«الشؤون الاقتصادية»: إنهاء برنامج الاستدامة المالية أحد أول برامج تحقيق رؤية 2030    الرئيس الألماني يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه أمير المنطقة    الدولار يرتفع.. مع بدء سريان الرسوم الجمركية على الصين    الشركة ترفع حصتها في السوق الى 10%: تسوشو جمجوم للتجارة تطلق جيلاً جديداً من شاحنات "فاو FAW" في السوق السعودي    مقتل جنديين إسرائيليين.. الضفة الغربية تغلي    أمانة القصيم تشارك في حملة "لنترك أثر" لتعزيز الوعي البيئي    وفاة المهندس أحمد العيسى بعد رحلة عطاء والعناية بمساجد الطرق بالمملكة    الشرع: لقاء ولي العهد يؤسس لبداية علاقة إستراتيجية    «الجوازات» تصدر 18,838 قراراً إدارياً بحق مخالفين للأنظمة    أوغندا.. «الصحة العالمية» تبدأ تجربة لقاح ضد «الإيبولا»    مستقبل أجمل للعالم العربي والعالم    علماء يطورون نوعًا من الخرسانة يمكنه إذابة الثلوج من تلقاء نفسه 3    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على بعض المناطق    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    مغنية تبكي بسبب «أوزمبيك».. وتحمله سبب ترقق العظام    5 علامات للشامات تثير شبهة السرطان    «التأمينات»: ل«المنشآت»: أيام وتنتهي مهلة الإعفاء من الغرامات    3,000 سعودي وسعودية يشاركون تطوعاً في «برنامج أمل» لمساعدة السوريين    محكمة جدة تسقط دعوى مواطن لسكوته على عيوب «شقة تمليك» أكثر من عام !    متنزه المغواة    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    في الشباك    الزعيم يواجه برسبوليس الإيراني في «نخبة آسيا»    الأهلي يتصدر.. والنصر «يتمخطر»    اتهامات الدفع الرباعي في دوري روشن    السائقة السعودية أرجوان عمار: مشاركتي في رالي حائل زادت قدراتي التنافسية    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    600 مليون ريال لتطوير وتنمية المنطقة الشرقية    ارتفاع حجم الإنفاق عن طريق نقاط البيع بنهاية عام 2024م    توقيع ست مذكرات لوقف الشفاء بالمدينة    مدير تعليم الطائف: تطبيق الاستثمار في التعليم يحقق المستهدفات    البيتزا تقتل سيدة حامل    تتعاطف مع قاتل ابنتها وتدعم براءته    أمانة جدة تصدر وتجدد 6,043 شهادة صحية خلال شهر يناير الماضي    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    بصرك اليوم حديد    العداوة المُستترة    سمعًا وطاعة والتزامًا بالقرار الحكيم    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    عائدون من جحيم النزوح    المملكة والهند تعززان الاستثمارات الصناعية    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج الملك للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير الجوف يستقبل قائد حرس الحدود    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الوصل    موعد مباراة الهلال وبرسبوليس الإيراني    «التخصصي» يُصنَّف 15 عالمياً    موانع الحمل ثنائية الهرمون    الشرع: لقاء الأمير محمد بن سلمان يؤسس لعلاقة إستراتيجية بين السعودية وسورية    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    مفوض الإفتاء في جازان: اللحمة الوطنية واجبٌ ديني ومسؤولية مجتمعية    رئيس الوزراء الصومالي يصل جدة    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيون وآذان
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2007

أكتب صباح السبت وكل الأخبار يرجح إعدام برزان التكريتي، مع عواد البندر، صباح اليوم الأحد، وبرزان هو المسؤول الوحيد في نظام صدام حسين الذي كان لي اتصال به، فرضا الله ورضا الوالدين جعلاني أبتعد عن النظام في العراق على امتداد عملي الصحافي عبر عقود، وجاء احتلال الكويت ليكرس القطيعة، فقد وجدت شعباً بكامله، ولي فيه أصدقاء وأحباء، يلغى بين ليلة وضحاها.
كنت رئيس تحرير"الديلي ستار"في بيروت في أوائل السبعينات عندما جاءني مدير وكالة الأنباء العراقية في بيروت من أسرة أو عشيرة الجبوري، الا أنني لم أعد اذكر اسمه الأول وطلب ان تساعد جريدتنا الوكالة في مشروع لإعداد الأخبار باللغة الإنكليزية. واستضفنا أربعة محررين - مترجمين عراقيين علمناهم كيف يكتب الخبر بدءاً بأهم ما فيه، ثم فقرة مساندة يتبعها نص، وانتهاء بفقرة كخلفية لإغلاق الموضوع، وهو ما تعلمت خلال سنوات عملي في وكالة رويتر رويترز الآن.
في تلك الأيام كان النظام العراقي يصفي أعداءه، واعترضت على قتل رجل على باب بيته أمام زوجته وأولاده، وأصر مدير الوكالة، وكان حزبياً ملتزماً، على أن لا قيمة لشخص واحد مقابل حياة الثورة، ورددت بأن الثورة موجودة لحماية الناس لا قتلهم، وأصر على أن الثورة أهم من أبنائها، ونعرف الآن أن الثورة أكلت أبناءها.
كان من نتيجة هذا الاحتكاك الأول، وقبل أن يصبح صدام حسين نائب الرئيس ثم الرئيس، أنني رفضت كل دعوة لزيارة بغداد، ولم أزرها حتى اليوم، مع أن عندي هذه الأيام دعوة شخصية من الرئيس جلال طالباني يجددها مع كل لقاء جديد بيننا.
وزادت العلاقة الشخصية سوءاً بعد حرب الثمانينات مع إيران، وكنت رئيس تحرير"الشرق الأوسط"في لندن، وانتصرنا للعراق في البداية، إلا ان الفظائع المتبادلة جعلتنا نلزم الحذر. والنظام العراقي لا يترك المجال لعلاقة مستقيمة مع أحد، ومثل واحد يكفي، ففي بدء الحرب نشرنا صورة لإسقاط طائرة عراقية في إيران. واتصل الملحق العسكري العراقي بي ولم يجدني وكلّم الصديق عرفان نظام الدين، نائب رئيس التحرير في حينه، واتهمنا بأننا فرس ومجوس. وقال له عرفان انه لا يفهم سبب غضبه. فالقوات العراقية في بداية الحرب كانت منتصرة وتعمل داخل إيران، ورد الملحق غاضباً لماذا لم تقولوا انها طائرة إيرانية أسقطها العراقيون؟ هذا الملحق الذي كان يعمل في لندن لم يقدر ان الوكالة الدولية التي وزعت الصورة ستفضحنا لو فعلنا، وقد تقاضينا أمام المحاكم و"تبهدل شبابنا". وعرفان نظام الدين لم يسلم من الإيرانيين أيضاً، فقد اتصلوا به وقالوا ان الجريدة منحازة الى العراق، وهددوا بخطف ابنه، فاتصل بالشرطة البريطانية وكانت قضية.
أخذت بعد ذلك قراراً نهائياً بالابتعاد عن النظام العراقي، ولكن الأمور ساءت سنة 1990 قبل احتلال الكويت، وأنا هذه المرة رئيس تحرير"الحياة"في لندن، فقد خضنا، من دون قصد لأنني لن أدعي بطولة زائفة اربع مواجهات مع نظام صدام حسين وتلقينا تهديدات لا لبس فيها، بعد أن نشرنا بيان المعارضة العراقية في الخارج، واعترضنا على قتل الصحافي فرزاد بازوفت، ونشرنا مقالاً كتبه جلال طالباني، وأخيراً تعليقاً باسمي في 14/7/1990، أي عيد الثورة، هاجمت فيه الحاكم الديكتاتور من دون أن أسميه. واتصل بي الدكتور عبدالرزاق الهاشمي، سفير العراق في باريس، وقال: لا تفتكر حالك"الهيرالد تربيون"نحن نستطيع أن نصل إليك حيث كنت، وقلت له: أنت تهددني يا دكتور؟ وردّ: أنا صديقك وأحذرك.
وانقطعت العلاقة نهائياً بعد احتلال الكويت، فقد انتصرت"الحياة"بكل كتّابها المتفرغين والمساهمين للشعب الكويتي في محنته، وكان الناشر الأمير خالد بن سلطان قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات في حرب التحرير، وكان ما كان من الخفجي الى صفوان. وعندما ذهبت الى الكويت بعد التحرير قال لي الشيخ ناصر محمد الأحمد، رئيس الوزراء الآن ووزير الديوان الأميري في حينه، ان الزوار يقابلون ولي العهد، الا أن مقابلتي ستكون مع الأمير الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، تقديراً لجهد الأمير الناشر، ومواقف كتّاب"الحياة"، ورأيت الأمير في قصر بيان وكتبت عن حديثنا في حينه.
لم أعرف من العراق سوى كردستان، حيث لي أصدقاء كثيرون من مام جلال والأخ مسعود بارزاني الى شيوعيين محليين سابقين، ولم أعرف من المسؤولين العراقيين سوى برزان التكريتي بحكم إقامته في جنيف ممثلاً لبلاده لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة. قابلت طارق عزيز غير مرة، ولكن ضمن جلسات عامة.
هاتفني برزان التكريتي فجأة بعد حوالى سنة من تحرير الكويت، واعترض على ما اعتبره إهانات توجه في"الحياة"الى الرئيس العراقي، وقال انه يجب احترام مقام الرئاسة، وعدم التعرض للرئيس شخصياً. وقلت ان صدام حسين فقد هذه الصفة في عيون عرب كثيرين بعدما أصاب الكويت والموقف منه سياسي، وليس شخصياً.
لم يكن برزان التكريتي لطيفاً في الحديث أو ديبلوماسياً، إلا أنني نبهته الى أنني انتقدت باستمرار، وكنت دائماً على خلاف مع سياسة صدام حسين، ولم اضطر بعد احتلال الكويت الى الاعتذار عن شيء كتبته في السنوات السابقة، أو كتمه أو تبريره، فقد انتقدت منذ السبعينات وحتى الثاني من آب أغسطس 1990 والى اليوم، وهداني رضا الله ورضا الوالدين، كما قلت في البداية، فلم أتورط في تأييد نظام مستبد كما فعل صحافيون كثيرون في كل بلد، بما في ذلك الكويت، ثم اضطروا الى التراجع وإنكار ما كتبوا ولحس تواقيعهم.
على كل حال، الاتصال الأول مع برزان نفعني، فهو اصبح بعد ذلك يتصل وينقل اليّ أخباراً عراقية، أو أتصل به ويرد على أسئلتي. وكنت أعرف خلفية برزان التكريتي وسمعته في الاستخبارات، ووجدت انه تغير ولم يتغير، وبما أن الحذر في نفسي طبيعة ثانية فقد كنت أقارن بين ماضي الرجل وحاضره. وأكمل غداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.