اخترق الفنان مرسيل خليفة عتمة خيمة"نادي ستريت"في وسط العاصمة السويدية استوكهولم اول من امس، ممسكاً برفيقة عمره، آلة العود التي حركت مشاعر جمهوره الكبير سنوات طويلة. الشاهد الأكبر على تلك السنوات لحية مرسيل البيضاء... وتعب السنين وهموم الوطن التي تولد كل لحظة. جلس بهدوء على كرسيه البسيط، مجدداً وعده مرة اخرى:"سنعزف وسنغني لكم الليلة بفرح يقارع الحزن، وبأمل يؤجل اليأس، وبأفق يفتح مجهولاً، بأخضر يوقف يباساً، وبهمس يشع صمتاً. هذه الأمسية اليوم لمصلحة لبنانوفلسطين معاً، لتكون ميثاقاً ممهوراً بالحب والتواصل". ثم ناشد الجمهور قائلاً:"علينا ألا نتعامى عن مشهد الدمار الشرس الذي خلفته القوة العسكرية الاسرائيلية تجاه لبنان وشعبه"، مشيداً بلبنان"رسالة التسامح والحرية والإبداع. سليل الحضارات"الذي تمكن ابناؤه من بناء مجتمع"تحدى الدولة الطائفية التي أقامتها إسرائيل على ارض فلسطين، وفضح محتواها العنصري القائم على التمييز". وذكّر الحاضرين بأن لبنان تعرض لمذبحة وحشية"على يد آلة القتل الاسرائيلية، مدعومة بإجازة مفتوحة من إدارة جورج بوش وحفنة من المحافظين الجدد في أميركا، تحقيقاً لأحلامهم في بناء شرق اوسط جديد على جثثنا وعذابات شعبنا". وقبل ان يُهدي الأغنية الأولى في تلك الأمسية الفنية الغنية، توجه خليفة بالتحية الى"المقاومة التي توالدت وأبدعت ألواناً من الصمود، وأعادت الوطن الى الوطن، والشجرة الى تربتها والوردة الى لونها". وقال:"يا شعبي... لقد علمني حبك الصدق". ثم اطلق أنغام عوده، مفتتحاً امسية حضرها جمهور كبير من العرب والسويديين الذين اعربوا عن حبهم له، من خلال التصفيق المطول والصراخ بأعلى أصواتهم تحية له ولفرقة الميادين. ولكن خليفة الذي افتتح"مهرجان الشرق"، حمل معه اكثر من موقف سياسي، مقدماً أروع لوحاته الموسيقية واغنياته التي أرقصت الجمهور فرحاً. وعندما طلب الفنان المرهف من الجمهور الصمت لتقديم أغنية"يا حادي العيس"التي اهداها الى اهل الجنوب اللبناني وقف الحضور كله مصفقاً بفخر، تاركاً صوت خليفة يدخل الأحاسيس والأرواح دافئاً. رافق مرسيل ولداه بشار على الدف والطبلة ورامي على البيانو. فشكل الاثنان لوحة فنية مميزة لم تستنسخ مرسيل، وإنما تألقت في إبداع لون فني خاص بها. رامي عزف على البيانو بمشاعر سحرية تذكّر الجمهور بموسيقى ليست اقل رقياً من موسيٍقى فناني الجاز العالميين، أو مجانين البيانو. فهو مجنون بإبداع. يعزف، يخرج على النوتة ليبتكر بروعة ألوانه الموسيقية الخاصة. يطلق يديه الى داخل البيانو ويدغدغ المشاعر، ثم يطلق العنان لطاقته الفنية غير المكبلة، مشبعاً الجمهور اروع ما يمكن تقديمه من فن. رامي الذي درس الموسيقى في فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، لا يتبع والده في الموسيقى بل يبتكر لباساً عربياً بأنغام غربية، ممزوجة بالكلاسيكية الغربية والجاز. كذلك بشار الذي يعيش في كل طرقة دف او طبلة، ويوجه الفرقة بطريقة خفية، حتى لا تحيد عن اللون الشرقي للعزف، ويعطي الجمهور شحنة من عزف الطبلة يرقصه بأسلوب شعبي جميل. لم يترك خليفة الصدف تقرر لون أمسيته. فهو قدم للجمهور ما كان ينتظره من أغنيات، منها أغنية"ريتا""وجواز السفر"التي ألهبت الجمهور تضامناً مع الشعب الفلسطيني. وقبل ان تسدل الستارة، قدمت الفنانة يولا كرياكوس اغنية"امي"بالاشتراك مع مرسيل.