كثيرة هي المرات التي"خلاّنا"فيها زاهي وهبي في البيت، مع شعراء وفنانين وسياسيين واعلاميين كبار من الجنسين. ما يفسر كيف استطاع هذا الشاعر أن يكون إعلامياً مختلفاً،لا يفرض نفسه أبداً على ضيوفه ... والأهم، لا يفرض نفسه على المشاهدين. برفقة زاهي وهبي، يعرف الضيوف والمشاهدون انهم على برّ الأمان دائماً.... حتى إن واجهوا عواصف وزوابع وزلازل"تلفزيونية". برنامج زاهي وهبي"خلّيك في البيت"، خلاف غالبية برامج الحوار السائدة في الفضائيات العربية، يسوده الهدوء واللطف والاحترام والثقة بين الضيف والمضيف، فتنساب الأسرار غير المتوقعة والمعلومات... بطريقة بعيدة من الاثارة والفضائحية والضحكات"الرقيعة". زاهي وهبي ذكي، ليس فقط في أسئلته واسلوبه في الحوار، بل أيضاً في اختيار ضيوفه واختيار التوقيت المناسب لاستضافتهم. نعلم أنّ غالبية العرب، وخصوصاً من الفئات العمرية المتوسطة، عاشوا في رمضان مع"السندريلاّ"و"العندليب"عبر وجهتي نظر مختلفتين، في حكايتين منفصلتين ... تتلاقيان أحياناً ... وتفترقان في معظم الأحيان ... ليس في ما بينهما فحسب، بل مع الحقيقة والواقع أيضاً. كانت هناك تساؤلات لدى الذين شاهدوا المسلسلين الرمضانيين"هل هذا هو عبد الحليم حافظ؟ هل هذه هي سعاد حسني؟ هل هذه هي الحقيقة على الشاشة؟ من يستطيع أن يؤكد او ينفي... هل تخدعنا شركات الإنتاج التلفزيوني، وتبيعنا سيرتي حليم وسعاد مغلّفتين بالسيلوفان؟ لقد اختار زاهي أخيراً ضيفاً متميزاً، صديقاً مقرّباً للراحلين، جريئاً وصريحاً الى حدٍ مزعج أحياناً... لكنّ كلماته منحت شخصيتي عبد الحليم وسعاد حسني"التلفزيونيتين"بعداً انسانياً حقيقياً، بعداً كان مفقوداً في المسلسلين. وربما قال بعضهم، ان مفيد فوزي استغلّ صداقته للشخصيتين الراحلتين من أجل الظهور والكسب الإعلامي، وقال أشياء كثيرة ما كان يجب أن يقولها بحقهما... وربما قال آخرون العكس تماماً، وأيدوا موقف مفيد فوزي. أياً يكن الأمر، بدا مفيد فوزي صادقاً ومقنعاً في حديثه في شكل عام، عارفاً في شكل جيد ما يخوض فيه... ويسمح لنفسه بأن يستدرجه وهبي بأدب ودماثة كي يقول أشياء ربما كان عليه أن يتحفّظ في قولها. وفي الإجمال، فإن ما قاله فوزي كان مهماً وممتعاً وغنياً، كاشفاً عن شخصيتي عبد الحليم وسعاد حسني، مكملاً عمل كاتبي المسلسلين ومخرجيهما... ما أعطى المشاهدين الكثير مما كانوا يتوقون الى معرفته خلال ثلاثين يوماً من المتابعة التلفزيونية"الماراثونية"عن أسطورتين من أهم أساطير الثقافة الشعبية العربية المعاصرة.