علي سفيان أن ينتقل من منزله الفاره وسط مثلث الثراء العماني الممتد بين الشميساني وشارع المطار وعبدون، إلى السكن في غرفة متواضعة في إربد حيث سيلتحق بجامعة اليرموك ثاني أقدم جامعة في الأردن. منذ ظهرت قوائم لجنة التنسيق الموحد للقبول في الجامعات الرسمية قبل أيام وسفيان يهيئ نفسه لانتقال مرحلي مفترض فيما تستعد أسرته لتصحيح"خطأ"تنشئته. يقول سفيان الذي حصل على معدل عال أهّله لحجز مقعد جامعي على فئة التنافس الحر:"أعتقد أنني أمام نقلة نوعية في نمط حياتي، سأغادر غرفتي المجهزة بكل وسائل الراحة والتكنولوجيا إلى غرفة خالية إلا من سرير وخزانة ومكتب". يصر والد سفيان على ترك ابنه يخوض التجربة ويعيش مرحلة الدراسة الجامعية بمعزل عن أية تسهيلات، فلا خادمة ولا جهاز كومبيوتر ولا سيارة، فضلا عن مصروف يتناسب واحتياجات طالب جامعي ليس ألا. ويبدو أن أسرة سفيان تود استغلال التحاق ولدها بجامعة تبعد 85 كيلومتراً عن مكان إقامته لتخليصه من اتكاليته المفرطة، وفق والدته التي ملّت"لا مبالاته الشديدة". تقول أم سفيان إنه"لا يكترث لشيء، كما أنه يعتمد عليها في كل صغيرة وكبيرة، حتى شرب الماء". تردد سفيان في الذهاب للتسجيل في جامعة اليرموك، متخوفاً من عدم قدرته على العيش بمفرده، ويقول متأففاً:"سيكون علي تدبر أمور كل شيء، الطعام، النظافة والدراسة". ويشكك بقدرته على ذلك موضحاً:"عشت ثمانية عشر عاماً آخر فأطاع وأطلب فألبّى، والآن علي عمل كل شيء". وسفيان الولد الوحيد في أسرته المكونة من خمسة أفراد، مدلل ليس بسبب ذكوريته وحسب بل لأنه كان"وجه السعد"على والده الذي انتعشت تجارته وازدهرت لدى ولادته. ويقول والده خلف:"وقعت عقودا مربحة، يوم ميلاد سفيان، غيّرت حياتنا وحملتنا إلى طبقة الأثرياء، هو جالب الحظ السعيد للعائلة لهذا حظي سفيان بكثير من الدلال". لكنه يستدرك:"أعتقد بأنني بالغت في تدليله لاسيما مع تزايد تذمر والدته وشقيقاته من لا مبالاته بأمور نظافة المنزل والالتزام بنظامه"، مفترضاً أن"التحاقه بالجامعة فرصة موآتية لتصحيح أخطاء تربيته". والظاهر أن خلف يعني ما يقول، فلدى اصطحابه ولده في جولة في مدينة إربد حيث تقع جامعة اليرموك للبحث عن منزل يستقر فيه ابتعد عن الشقق التي تعرضها عائلات للإيجار على أن تتكفل برعاية الطلبة المقيمين فيها في مقابل أجر إضافي تتقاضاه لقاء تقديم وجبات الطعام، وغسل الثياب، وتنظيف المكان، اذ آثر الوالد استئجار غرفة واحدة واسعة يقتطع حاجز خشبي جزءاً منها لتكوين مطبخ صغير، فيما يحدد جداران خشبيان آخران في الزاوية الجنوبية الشرقية موقع الحمام. وشائع تسمية أماكن الإقامة هذه بالاستديو. فيما أذعن سفيان على مضض. وعلى رغم حماس سفيان لدخول عالم الكبار رسمياً من بوابة الجامعة، مثقلاً بمخاوف التكيف مع ظروف المعيشة الجديدة التي فرضها عليه والده بتحريض من والدته، إلا انه يقول:"لا أعلم إذا كنت سأتمكن من العيش بهذه الطريقة بعيدا عن سريري الوثير وأمي التي لا ترفض لي طلباً لكنني سأحاول، فأنا أعلم أنني لم أعد طفلاً".