أحيا اعتداء على اثنين من رجال الشرطة الفرنسية في حي ترتوريه ضاحية ايسون الباريسية الجدال حول جدوى السياسة التي اتبعها وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، بعد مضي عام تقريباً على انتفاضة شباب الضواحي احتجاجاً على"الإهمال"اللاحق بهم. وتفاعل هذا الاعتداء في الوسطين السياسي والقضائي نتيجة التصريحات التي اطلقها ساركوزي في معرض تعليقه على الحادث، وسط تخوف من عودة الضواحي للاشتعال عند اول شرارة. وكان الشرطيان أصيبا بجروح بالغة، إثر ترجلهما من سيارة كانا على متنها بعد تعرضها لرشق بالحجارة، ليجدا نفسيهما وسط مكمن نصبه عدد من الشبان الذين ما لبثوا ان انهالوا عليهما بالضرب. وتزامن الحادث مع نشر مضمون مذكرة وضعها محافظ ضاحية سان ساندونيه جان فرانسوا كورديه، حذر فيها وزير الداخلية من التوتر السائد في الضواحي، مشيراً الى تصاعد اعمال العنف في منطقته بنسبة 7 في المئة على مدى العام الماضي، مندداً بنقص الامكانات المتوافرة لدى اجهزة الامن المحلية. وما ينطبق على ضاحية سان ساندونيه، لا تشذ عنه الضواحي الاخرى التي برزت الى الواجهة خلال حوادث العام الماضي، ثم عادت لتسقط في النسيان، على رغم الوعود الرسمية المتعددة بمعالجة اوضاعها الامنية والاجتماعية والمعيشية. وأثار نشر مضمون مذكرة كورديه استياء وزير الداخلية الذي كان تعهد وتوعد في العام الماضي بتطهير الضواحي من العناصر المخلة بالأمن، وجاء الاعتداء على الشرطيين ليزيد من هذا الاستياء. وتعبيراً عن هذا الاستياء، اختار ساركوزي مجدداً تحميل الاجهزة القضائية المعنية بالضواحي، مسؤولية الوضع القائم واتهمها"بالاستقالة"والامتناع عن لعب دورها حيال المخلين بالأمن. وقال ان عدد المخلين بالأمن الذين يتعرضون لعقوبة السجن في انخفاض بلغت نسبته 15.5 في المئة، في حين ان العنف يشهد المزيد من التصاعد. وأدت هذه التصريحات الى انتقادات، اطلقتها المعارضة اليسارية وأيضاً اجهزة الاعلام الفرنسية، مشككة بأسلوب ساركوزي في التعامل مع مشكلات الضواحي واقتصار هذا التعامل على الجانب الامني، في حين ان الجميع يدرك ضرورة إقران هذا التعامل بخطط لدمج ابناء الضواحي في مجتمعهم تعليمياً ومهنياً. كما أثار موقف وزير الداخلية، سخط الرئيس الاول لمحكمة التمييز الفرنسية غي كانيفيه الذي يعد ارفع قضاة فرنسا، وهو رأى في هذا الموقف انتهاكاً لاستقلالية السلطة القضائية. وفي سابقة، لم يقدم أي من القضاة الفرنسيين على مثلها، طلب كانيفيه من الرئيس جاك شيراك استقباله، باعتباره الضامن للاستقلالية القضائية، ليشرح له خطورة الانتهاكات المتكررة الصادرة عن ساركوزي في هذا المجال. واعتبر ان تهجم وزير الداخلية المستمر على القضاء، الذي سبق ان اتهمه بالتقصير والتساهل مع المخلين بالأمن، يضعف صدقية القضاء وسلطة الدولة. وفي ضوء هذه التطورات، عقد رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان اجتماعاً حكومياً مصغراً ضم ساركوزي ووزيري العدل باسكال كليمان والشؤون الاجتماعية جان لوي بورلو، وتناول معهم"السياسات العامة التي ينبغي تطبيقها"في الضواحي، وفقاً لما ذكرته رئاسة الحكومة.