بينما ترتبط صفحتا الكاريكاتور بيار صادق وستافرو جبرا وبرنامجا الكوميديا "لا يُمل"و"إربت تنحل" على شاشتي"المستقبل"و"الجديد"، أكثر فأكثر كلٌ بنشرة أخبار محطته، انضم قبل فترة إلى الحلبة الكاريكاتورية هذه برنامجٌ بعنوان"نشرة قبل النشرة"فكرة وإعداد غبريال جرجي على شاشة"الجديد"، في مواجهة"رسوم متحررة"فكرة جاد خوري، البرنامج اليومي المستمر على شاشة"المستقبل"منذ نحو ست سنوات. هكذا تتكافأ المواجهة"الكاريكاتورية"بين"المستقبل"و"الجديد"وهما يقفان في موقعين سياسيين متعارضين: رسام كاريكاتور في مواجهة آخر، وبرنامج رسوم متحركة في مواجهة نظير له، وبرنامج كوميدي شانسونييه في مواجهة مثيله. فهذا النوع من البرامج "نشرة قبل النشرة" يصل إلى الشاشة في صورة فنية منجزة إلى حد ما وبنيته التحتية التقنية التنفيذية مؤمنة، ليواجه مذَّاك قدره المتمثل في البحث اليومي عن موضوعاته، لا سيما أنه مفتوح على السياسة والحوادث المحلية، ما يجعله في المساحة ذاتها مع صفحتي الكاريكاتور ونظيره"رسوم متحررة"الذي ينغمس في السياسة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري. هنا يأتي دور كل من صفحتي الكاريكاتور وبرنامجي الشانسونييه وبرنامجي الرسوم المتحركة، للتميز وصوغ الهوية الخاصة المتعلقة بأسلوب تناول الموضوعات. لكن المشكلة في هذا الإطار هي ارتباط ذلك بالموقف السياسي الخاص بالمحطة والذي عودتنا البرامج هذه أن تلتزم به وتترجمه حرفياً. ذلك ما حصل مع صفحتي الكاريكاتور، وإن كان بيار صادق بين حين وآخر يتحرر من أجندة تلفزيونه. وذلك ما حصل أيضاً مع"رسوم متحررة"الذي يعلق على الأحداث بطريقته التهكمية التي تقوم على لعبة الغمز واللمز ويسخر من"الفريق الآخر"ورموزه. وذلك أيضاً وأيضاً ما يحصل مع برنامج اختار لنفسه أن يكون"نشرة قبل النشرة". وعبارة نشرة تعني الأخبار، وتعني باللبنانية الدارجة كشف الخطأ والمخطئ وفضحهما بصوت عالٍ وجريء لا يخلو من اللؤم. فنياً، يبدو البرنامج مركباً ويستخدم العناصر المتوافرة لديه إلى حدود متقدمة لا بأس بها. فهو"يُحرك"الرسم الكاريكاتوري الجامد أو الثابت، ويتجاوز قدراته المتقشفة والمحدودة من خلال إدخاله عنصر الصوت، وتحديداً الضحك الذي يرافق المواقف الكوميدية. وفوق هذا، يهتم، كما نشرة أخبار"الجديد"، بقضايا المواطنين وبالهموم المعيشية بلغة نقدية، وفي الوقت ذاته يعارض من يعارضهم تلفزيونه. هذا كله يجعل"نشرة قبل النشرة"قادراً على توسيع مروحته والخروج من"الزاروب"الذي تقحم فيه التلفزيونات اللبنانية"النشرة"والكاريكاتور وفن الصوت والصورة عموماً.