أبلغ وزير العدل السوداني محمد علي المرضي مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية ان"مثول مسؤولين سودانيين أمام المحكمة في شأن جرائم وقعت في دارفور أمر غير وارد"، في وقت شككت الأممالمتحدة في قدرة الحكومة السودانية على حفظ الأمن واعادة الاستقرار إلى دارفور، في إطار ردها على خطة الخرطوم التي سلمتها اليها في آب اغسطس الماضي باعتبارها بديلاً لنشر قوات دولية في هذه المنطقة المضطربة غرب البلاد. وفي نيويورك، جددت الأممالمتحدة دعوة السودان إلى الموافقة على نشر قوات دولية في دارفور خلال جلسة مجلس الأمن العلنية أمس. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أن افريقيا وكامل الأسرة الدولية تعتبر استمرار موقف الخرطوم الرافض لقرار مجلس الأمن 1706"موقفاً مخزياً"، مشدداً على أن"متخذي سياسات كهذه ومنفذيها لا يجب أن يعتقدوا انهم لن يحاسبوا على مواقفهم". وحض أنان الخرطوم على قبول القرار، كما دعا مجلس الأمن إلى ان يبعث"رسالة قوية وواضحة وموحدة لمعالجة أزمة"دارفور. وطالب"الحكومات والقادة الأفارقة الذين لديهم تأثير على الحكومة السودانية بأن يمارسوا الضغوط"عليها لكي توافق على نشر قوات دولية في دارفور من دون تأخير. لكنه استدرك قائلاً:"لنكن واضحين، كلنا ندرك ان حكومة السودان لا تزال ترفض الانتقال من قوات افريقية الى دولية. ولقد أقر المجلس انه لا يمكن أن يتم الانتقال من دون موافقة الحكومة". ووصف نشر قوات اضافية للجيش السوداني في دارفور بأنه خطوة"غير مقبولة قانونياً وأخلاقياً"وتشكل انتهاكاً لاتفاق ابوجا للسلام، مؤكداً أن"لا حل عسكري للأزمة في دارفور". وفي المقابل، اتهم مندوب السودان ياسر عبدالسلام مجلس الأمن باختيار"نهج المواجهة"مع الخرطوم وإجراء"حوار من طرف واحد وفي اتجاه واحد". غير انه أكد أن رغم ان"حكومة السودان ستظل مستعدة للحوار في شان هذه القضية"، على رغم أن"مجلس الأمن تعمد اتخاذ خطوات متسرعة من دون تهيئة المناخ السياسي مع الحكومة". وانتقد عدم اهتمام المجلس بخطة الخرطوم لمعالجة أزمة دارفور، فهو لم"يفكر حتى في عقد جلسة لإلقاء النظر على هذه الخطة". واتهم"بعض اعضاء"المجلس بالكيل بمكيالين. وكشف مندوب الولاياتالمتحدة وليام برانسك أن واشنطن تعتزم توزيع مشروع بيان رئاسي لبعث رسالة موحدة من المجلس مفادها ان"الوضع في دارفور لا يمكن ان يستمر". ونقل مركز إعلامى حكومي أمس عن وزير العدل الموجود في العاصمة الايطالية للمشاركة في مؤتمر ينظمه المعهد العالي للقانون الجنائي، إن السودان يسير في خط الإجراءات القانونية والمحاكمات وفي الوقت ذاته يتبع طريق المصالحات ليكتمل الاستقرار والتعايش في دارفور. وقال المرضي إنه اوضح للمؤتمرين ان السودان أجرى محاكمات، وان موضوع الإفلات من العقاب ليس وارداً. ولم يؤكد الوزير وجود أي نوع من الاجتماعات مع اعضاء المحكمة الدولية على هامش المؤتمر. وكانت لجنة دولية أجرت تحقيقاً في دارفور، وقالت إن جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وقعت في الإقليم وحددت لائحة من 51 متهماً من المسؤولين في الحكومة والمتمردين حمّلتهم مسؤولية تلك الجرائم. وأحال مجلس الأمن تقرير اللجنة على المحكمة الجنائية الدولية. الى ذلك، تسلّمت الخارجية السودانية ملاحظات الأممالمتحدة حول خطة الحكومة لمعالجة الأوضاع في إقليم دارفور. وأوضح مسؤول حكومي أن الملاحظات في مجملها سلبية وانتقادية وتشكك في قدرة الحكومة على اشاعة الأمن والاستقرار وتهدف الى تقوية قرار مجلس الأمن 1706 بنشر قوات دولية في دارفور، وهو أمر تصر الخرطوم على رفضه. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السفير جمال محمد ابراهيم ل"الحياة"إن الملاحظات الدولية تخضع الآن للدرس، قائلاً"نحن نتعامل بمرونة مع الأطراف التي يعنيها الاستقرار في دارفور لتطبيق هذه الخطة وهي في النهاية ليست أمراً مقدساً ويمكن تصحيحها والإضافة اليها"، مؤكداً في الوقت ذاته"حرص الحكومة ومسؤوليتها في تحقيق الأمن والاستقرار في دارفور". ورأى انه كان ينبغي على المجتمع الدولي الضغط على الأطراف التي لم توقع اتفاق أبوجا بدل تركها تقوم ب"أدوار تخريبية"، كما كان عليه أن يضمّن قراره الأخير"ضرورة انخراط هذه الأطراف في عملية السلام". وأشار الى أن الأيام المقبلة ستشهد عملاً ديبلوماسياً مكثفاً لتوضيح وجهة نظر الحكومة حيال رفضها للقرار 1706. وتشمل خطة الحكومة السودانية نشر أكثر من عشرة آلاف جندي في دارفور وتسريع تطبيق اتفاق السلام وبسط هيبة الدولة ونزع أسلحة الميليشيات وملاحقة المتهمين بارتكاب انتهاكات واعادة النازحين واللاجئين الى ديارهم. وفي الإطار ذاته، اكد مساعد الرئيس الدكتور نافع علي نافع انه تلقى وعوداً من الصين بفتح حوار مع المجتمع الدولي في شأن نشر قوات دولية في دارفور. وقال نافع للصحافيين أمس ان زيارته لبكين اخيراً تركزت على البحث في قرار مجلس الأمن 1706 في شكل أساسي وانه تلقى وعداً من الصينيين بفتح حوار مع المجتمع الدولي، بعدما نقل لهم حرص الخرطوم على التعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية إذا كانت جادة في بسط الأمن في دارفور. وأشار إلى ان الصين أبدت تفهماً كاملاً لمبررات رفض الخرطوم المبدئي قرار مجلس الأمن، ولفت إلى انه قدّم للمسؤولين هناك شرحاً لأسباب الرفض المبني على ان القرار ليس لإرسال قوات اممية لبسط الأمن في دارفور وانما"لخدمة الأجندة الانغلو - أميركية".