منذ صغره كان فن الرسم ملك يديه. كان يختبئ تحت السرير في المنزل ليرسم ويرسم ويرسم. مع الايام، غرد بيار صادق في سرب رسامي الكاريكاتور في لبنان وأولهم رسام مجلة «الدبور» ديران. تنقل في صحف اسبوعية ويومية عدة الى ان استقر في الزميلة «النهار». برزت موهبته الفنية، وبرز اسمه كمبدع في الرسم الكاريكاتوري. فأعلى الصفحة كان رسم كاريكاتوري لبيار صادق لشخصية لبنانية كان اسمها متداولاً في الساحة السياسية. وكان كثيرون من القراء يطالعون الصفحة الاخيرة من «النهار» حيث يتصدر رسم بيار صادق اعلاها قبل ان يطالعوا الجريدة الرائدة. باكراً تفجرت عبقريته في الرسم ولازمته مدى العمر. وكانت رسومه الكاريكاتورية تغمز من هذا السياسي وذاك الإقطاعي تارة بأسلوب فكاهي وتارة اخرى بأسلوب جدي. لم يخف من احد. كان عقله يطبخ فكرة الرسم، وأحياناً كان يتداول مع رئيس تحرير الجريدة او مالكها حول موضوع كان يجول في خاطره. كان يلتقط بسرعة الخبر المنوي تحويله الى كاريكاتور. وهذا الكاريكاتور كان مرحباً به من سياسيين، فيما سياسيون آخرون كانوا يصبون غضبهم على بيار صادق. ومع الترحيب والغضب تابع مسيرته الفنية حتى اصبح اسمه مشعاً في سماء الكاريكاتور المحلي والعالمي. كان بيار صادق متعالياً على الجراح عندما كان يتعرض للذعات من الذين كانوا ينفرون من رسومه. كان الرسم الكاريكاتوري دينه وديدنه. وأحياناً كان يرفض إعادة الرسم عندما كانت الصحيفة التي يعمل فيها غير راغبة به لأنه يعرضها للملاحقة القانونية. فتصدر من دون رسم لبيار صادق. كانت ريشته مُرّة في اختيار الاشخاص الذين ينوي ادخالهم في ملكوتها. كانت على تناحر وخصام مع بعضهم كما كانت على تلاحم ووئام مع بعضهم الآخر. ومع ذلك، كان عمله مبدعاً سواء رسمهم بالحبر الاسود او بالحبر الملون. امتلك فن الكاريكاتور، ومشاهدو قناة «L.B.C» ثم قناة «المستقبل» كانوا على شوق وتلهف لرؤية ما ستطل به عليهم ريشته الملونة من جدية او سخرية تجاه هذا السياسي وذاك الزعيم وذلك المسؤول. كان جريئاً كل الجرأة في عمله. فإن اراد رسم انسان مهما علا شأنه وكبر أقدم غير مبال بالويل والثبور إن تمكنت ريشته من السخرية من الشخص الذي سيرسم. رحل الكبير بيار صادق بعدما كانت الريشة ملك اليدين. لقد تيتّمت وهذا صحيح. والصحيح ايضاً انها ستبقى ملك اليدين وهو في دنيا الخلود. نقيب الصحافة اللبنانية