهم حول مصادر تمويل الفيلم. تنوع ونوّه المزروعي بالتنوع الكبير الذي تضمنه برنامج المهرجان إذ تألف من عشرة أقسام فيها العروض الخاصة، ومسابقات الأفلام الطويلة والقصيرة، ومسابقات خاصة بالطلبة، إضافة إلى الاحتفاء بالسينما المصرية والهندية والخليجية، كما احتفى المهرجان بأفلام المخرجات العربيات بتخصيص عروض خاصة لأفلامهن، وهذا"حدث ينظم للمرة الأولى ضمن مهرجان سينمائي عربي". وأكد المزروعي أن الاهتمام بالسينما ينبع من الاعتراف بواقع أهميتها وموقعها في أي مشروع ثقافي، ولا يكتمل مشروع أبو ظبي الثقافي بآفاقه المستقبلية، والمنفتح على الآخر إلا بحضور بارز للفن السابع الذي بات يشكل أحد أضلع الثقافة المعاصرة، وقال:"إن مهرجان الشرق الأوسط السينمائي يمثل خطوة مهمة وأساسية على هذا الطريق الطويل ومن هذا المنطلق جاء تأسيس أكاديمية للسينما في أبو ظبي بالتعاون مع أكاديمية نيويورك للفيلم، والتي ستحتضن المواهب الشابة محلياً وعربياً وتقدم لهم الخبرات اللازمة وفقاً للمعايير العالمية المتعارف عليها والتي تشمل كافة عناصر الفيلم السينمائي، كما سيؤسس في أبوظبي مركز لصناعة الأفلام والذي سيعمل على استقطاب المنتجين السينمائيين من أنحاء العالم كافة، وذلك بما سيوفره لهم من بيئة داعمة لإنتاج أفلام". ردود فعل وقد أثار المهرجان السينمائي في أبو ظبي ردود فعل في أوساط الفنانين والنقاد والصحافيين جاءت لتصب في معظمها في خانة الاعراب عن الاعجاب بالمستوى الذي ظهر به المهرجان في دورته الأولى، مع عدم اغفال بعضهم الاشارة الى غياب النجوم العرب والأجانب عنه، وذلك على رغم أن بعض النجوم العرب والعالم قد حضروا في اليومين الأخيرين للمهرجان للمشاركة في الحفل الختامي، والاشارة الى أن التنظيم كان يمكن أن يكون في شكل أفضل... إضافة الى ما أثارته بعض الأفلام من جدل واسع في أوساط المشاركين في المهرجان والنقاد والصحافيين. فقد أثار فيلمان عربيان عرضا في المهرجان قدراً كبيراً من الجدل، لطبيعة القضايا التي يتعرضان لها ولمضمون الطرح نفسه الأول هو الفيلم المصري السويسري المشترك"سلطة بلدي"والثاني الفيلم العراقي"عبور من الغبار"... والاثنان يتابعان رحلة طفلين صغيرين في مواجهة قضايا معقدة للغاية تتداخل فيها صراعات التاريخ والجغرافيا، بما يتجاوز بكثير قدرتهما على الفهم.. لكن مصيرهما، تتحكم فيه بصورة مباشرة تلك الصراعات بكل ما تنطوي عليه من شراسة وتعقيد. في الفيلم الأول يتكشف العالم من حول الطفل نبيل عن خليط عجيب من التداخلات بين الأديان، فهو مصري من عائلة ذات أصول يهودية ومسيحية، لكن المشكلة، في الفيلم، تكمن في رحلة مخرجته نادية كامل - عمة الطفل - صوب تاريخ العائلة الذي يقودها هي والأسرة والفيلم كله إلى إسرائيل. وقالت المخرجة في معرض دفاعها عن فيلمها:"حققت هذا الفيلم لأنني لم استطع التغاضي عن إنسانيتي، بغض النظر عن المواضيع السياسية والعامة، وانطلقت هنا من هذه المسؤولية الإنسانية في قول الحقيقة المتعلقة بأصول عائلتي،من دون الخوف من التبعات والعواقب، وعندما فكرت في تنفيذ الفيلم، لم أتخيل أبداً أن أصل مع عائلتي إلى داخل الحدود الإسرائيلية، حيث فوجئت بقسوة الحنين الذي داهم والدتي لماضيهاً. أما الفيلم العراقي الذي أخرجه الكردي شوكت أمين كوركي فهو يتابع رحلة طفل شاء القدر أن يكون اسمه صدام، لتبدأ مشاكله مع اندلاع الحرب في العراق عام 2003. وبعض الذين حضروا عرض الفيلم أمس قالوا إنه يعكس وجهة نظر عرقية ضيقة للغاية من القضية العراقية والتطورات الجارية منذ بدء الحرب.