يتفق افتتاح دورة الأممالمتحدة وجمعيتها العامة مع نهاية ولاية أمينها العام، كوفي أنان، وانتخاب أمين عام جديد يبتدئ ولايته في أول كانون الثاني يناير. وتحاول الهيئة الدولية إحياء دورها، وتجديد عملها، بعد سنوات من التعثر والتشكيك. وكانت المنظمة احتفلت في 2005 بانقضاء ستين عاماً على اقرار ميثاقها بسان فرنسيسكو، في 1845، وهي ترنو الى الإصلاحات الموعودة والملحة. وهي طوال أربعين عاماً دامتها الحرب الباردة، عانت الشلل جراء الخصومة هذه. ولم يدم"عصرها الذهبي"، غداة تربع ميخائيل غورباتشوف في الحكم السوفياتي 1985 ثم أبان انحلال الكتلة الشيوعية، غير سنوات قليلة. ولم تعتم هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 وآثارها في السياسة الأميركية، والخلافات العميقة التي خلفتها حرب العراق، الى بعض"القضايا"الداخلية، ان غذت الشكوك والنعرات. واقترحت المنظمة، في الأثناء، ثلاثة إصلاحات بارزة. الإصلاح الأول يقضي بإنشاء مفوضية تثبيت السلم، وغايتها رعاية مهمات بسط السلام وإقراره بعد المراحل الأولى العسكرية. ويقضي الثاني بتحويل مفوضية حقوق الإنسان مجلساً يحمل الاسم نفسه، على ألا يقتصر التغيير على الاسم، وعلى أن تحول آليات الانتخاب الجديدة وقواعد اتخاذ القرارات، دون تطفل دول، لا يليق بمهمات المجلس إسهامها فيه، على العضوية. وعليه، توقع دعاة الإصلاح ألا ينقلب فحص الملفات والقضايا في المجلس الى منازلة أيديولوجية بين الشمال والجنوب"والحق أن الجلسات الأولى ردت المجلس الى عهد المفوضية، وأحبطت الآمال المعقودة عليه. واقترح إصلاح ثالث يحتسب الخلاف بين الشمال والجنوب، وبروز دول كبيرة جديدة، ويقضي بتنظيم مجلس الأمن في ضوء المسألتين هاتين. فيقترح دخول أعضاء جدد ودائمين الى المجلس، من غير إيلائهم حق النقض، على خلاف الخمسة الدائمين الحاليين. ويزيد عدد غير الدائمين العشرة. ولم يجز الإصلاح عتبة المداولة الأولى، ولا يبدو قريباً من الإنجاز، إذ يتعثر بخلافات كثيرة ومتناقضة. فلا الولاياتالمتحدة ترى بعين الرضا قدوم دول جديدة تقيد نفوذها، وتضيق عليه. وتؤيد الدول الناشئة التوسيع شرط أن يشملها هي ويستبعد الجيران والمنافسين. وأخفق الأفريقيون في الاتفاق على اسم دولتين تنوبان عنهم. وتبدي فرنسا حماسة على قدر يقينها بمصير الإصلاح الى إرجاء لا يعلم غير الله وقته. وتجمع بلدان ما كان يسمى العالم الثالث على أمر واحد هو انتقاد نازع القوى العظمى التقليدية على احتكار البت في القضايا المهمة. ومرآة هذا الإجماع عودة كتلة دول تبعت سيرة الدول غير المنحازة في الحرب الباردة،"مجموعة الپ77"، الى الظهور، وفي الأثناء بلغ عددها 116 دولة. وتسعى الكتلة الجديدة هذه في توسل الجمعية العمومية، حيث هي الكثرة الغالبة، الى معارضة مجلس الأمن ومناوأته. فتعمد الى عرقلة اصلاح المنظمة الدولية، وشل عملها، وتجهر بتذمرها من هذه الطريق. وقد يقودها سعيها الى تنصيب هوغو تشافيز، الرئيس الفنزويلي، عَلَماً ومرشداً. فهو يؤلب الأنصار في سبيل الفوز بمقعد أميركا اللاتينية بمجلس الأمن. وضَمن تأييد الصين وسورية وإيران في أثناء جولة غلبت عليها مناهضة أميركا. ويتفق انعقاد قمة الدول غير المنحازة بهافانا اتفاقاً تاماً مع نفخ تشافيز في مناهضة الإمبريالية، وبعث جذوتها في غير المنحازين. عن دانيال فيرنيه،"لوموند"الفرنسية، 13/9/ 2006