في وقت شن الرئيس السوداني عمر البشير هجوماً حاداً على معارضيه واتهمهم بأنهم"منافقون وعملاء للعدو"يحاولون استغلال"الحريات التي جئنا بها"لإسقاط الحكومة، قضت محكمة في الخرطوم بحبس عدد من قادة التظاهرات التي خرجت اول من أمس احتجاجاً على رفع الأسعار، بينهم اثنان من ابناء رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي. وأكد صحافيون أن الاستخبارات فرضت رقابة مشددة على تغطية الصحف المحلية للتظاهرات وغيرت عناوين بعض المواد الجاهزة للنشر. وشدد البشير على رفضه نشر قوات دولية في دارفور، فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست - بلازي أنه سيزور الإقليم قريباً. وأكد البشير إمكان إجراء"انتخابات رئاسية وتشريعية كاملة عقب الخريف لمعرفة خيار الشعب السوداني". وأعلن استعداده لتسليم السلطة لمن يختاره الشعب،"لكننا لن نسلمها إلى جورج بوش أو توني بلير". ودعا إلى"فتح معسكرات التدريب لكل القادرين على حمل السلاح، وأن تكون المعسكرات مفتوحة للتجهيز والاعداد لمواجهة اي تدخل". وأقسم في لقاء جماهيري في كسلا وهمشكوريب شرق السودان أن قرار مجلس الامن الرقم 1706 الخاص بنشر قوات دولية في دارفور"لن ينفذ". واعتبر أن القرار"قوة جديدة لثورة الانقاذ، ودفعاً لدماء جديدة في شريانها". وأضاف أن أميركا"فرضت حصاراً اقتصادياً على السودان، ظناً منها أن حكومة الانقاذ ستسقط باعتبارها دولة فقيرة، لكن خاب ظنها وتوكلنا على الله وتمسكنا بكتابه ونهجه". وأشار البشير إلى ان"الغرض من القرار الدولي هو تفتيت وحدة السودان". وقال إن"ما يتم الآن في السودان من تنمية يزيد تآمرهم علينا ويؤكد لنا سيرنا في الطريق الصحيح واننا على حق". وأكد أن قرار زيادة اسعار المحروقات والسكر"جاء لبناء واعمار السودان". واتهم"المتخاذلين والمرجفين والعملاء باستغلال الحريات والديموقراطية"، في إشارة إلى قوى المعارضة التي نظمت تظاهرات ضد رفع الأسعار. وقال إن"المشكلة الآن ليست في القرار الذي صدر من مجلس الأمن أو من احتفل به في أميركا، ولكن المشكلة في ناس الخرطوم الذين انتفشوا وقالوا ان هذه هي نهاية الانقاذ، فسيروا التظاهرات في الخرطوم لاسقاط الحكومة". وأضاف:"هناك منافقون وعملاء للعدو أرادوا أن يستغلو الحريات التي جئنا بها"، محذرا"الحالمين والمرجفين"من أن"هذا الزمن هو زمن التحزُّم ولبس العصابات الحمراء"، في اشارة إلى الجهاد. في غضون ذلك، قضت محكمة جنايات الخرطوم أمس بسجن عدد من المعارضين، بينهم مسؤول الإعلام في حزب الأمة الدكتورة مريم المهدي، ابنة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي، لمدة شهرين وحبس شقيقها الصديق شهراً، على خلفية مشاركتهما في التظاهرات ضد رفع الأسعار. وفي موازاة ذلك، أبدى صحافيون تخوفاً من عودة تعطيل الصحف وتضييق الخناق على الصحافيين بعدما أكدوا أن موظفين في جهاز الامن الوطني والمخابرات نظموا أول من امس حملة على عدد من الصحف اطلعوا خلالها على المواد الجاهزة للنشر وأمروا بتبديل بعض العناوين واعادة صوغ اخبار التظاهرات والاعتقالات التي شهدتها العاصمة. وفي باريس، أ ف ب قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست - بلازي إنه يعتزم زيارة دارفور. وقال في لقاء مع الصحافة الاجنبية:"اعتزم التوجه قريباً جداً"إلى دارفور، من دون أن يحدد موعدا لزيارته، مذكراً بانه زار الاقليم العام الماضي. ودان"المأساة الانسانية المطلقة"التي يشهدها الإقليم. وقال:"لقد ارتكبت اعمال خطيرة جدا في دارفور وباتت الان ضمن صلاحية المحكمة الجنائية الدولية". بيد ان الوزير الفرنسي اعتبر أن"من الضروري ان تقبل السلطات السودانية ارسال"قوة دولية إلى الإقليم، محذراً من انعكاسات هذه الازمة.