الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    وزير الرياضة يوجه بتقديم مكافأة مالية للاعبي فريق الخليج لكرة اليد    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    إطلالة على الزمن القديم    أرصدة مشبوهة !    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"منعطف النهر" تدون عراقها ويومياته تحت الاحتلال ... فترى أشياء وتنسى أخرى
نشر في الحياة يوم 24 - 01 - 2007

أسهمت المدونة العراقية الشابة التي أطلقت على نفسها اسم "ريفيربند"، أو "منعطف النهر" في كتاب "بغداد تحترق"، وهي يوميات امرأة بغدادية غداة الحرب، في معرفتنا بالعراق فوق أي تحقيق صحافي. وقصتها بدأت صيف 2003، بعد خمسة اشهر تقريباً من بدء الحرب. فرسمت أوضح صورة عن حياة العراقيين. وفي أحد الفصول، تصف المدوّنة محاولاتها الدؤوبة في سبيل التغلب على الضجر الذي تملّكها وهي ترافق أخاها وابن عمها الى محطة الوقود لتملأ خزان السيارة. واستسلمت بعد ست ساعات من الانتظار، على قولها، فيما كان على الشابين الانتظار سبع ساعات إضافية ليحين دورهما. وتوثق"ريفيربند"في مدونتها تفاصيل نزهات التسوق، فتلاحظ تعاظم عدد المحجبات على نحو لافت. وتشرح صور تعامل الناس العاديين مع الظروف القاهرة، مثل تحوّطهم حين تعبئة خزانات المياه على السطوح. فتكتب:"جن جنون عمتي جراء اقتحام المنازل، والسلب والنهب ثم هدأت وقررت أنها لن تخبئ مصاغها هذه الليلة. وقالت ان علينا وابنتها لبسه. فوقفت فاغرة الفم، فمن يستطيع منع المقتحمين من سلبنا المصاغ؟ هل جنت؟ لا لم تجن. إن في وسعنا إخفاءه تحت ملابسنا وفي جيوبنا. ثم أرادت عمتي الاستحمام مساء. ولكنها خشيت أن يقتحم اللصوص المنزل فيما هي تستحم. وبعد تردد طويل ارتأت أن ترسل واحداً من الأهل إلى السطح ليرصد حركة المرور بالشارع. فإذا لمح مسلحين، أخطرها بهم ووسعها ارتداء ثيابها. وكانت الساعة تقارب العاشرة مساء ونحن جالسون من دون كهرباء، في أتم زينتنا. فلم يكن يرغب أحد منا في ان يفاجئه المسلحون وهو في ثياب النوم ... وأنا لم أكن ارتديت بيجامة نوم منذ ستة أشهر".
ونحن نكاد لا نعرف عن تدبر الناس الامور الحياتية غير ما يلامس منها الخطب السياسية والتغطية الإعلامية. وتقضي الدقة القول ان عمل"ريفيربند"مثقل بالمواقف السياسية. فهي معارضة متحمسة للاحتلال، وكتاباتها تنم بغضب وبرفض الوقائع الناجمة عن الاحتلال. وعندما تسمع أن القوات الاميركية تحارب"الإرهابيين"، تقول إن الحكومة العراقية التي نصبها الأميركيون تضم شخصيات بارزة في حزب الدعوة الإسلامي. والحزب هذا قام بأعمال تفجير أودت بحياة عراقيين كثر في الثمانينات. وعندما تقرأ أن واشنطن تريد نشر الديموقراطية بالعراق، ترد بأن حقوقها كامرأة تهدر كل يوم جراء تفاقم التطرف الإسلامي الذي ترعاه أحزاب يساندها الأميركيون.
المدونة تصم الأميركيين بالعار. وهي شابة تبلغ 27 سنة، وعملت مبرمجة كومبيوتر قبل الحرب، وتتقن الإنكليزية منذ ان قضت سنوات من طفولتها في الخارج. وهي تلم بثقافة أميركا ومقالاتها السياسية. فتقول إنها قد تسكن، هي والمحتل، بلداً واحداً، ولكنهما لن ينفكا مقيمين في عالمين مختلفين.
وفي نهاية أيار مايو 2003 خاض صحافيان من"واشنطن بوست"تجربة لافتة. فرافق مراسل وزارة الدفاع الاميركية الرسمي، توماس ريكس، القوات الاميركية في دورياتها حول أحياء بغداد. ولحقه زميله، أنتوني شديد، سيراً على الأقدام، واستطلع آراء المارة. فقال جندي من لويزيانا لريكس:"الناس هنا كلهم يحبوننا". وأما شديد فكتب"على الناصية وقف رجل اسمه محمد ابراهيم، فيما دخل عشرة جنود، معهم توم، منزله. فوصف الرجل الثلاثيني الاحتلال الأميركي بالمخزي. وقال:"نرفض الاحتلال ألفاً في المئة. إنهم يدوسون على قلبي، وأشعر بأنهم يسحقونه تحت نعالهم". وفي جولاته اكتشف شديد بعض المؤيدين للأميركيين. وهم يأملون في التمتع ببعض الاستقرار بعد أسابيع من السلب والنهب. وجهر آخرون سرورهم للإطاحة بصدام حسين. فتقول سيدة شيعية:"إذا غادر الأميركيون انتشرت المجازر بالعراق بين القبائل والأحزاب والطوائف. لكن من يحب بلده لا يريده تحت الاحتلال. فكلنا نريد الحرية".
والحق ان إدارة بوش أعماها طموحها الجامح الى بناء أكبر مجتمع ديموقراطي منذ الحرب العالمية الثانية. فلا عجب إذا تحول الخطاب الأميركي المتعلق في الحرب، كلاماً في السياسة الداخلية فوق ما هو كلام في أحوال العراق. ويتخبط الساسة والمحللون في الولايات المتحدة، الآن، في صدق وصف الحال العراقية بالحرب الأهلية، فيما هذه المناقشة غير قائمة بالعراق. فهذه التساؤلات تضحك أبناء البلد الذين يقتل منهم مئة شخص في اليوم الواحد. وإذا احتسبنا نسبة القتلى قياساً على السكان الأميركيين، لبلغ العدد كارثتين من عيار 11 ايلول سبتمبر في الأسبوع الواحد!
والجملة البسيطة التي تحض على وجوب"الإصغاء الى العراقيين"، تطرح سؤالاً جوهرياً. فإلى أي عراقيين نستمع في بحثنا ذاك؟"ريفيربند"، مثلاً، ابنة طبقة متوسطة الى عليا، ومسلمة تقدمية، وعراقية وطنية، تحاول إثبات ثقافة العراقيين وطاقتهم على التدبير الاقتصادي الى قراء أميركيين، وتتغاضى أحياناً عن فظاعات عهد صدام حسين. فتقول:"كان الأكراد يتمتعون بحقوقهم كاملة حتى قبل الحرب". فكأنها لم تسمع يوماً بالغازات السامة التي قصفوا وقتلوا بها. وتقول، بموضع آخر، ان"غالبية العراقيين يكنون احتراماً وتقديراً للديانات والثقافات كلها". وتندد بالسياسة الاميركية التي تقسم العراق طوائف واعراقاً، وتبالغ في تكرار القول إن عائلتها"مختلطة"، سنة وشيعة.
ولكنها في الوقت نفسه تندد بالتقاليد التي كانت محظورة، وأجيز الاحتفال بها، مثل شعيرة عاشوراء، فتكتب:"هذه الشعائر كانت محظورة، وأتمنى صراحة لو تُحصر في أماكن دون غيرها، فرؤية العنف والدماء تثير الخوف". وتشبه"ريفيربند"شبهاً قوياً غلاة الشيوعيين الذين لم يفهموا الى اليوم الحوادث التي أدت الى انهيار الاتحاد السوفياتي. فرفاههم في ظل النظام لم يشعرهم بالجرائم التي ارتكبت لضمان هذا الرفاه، وبكم الأفواه المعارضة.
عن كريستيان كاريل،
"نيويورك ريفيو أوف بوكس" الأميركية، 11/1/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.