"الرجال مثل البيوت ... أسرار"، يقول سالم علوان ليشرح الاسباب التي تحول دون طرح الرجل مشكلاته الاجتماعية والشخصية او مناقشتها في وسائل الاعلام، على عكس اليسر في طرح مشكلات النساء. ويعزو علوان التباين الحالي الى"الأعراف الاجتماعية"السائدة في المجتمع العربي، مهما اختلفت درجات الوعي والأبعاد الثقافية للشخصية في حضورها الاجتماعي. وهو يرى"أن مجتمعنا ينظر الى الرجل في رجولته، فإذا ضعف أمام موقف ما، فهناك من يشكّك بها". ولذلك، وبحسب ما يعتقد باسم محمود، الذي يشاطر علوان الرأي، فپ"الرجل يحمل سرّه إلى قبره، إذ يعتبر رجال كثيرون مشكلاتهم بمثابة أسرار، والكشف عنها، أو المكاشفة فيها قد تتسبب في ما لا تحمد عقباه. فيتجنّب الرجل الخوض في ما يعتبره شأناً شخصياً ليحافظ على توازنه اجتماعياً". أما المرأة، فهناك من يجد أنها تتمتع بحرية أكبر في مشكلاتها والمكاشفة فيها، بفضل"حركتها المحدودة داخل المجتمع، ولكونها تتمتع بحماية الرجل". ويذكّر عاصم ص. بأن علينا ألا ننسى أن مجتمعاتنا يتوزعها، في الغالب، تياران أساسيان، هما: التيار القَبَلي - العشائري، والتيار الديني اللذان"باتا يحكمان الرجل بصورة أشدّ مما كان في السابق، ويخضعانه لأعرافهما". ويلفت إلى"أن الريف، بعاداته وأعرافه، قد زحف الى معظم المدن العربية، بما فيها العواصم. وبدلاً من"تمدين الريف"حلّ"ترييف المدينة"، بكل ما يعنيه ذلك من تغلب أعراف اجتماعية بذاتها على سواها". الباحثة الاجتماعية فاتن السلامي تقول إنّ عملها في الأوساط النسائية أيسر بكثير من العمل في أوساط الرجال. وفي ما يخص الاستبيانات لإعداد دراسات اجتماعية في مجال أو قضية ما، وتكون غفلاً، نجد، عادة، أن الرجل يتحفظ كثيراً في وضع المؤشرات الدقيقة، بخلاف المرأة". وتشير إلى أن الواقع الذي تتحدث عنه وتواجهه في عملها"يجعل النتائج التي نتوصل إليها في دراساتنا هذه نسبية". ولا يختلف عبدالكريم عباس، وهو استاذ علم الاجتماع، مع الرأي السابق، مضيفاً القول"إن الواقع في المجتمع العراقي يخضع لكثير من الاعتبارات التي تشكل"ضغوطاً اجتماعية"، وهي تتفاوت قرباً وبعداً من الحياة المدينية... ما يفرض على الرجل من"الإلزامات"ما يكون خارج إرادته - وهو أمر لا يعانيه مثيله في المجتمعات المتقدمة"... ويضيف:"إن مثل هذه الاعتبارات أو الإلزامات التي بعضها إلى أساس قبَلي - عشائري وروح ريفية ظلت طاغية على رغم العيش في مدينة، وبعضها الآخر لما هو ديني - كما يؤخذ الدين في مجتماتنا، في ما لا علاقة له بالجوهر، هي قيود فعلية لحرية الفرد". ومن وجهة نظره،"إذا كنا نجد المرأة اكثر حرية في طرح مشكلاتها وفي مناقشة هذه المشكلات، فذلك يعود الى أن"وجهها الاجتماعي"، غير مكشوف كما هو الحال بالنسبة إلى الرجل الذي لا يزال يفضّل معاناتها مع نفسه - مهما كانت وطأتها النفسية على المكاشفة فيها ومناقشتها... حتى في ما هو دون مستوى"العلن العام". إلى مثل هذا يشير الطبيب النفساني ح. أ. الذي يؤكد أن مراجعيه من الرجال أقل بكثير من مراجعاته من النساء،"ليس بسبب قلة"المشكلات"التي تستدعي المعالجة النفسية لدى الرجل عنها لدى المرأة، ولكن، وبحسب خبرتي في هذا المجال، بسبب تحفظ الرجل عن كثير مما قد يعاني من مشكلات تستدعي مشورة الطبيب المتخصص"، في وقت يجد فيها"المرأة اكثر استجابة لمعالجة مشكلاتها، فهي تبحث عما يخلصها مما تعاني... وتجد في الطبيب المختص عاملاً مساعداً على ذلك". ويضيف:"لقد حاولت أن اكون موضع ثقة من يراجعني من الرجال، لافتاً إياهم الى أن مهنة الطب تختلف عن سواها من المهن، وأن الطبيب هو مستودع أسرار مرضاه... فنجحت مع بعضهم، وفشلت مع بعضهم الآخر".