بعد رحلة عشر سنوات ونيّف وبعدما ودّع جمهور "خليك بالبيت" وضيوفه قبل أسبوعين يرفع الإعلامي زاهي وهبي هذه الليلة الستار عن برنامجه الجديد "أحلى الناس" مع ضيوف من مختلف مجالات الثقافة والفن والموسيقى والتمثيل والأدب بحضور ومشاركة طلاب جامعيين ينتمون إلى اختصاص الضيف. ويستهل لقاءاته الأسبوعيّة الليلة مع الممثل اللبناني رفيق علي أحمد في حوار لن يقتصر على جديده بل يوغل في الحديث عن بداياته. وإذا كان زاهي أراد لبرنامجه الذي عاش كل هذه السنوات أن يتوقّف أو يرتاح بهدوء وصمت كما يقول،"لأنني لا أحب الاحتفالية ولا الرثاء"، فإنه من حيث لا يدري أو يدري، أثار تساؤلات لا تتوقف عن أسباب توقف برنامجه بشكل مفاجئ، وإذا بالاحتفاليّة والرثاء يقعان لا محالة، يتقاسمهما مع أهل الصحافة والإعلام، فضلاً عن تساؤلات وتكهنات عن صحة ما قيل عن تعرضه لضغوط أدت إلى إيقاف"خليك بالبيت". ضغوط؟ ينفي وهبي تعرضه لضغوط، ويقول:"الفكرة مطروحة منذ ما قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري، غير أنني لم أتكلم في الموضوع عبر صفحات الصحافة، لأن ما دام البرنامج مستمراً على الهواء، فلا يجوز التحدث عن استبداله". ويضيف:"الأحداث اللبنانيّة كانت تمنعنا من القيام بالخطوة. وفي ما بعد توصلت في نقاش بيني وبين الإدارة، إلى تغيير البرنامج جذريّاً بدل اقتصار التغيير على الديكور والشكل، وخوفاً من أن نصل إلى مرحلة يستهلك البرنامج ذاته. هذا في وقت يستعد تلفزيون"المستقبل"لإطلالة جديدة شكلاً ومضموناً". وحول استضافة الممثل المصري حسن مصطفى المفترضة قبل أيّام من انتهاء البرنامج، وتأجّيلها حتى إشعار آخر، يجيب:"سأستقبل حسن مصطفى في"أحلى الناس"، لأن سفره إلى الحج، جعله يطلب تأجيل الموعد، فأخبرناه أننا بصدد تحضير برنامج جديد، وكان سبق لي إجراء حوار مع الدكتور كمال ديب خلال فترة الميلاد فكانت الحلقة الأخيرة". لكن ثمة من يعتبر أن ضغوطاً كانت وراء إيقاف البرنامج. ويجيب وهبي:"لا ضغوط ولا من يحزنون، هي مجرد تحاليل وتكهنات أكن لها الاحترام وأستمع إليها بإصغاء. القصّة كلها تختزل بالتغيير والتجديد ومواكبة الصناعة التلفزيونيّة والعصر والزمن، ولماذا أنتظر حتى يشيخ البرنامج لأوقفه، فليتوقف وهو في أوج نجاحه". ويعتبر زاهي أننا في"عقليتنا العربيّة، نؤمن بضرورة حصول طارئ ما ليعطل برنامجاً ناجحاً، ويكرر:"زوجتي رابعة الزيّات الإعلامية في قناة"أن بي أن على علم بالأمر منذ سنين وكذلك كان الرئيس الحريري، ثم لماذا يجب أن تبدو الأمور، وكأن زاهي لا يستطيع تقديم غير برنامج واحد، وأصبح أسير نجاحه؟". لكن الكلام عن إطلاق برنامج جديد واختتام آخر، ترافقه وعود بإعادة إحيائه بعد سنتين، غير أن وهبي يعتبر أن هذا ليس وعداً بل مجرد احتمال"، ويضيف أنه"آن الأوان ليرتاح البرنامج". وعن إمكان تغيير أدائه يقول:"ليس مطلوباً أن أخرج من جلدي، لأن جلدي هو الحوار الجدي الراقي المحترم، واحترام وعي الناس وعقول المشاهدين، مهما كان عنوان الحوار". ويلفت إلى أنه قدم"ست الحبايب"ولم يخرج عن هذا الاسلوب، ثم"من القلب"وقبلها"قرأت لكم"ضمن"عالم الصباح". وينفي وهبي أن تكون فكرة برنامج"أحلى الناس"مستوردة أو مشتراة، ويقول:"هي مستوحاة من البرنامج الأميركي"inside the actors show"، الذي يعرضه تلفزيون المستقبل، لكن الفكرة هنا معدلة ومطورّة، بمعنى أن"استديو الممثل"أكاديمي متخصص، يحصر استضافاته بالممثلين فقط، ويحضر طلاب التمثيل الجلسة. والاختلاف أن ضيوفنا سيتنوعون أكثر والطلاب سيتبدلون، بحسب اهتمامات الضيف واختصاصه، مع الإضافة التي لا أتخلى عنها وهي النكهة الشرقيّة التي تحمل عاطفة في التقديم وطرح الأسئلة ومقاربة الموضوعات، بعيداً من برودة وأكاديميّة التقديم الغربي في هذا النوع من الحوارات". ويتحدث وهبي عن النقاط المشتركة بين برنامجه السابق وبرنامجه اللاحق، فيعتبر أن الثابت في البرنامجين هو الحرص على مستوى الحوار، واحترام عقول الناس ووعيهم وعدم الانجراف إلى أي من أشكال الاستدراج المجاني أو إثارة قضايا لمجرّد الإثارة. أما عن الاختلاف بين البرنامجين فيلفت إلى ان"خليك بالبيت"كان يبث مباشرة على الهواء، في حين ان"أحلى الناس"، مسجّل. وهذا فارق جوهري وأساسي، إذ يسمح لنا التسجيل بإعداد الفقرات والمونتاج، واختيار أعمال الضيف بعناية، كما أن فريق الإعداد بات أوسع، ولدينا مندوب في مصر وآخر في الخليج". وعن وصف برنامجه الأوّل بالنخبوي والثاني بالشعبي، يشير وهبي إلى تبنيه تسمية البرنامج الإنساني، ويقول:"حصلت على شهادة تقدير من المركز الكاثوليكي للإعلام ذات يوم، على برنامجي الذي وصف بالإنساني. فالبرنامج الذي استضاف سعد الله ونوس وأدونيس ومحمود درويش وسعيد عقل، استضاف أيضاً سميرة توفيق وفهد بلاّن وهيام يونس ودريد لحّام، أي جميع أنواع المبدعين الشعبيين وغير الشعبيين، وهو باختصار ثقافي بالمعنى الواسع للكلمة، أوليست الأغنية والمسلسل من ثقافتنا أيضاً؟ ويكشف وهبي أن برنامجه فيه مساحة للمبدعين الشباب أمثال سعيد الماروق ونادين لبكي وأحمد السقّا وخالد النبوي وناسي عجرم. وبعد أسبوعين على إسدال الستار على"خليك بالبيت"، يعتز وهبي بأنه"تلقى دراساته العليا فيه، وشكّل له الجامعة الحقيقيّة". ويقول:"عشر سنوات استقبلت خلالها قامات إبداعيّة، تمتد من موريتانيا ولا تنتهي بفلسطين ولبنان وسورية". ويعتز أيضاً بضيوف لم يطلوا سوى في برنامجه ومن بينهم لور دكاش، نور الهدى، وداد، دلال الشمالي، سعاد هاشم، لميا فغالي، علياء نمري، عبود عبدالعال، فضلاً عن استعراض تجربة حياة كل من الرئيس الحريري والسيد حسن نصر الله حصراً". ولا يختم وهبي الحوار من دون أن يخفي مرارة الفراق، لكنه مقتنع بأن"لكل شيء نهاية". * "أحلى الناس" يعرض اليوم في الساعة 18.30 بتوقيت غرينتش