شاركت المذيع اللبناني زاهي وهبي مشاعره تجاه التلفزيون، وهو يحكي عن برنامجه الشهير خليك بالبيت بعد ثلاثمئة حلقة أعقبت حلقة الكاتب المسرحي الراحل، سعدالله ونوس، وهي الأولى، في حلقات البرنامج. وجاء ذلك في "الحياة"، الملحق الاسبوعي "سينما وفضائيات"، وكان مهما ان يكتب زاهي عن برنامجه على هذا النحو، وان يبحث في ذاكرته عن معنى التلفزيون. لم أشعر أبداً أنه كان مبالغاً في ما قاله. بل شعرت انه صادق ومتواضع، ويريد ان يكون كما هو من دون حاجة للظهور كنجم. فقد بسط المسألة الى انبهار طفل، ثم رفعها الى طموح انسان. ولم يقل عن نفسه انه مبدع، أو أنه أخرج الزير من البير. وأنا أقول، صراحة، أنه لولا زاهي وهبي لكنت شخصياً قاطعت مشاهدة شاشة "المستقبل" التي أخرجت برامج مثل ميشو شو وزين، والقمر ع الباب، في زمن تحرير الجنوب. وقد عاتبت الأخ زاهي، عندما شاهدته، على ما تفعله محطة "المستقبل": هل يعقل ان تكون هذه الشاشة تؤسس لالغاء كل صحوة وطنية، وتريدنا غائبين في وهج تبعية تعرينا، ولا تقدم ثياباً تناسبنا؟ برنامج خليك بالبيت وسيلة الثقافة التي تكاد تكون وحيدة أمام الغالبية العظمى من الناس. وقد أحسست، بعد عشرين أو ثلاثين حلقة شاهدتها من البرنامج، ان المشاهد يبدو أمام الشاشة وكأنه يقرأ كتاباً. وأحياناً يكون هذا الكتاب عميقاً، وأحياناً يكون سطحياً، ولكن كاتبه باستمرار انسان دؤوب نشيط، يؤسس لثقافة خاصة ببرنامجه، تتجه أحياناً نحو الشعر، لأن زاهي شاعر، وأحياناً نحو الثقافة والتاريخ، لأن زاهي مثقف بحكم انتمائه وظروفه وطموحاته، وأحياناً نحو الوطن، لأن زاهي مناضل جنوبي. ويفلت البرنامج منه ليتجه نحو ثقافة فنية، تفرضها نجومية الضيوف ولعبة دائرة الضوء. وكلما أفلت البرنامج على هذا النحو جد الصبي الطموح زاهي لاستعادة السيطرة، من خلال الحوار المسؤول. دمشق - عماد نداف