السيد رئيس التحرير تحية واحتراماً، نشرت "الحياة" بتاريخ 14/1/1998 مقالة للسيد جهاد الخازن تحت عنوان "عيون وآذان" تطرق فيها إلى عقدة لباس الثوب العسكري عند مجلس قيادة الثورة العراقي، وذكر ان معظم اعضاء القيادة ليسوا عسكريين ولكنهم منحوا رتب عسكرية بأوامر من صدام. وتطرق السيد الخازن في آخر مقالته إلى امتداح برزان التكريتي لكونه يفضل الزي المدني، علماً أنه خريج كلية الدفاع الوطني لعام 1968. سبق ل "الحياة" أن نشرت مقالة للسيد الخازن دعا فيها إلى التخلص من حكم صدام وإبداله بأحد من أقاربه. وبالربط بين المقالتين يتجلى بوضوح ما هو الغرض من هذه المقالات ومن هي الجهة التي تروج لايجاد بديل صدام. إن مقالة السيد الخازن تثير العجب، فهل نسي ماذا عمل برزان بالعراقيين عندما كان مديراً للمخابرات، وهل ان معاناة الشعب العراقي من خلال ثلاثين عاماً من حكم العائلة التكريتية التعسفي لم يكن كافياً، لكي تستمر المعاناة أعواماً أخرى بإحلال برزان محل صدام. اعتقد ان الخازن يؤيد الاسلوب الديموقراطي في حكم البلاد وليس عن طريق تعيين أو تحديد شخص أو أشخاص مارسوا الإجرام ضد الشعب ومطلوبين لحكم العدالة في مستقبل الأيام. إن الشعب العراقي وحده هو صاحب الحق الشرعي في تقرير مصيره واختيار الحاكم الأفضل لحكم البلاد. أما عن حكاية تخرج برزان من كلية الدفاع الوطني، فالكل يعلم ان كل مؤهلات برزان هو أنه شقيق صدام من أمه، ولم يكن عسكرياً في حياته. دخل دورة المظليين بعد انقلاب 1968 في منطقة جلولاء وفشل في الدورة وفصل منها. أما مسألة خريج كلية الدفاع الوطني، فهذه الكلية يدخلها خريجوا طلبة الأركان ولكن صدام حسين قرر دخول اشخاص مدنيين إليها أيضاً، وهي عبارة عن دورة أمدها 9 أشهر يقدم الشخص فيها بحث فقط وليس فيها تدريب عسكري أو تدريس سلاح، وبالنسبة لبرزان قدم بحثه الذي كتبه له أشخاص آخرون واعتبر بعدها خريجاً شأنه شأن مئات المدنيين الذين منحهم صدام رتب عسكرية. إذا صح وان افترضنا ان برزان التكريتي كان عسكرياً، فهل يتصور الخازن ان برزان يجرؤ على سبيل المثال من حضور اجتماعات مجلس قيادة الثورة وهو بلباسه المدني؟ وهل يتوقع أحد ان يراجع برزان المصارف السويسرية في جنيف مرتدياً بزته العسكرية حين أوكلت له مهمة ايداع الأموال المنهوبة من الشعب العراقي وبتخويل من شقيقه صدام. كثرت في الآونة الأخيرة الدعوات المشبوهة للمصالحة مع النظام العراقي من جهات محسوبة على المعارضة العراقية ودول خليجية مجاورة بحجة رفع الحصار عن الشعب العراقي، لكننا لم نتوقع من "الحياة" ان تقدم تلميع صورة برزان لطرحه كبديل لصدام، وهذا ما يزيد من مأساة الشعب العراقي واستحالة استقراره وعودته إلى وضعه الطبيعي الذي كان عليه قبل تسلط صدام وعائلته على الحكم بالعراق. رئيس التحرير: أنا أشرت إلى السيد برزان التكريتي في سطرين، ورد القارئ برسالة في صفحتين اهملت مئة سطر في انتقاد النظام العراقي ومجلس قيادة الثورة لتركز على هذين السطرين. أولاً، لو امتدحت السيد برزان التكريتي لما أفدته البتة، ولو أيدته في تسلم الحكم لاعتبر هذا التأييد نقطة ضد السيد برزان. ثانياً، انا أسمع باستمرار ان السيد برزان التكريتي كان رئيس المخابرات، وفعل كذا وكيت، إلا ان هذا كان قبل 15 سنة، وقد ترك السيد برزان التكريتي العراق بعد ذلك وأقام في جنيف منذ 1987، حيث هو على اتصال يومي بديبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم، ويجب ان يحاسب على ما هو اليوم وليس على ما كان قبل سنة. ثالثاً، أجرىت مقابلة يتيمة للسيد برزان التكريتي فحمل هذا بشدة وجرأة على عدي صدام حسين، واتهمه بأنه لا صفة له سوى ابن الرئيس، وانه لم يقدم أي خدمة للحزب أو الثورة. ولم نسمع ان مسؤولاً عراقياً آخر تجرأ على التصريح بمثل هذا الكلام. رابعاً، وجدت باستمرار احتراماً من السيد برزان التكريتي للأكراد وفهماً أكبر لوضعهم، مع استعداد للتفاوض معهم. خامساً، أنا لم أزر العراق في حياتي، ولم تكن السياسة العراقية يوماً ضمن اهتماماتي الشخصية، ولكن أرى ان الشعب العراقي ضحية نظامه، وانه يجب استبدال النظام بغيره رحمة بشعب العراق. وأرى كذلك ان تغيير النظام من داخله أقل أنواع التغيير أذى للشعب العراقي، وأخشى من حرب أهلية تدمر العراق وتقسمه إلى دويلات. وأعرف ان معارضاً مثل القارئ السيد أحمد مراد سيرفض مثل هذا الرأي، إلا أنه رأيه ويصر عليه. وأخيراً، إذا كان صدام حسين على ذلك القدر من البطش الذي نسمع عنه، كيف يدخل أخوه دورة عسكرية ويسقط فيها. ألا يرى القارئ انه يناقض نفسه.