تعرض مقر وزارة الاقتصاد والمال الفرنسية امس لعملية دهم، بناء لمذكرة صدرت عن القاضي الفرنسي هنري بونس، في اطار التحقيقات في البيانات الحسابية المزورة الصادرة عن شركة "روديا" للمواد الكيماوية. ويتمثل الرابط القائم بين وزارة الاقتصاد وشركة"روديا"بشخص وزير الاقتصاد والمالية تييري بروتون الذي كان عضواً في مجلس ادارة الشركة، خلال الفترة التي يعتقد ان البيانات الحسابية اخضعت للتزوير بين عامي 1999 و2003. وكان القضاء الفرنسي تلقى في تشرين الاول اكتوبر الماضي، دعوى ضد مجهول اقامها رجل الاعمال الفرنسي البلجيكي جان - ماري هوي، بتهمة تزوير الحسابات السنوية لپ"روديا". وفيما ذكر ان عملية الدهم تركزت اساساً على المكاتب التي يشغلها بروتون في الوزارة، رفض الجهاز الاعلامي التابع لها تأكيد هذا الخبر، مكتفياً بتأكيد وجود قاض وعدد من عناصر الشرطة في المقر. وقال الجهاز الاعلامي ان المداهمة تمت في غياب بروتون الموجود حالياً في الولاياتالمتحدة والذي حرص على ان يتم استقبال القاضي وعناصر الشرطة الموجودين معه كما ينبغي. وإضافة الى تزوير البيانات الحسابية، تنص الشكوى التي أقامها هوي على تهمة نشر معلومات خاطئة حول اوضاع"روديا"وتسريب معلومات حول وضعها في البورصة الى طرف من شأنه الاستفادة من ذلك لتحقيق ارباح. وتعرض مقر"روديا"الواقع في منطقة بولونييه، على طرف باريس، بدوره لعملية دهم من دون ان يتسرب أي شيء حول ما اسفرت عنه المداهمتان. ومن شأن مداهمة مقر وزارة الاقتصاد والمال، اعادة انعاش الريبة القائمة في الاوساط الفرنسية حيال الطبقة السياسية، في وقت تركز الحكومة الفرنسية جهدها لاعادة ترميم الثقة المنهارة بينها وبين الفرنسيين، عبر تحريك سوق العمل وانعاش الوضع الاقتصادي. وسبق المداهمة، التي تشكل نموذجاً واضحاً على سطوة القضاء الفرنسي واستقلالية سلطته، جدل بين وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي والجهاز القضائي، بسبب حادثة اغتيال وقعت في ضاحية باريس اخيراً. وكانت الحادثة استهدفت مواطنة تدعى نيلي كريميل التي قتلت بدافع السرقة من قبل معتقل يحظى بحرية مشروطة، اثارت انتقادات حادة من ساركوزي الذي صب غضبه على القاضي الذي سمح باطلاق المعتقل ووصفه بأنه عديم المسؤولية. وأثار هذا النقد استياء عاماً في الوسط القضائي الذي اعتبر ان القاضي المذكور لم يفعل سوى تطبيق ما ينص عليه القانون الفرنسي في مجال الحرية المشروطة التي يجوز لأي معتقل الاستفادة منها بعد قضائه فترة معينة في السجن. ووجه رئيس القضاة الفرنسيين في هذا الاطار رسالة الى الرئيس الفرنسي جاك شيراك، احتجاجاً على تصريح ساركوزي الذي اعتبر متحاملاً على القضاة، وهو ما لم يأبه له وزير الداخلية الذي عاود انتقاداته مستنداً هذه المرة الى هفوة قضائية ادت الى اخلاء سبيل 15 من المخلين بالأمن المعروفين في منطقة غرينوبل.