هيمنت الحال الصحية للرئيس الكوبي فيدل كاسترو على اعمال قمة دول"عدم الانحياز"التي افتتحت رسمياً في هافانا أمس، وسعت خلالها ايران وغيرها من الدول البارزة المعارضة لسياسة الولاياتالمتحدة الى تشكيل جبهة موحدة. وغاب كاسترو عن افتتاح القمة الرابعة عشرة ل"حركة دول عدم الانحياز"، والتي تعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات. لكن شقيقه راوول ناب عنه في الافتتاح. وأظهر التلفزيون الكوبي كاسترو واقفاً لفترة وجيزة لتحية صديقه وحليفه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي قال لاحقاً:"إن كاسترو يمشي ويغني". ويرى البعض أن القمة قد تبدو استعراضاً لخصوم الولاياتالمتحدة، ومن بينهم الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وزعماء كوريا الشمالية وزيمبابوي وفنزويلا وبوليفيا، الذين يجتمعون في الجزيرة الخاضعة لحظر أميركي منذ عام 1962. وتحرص واشنطن على التقليل من شأن مثل تلك الروابط، مشيرة الى أن القمة تضم أيضاً دولاً مثل باكستان والهند والفيليبين واندونيسيا، والتي تقيم تحالفات وثيقة مع الولاياتالمتحدة منذ هجمات 11 أيلولسبتمبر 2001. وقال شون مكورماك الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن:"لدينا أصدقاء كثيرون ممثلون في هذا الاجتماع، من بينهم أندونيسيا والهند". واضاف:"انه تجمّع ترجع أصوله الى عصر آخر، وأعتقد أن الأمر يعود بالفعل الى المشاركين والدول الأعضاء، ليروا ماذا يفعلون في هذا الاجتماع." ولا يزال البيان الختامي للمؤتمر خاضعاً للتفاوض، ويتضمن انتقادات حادة لإسرائيل بسبب حربها الأخيرة على لبنان، الى جانب وثيقة منفصلة تؤيد حق إيران في السعي الى امتلاك طاقة نووية. وتضم حركة"عدم الانحياز"حالياً 116 دولة، وتتبنى جداول أعمال واسعة النطاق. وتشكلت الحركة من بلدان سعت الى تأكيد الاستقلال عن واشنطن وموسكو خلال الحرب الباردة. وكان الزعيم الكوبي استقبل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بثياب النوم في غرفته التي يتماثل فيها للشفاء، إثر خضوعه لعملية جراحية في 31 تموزيوليو الماضي. وعلى هامش قمة"عدم الانحياز"، ألقى الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز خطاباً طويلاً أمس، في افتتاح أعمال قمة"مجموعة ال 15"المنعقدة في هافانا، قائلاً إن كاسترو المريض طلب منه أن يأخذ وقتاً إضافياً. وأوضح تشافيز الذي التقى في وقت سابق مع كاسترو امس:"قال لي فيدل أن أقول ما كان يعتزم قوله بنفسه". واستغرق خطاب تشافيز 40 دقيقة، وهو وقت أطول بكثير مما استغرقته كلمة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الحالي ل"مجموعة ال15"والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي من المقرر أن يتولى رئاسة الدورة المقبلة للمجموعة. وقال تشافيز موجهاً كلامه إلى بوتفليقة:"السيد الرئيس، أنا لدي وقتي ومنحني كاسترو وقتاً إضافياً". ثم قدم دعمه لإيران، معتبراً ان"من حقها السيادي تطوير طاقتها النووية لغايات سلمية، من دون ان يهدّدها أحد او يفرض عقوبات عليها". وأضاف:"لن أغادر كوبا طالما لم يتأمن دعم كامل لإيران"، مندداً ب"تهديدات الامبراطورية"التي تريد منع ايران من تطوير برنامجها النووي، مشيراً بذلك الى التهديدات الأميركية بفرض عقوبات في مجلس الأمن إذا لم تعلق إيران تخصيب اليورانيوم. ومنذ الاثنين الماضي، حاولت فنزويلا حمل قمة حركة"عدم الانحياز"على تبني رسالة دعم حازمة لإيران، وإصدار إدانة للولايات المتحدة، إلا ان الأرجنتين وتشيلي والبيرو تعارض الصيغة التي تقترحها كراكاس. وقال تشافيز:"هنا، يجب ألا تعترض أي جهة على ذلك، مع كل الاحترام للبلدان التي تحفظت عن الموضوع"، معتبراً ان من حق"كل البلدان تطوير الطاقة النووية لغايات سلمية"، مذكراً بأن البرازيلوالأرجنتين في أميركا اللاتينية أعلنتا تسريع برامجهما النووية. واضاف:"نحن لا نتحدث عن قنابل نووية. وهذه المجموعة ال 15 تؤيد إزالة أي أثر للسلاح النووي في العالم. فلنأمل في ان تعطي الولاياتالمتحدة المثال للبلدان الأخرى التي تملك أسلحة دمار شامل يمكن ان تقضي على الكرة الأرضية. ولنأمل في ان تدمر إسرائيل قنابلها النووية". وكان الزعيم الفنزويلي المثير للجدل اعتبر لدى وصوله الى هافانا قبل أيام، أن"حركة عدم الانحياز أكثر التصاقاً بالعالم من الأممالمتحدة"، واصفاً القمة الأخيرة للحركة في هافانا قائلاً:"هذه قمة عالمية، قمة أمم متحدة للجنوب. أرى أنها أهم قمة أحضرها". واعتبر شافيز، وهو صديق مقرب وحليف للرئيس الكوبي فيدل كاسترو، ان تجمع هافانا سيعطي دفعة"لاستراتيجيات تهدف إلى تحقيق نهضة لعالم الجنوب، وتحقيق التوازن في العالم". ويعمل الرئيس الفنزويلي حثيثاً على ترشيح بلاده لمقعد غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويتردد أن تشافيز ينوي عقد نحو 30 اجتماعاً ثنائياً خلال القمة لكسب تأييد لترشيح بلاده. وللفوز بمقعد غير دائم في مجلس الأمن لمدة سنتين، تحتاج فنزويلا الغنية بالنفط إلى تأييد من ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعددهم 192 دولة، في التصويت الذي سيجرى في 16 تشرين الأولأكتوبر المقبل. فيما تؤيد الولاياتالمتحدة ترشيح غواتيمالا، الخصم المنافس لفنزويلا، لملء هذا المقعد. وتحظى غواتيمالا أيضاً بتأييد المكسيك وكولومبيا وبلدان أخرى في أميركا الوسطى. وفي افتتاح قمة"مجموعة ال15"أيضاً، ألقى راؤول كاسترو خطابه العلني الأول منذ تسلمه مقاليد السلطة في البلاد مؤقتاً، وشدد فيه على أهمية تعزيز دور المجموعة وسط تحديات العولمة والتنمية. واعتبر راوول كاسترو أن"مجموعة ال15"يجب أن تعمل كمحفز لزيادة التعاون بين دول الشمال والجنوب، وتعزيز ذلك من أجل تماسك وتضامن أوسع للدول النامية، في جهودها لتحقيق حوار شمالي- جنوبي أكثر إيجابية، مشدداً على ان الدول النامية"ليس أمامها خيار"سوى التضامن في وجه العوائق المشتركة. كما عقدت مجموعة الدول النامية الداخلية"إل إل دي سي"قمتها الأولى في هافانا أول من أمس، على هامش قمة دول"عدم الانحياز".