قدم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الى مجلس الأمن امس، تقريراً جديداً عن الملف النووي الإيراني، تضمن لوماً لطهران لأنها"واصلت تخصيب اليورانيوم ولم تعلق النشاطات المتعلقة بذلك، كما عرقلت أعمال مفتشي الوكالة"، في تحد لقرار سابق لمجلس الأمن في هذا الشأن. لكن مسؤولاً رفيع المستوى في الوكالة قال انها لم تتوصل الى أدلة ملموسة على وجود جانب عسكري في البرنامج النووي الإيراني. تزامن ذلك مع إعلان الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد تمسك بلاده ببرنامجها النووي، مؤكداً انها"لن تتراجع قيد أنملة امام التخويف". واتهم نجاد الولاياتالمتحدة بأنها المسؤول الأول عن الضغوط الدولية على بلاده، وأضاف:"قوى الاستكبار لا تريد لإيران التقدم لكنني اقول لها ان الشعب الإيراني الذي نجح علماؤه الشبان من لا شيء، في بلوغ قمة التكنولوجيا النووية، سيتمكن أيضاً من تطوير ايران". في الوقت ذاته، اعتبر محمد سعيدي نائب رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية ان تقرير الوكالة الدولية للطاقة"ليس سلبياً"وان"نشاطات التخصيب تتواصل في إطار البحوث"في طهران. وفي وقت كشف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان محاولات لعقد اجتماع بين الإيرانيين وممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا للبحث عن حل للأزمة، كشف ديبلوماسي أوروبي ان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا تباحث هاتفياً مع سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، واتفقا على عقد لقاء"على انفراد"في برلين في السادس من الشهر الجاري. وعشية اجتماع مجلس الأمن منتصف الشهر الجاري، لدرس سبل الرد على التزام طهران طلبه وقف التخصيب في المهلة التي حددها لها وانتهت امس، بدت الادارة الاميركية مصممة على فرض عقوبات على ايران، اذ يتوجه مساعد وزيرة الخارجية الاميركية نيكولاس بيرنز الى اوروبا الأسبوع المقبل، لطرح افكار واشنطن في هذا الشأن. وأفادت صحيفة"نيويورك تايمز"ان واشنطن رفضت طلباً فرنسياً بأن تتعهد عدم السعي الى إسقاط النظام الإيراني، علماً ان وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي ابدى بعد صدور تقرير الوكالة الدولية أسف بلاده لرد ايران"غير المرضي"على عرض الحوافز الغربي الهادف الى إقناعها بوقف نشاطاتها النووية، لكنه اكد اقتناع باريس بضرورة"تغليب الحوار". ونقلت"نيويورك تايمز"عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين ان العقوبات ستطاول بالدرجة الأولى البرنامج النووي الإيراني، كفرض حظر على أي جهاز يمكن ان يستخدم في إطار النشاط النووي لطهران، اضافة الى حظر سفر المسؤولين عن الملف النووي الإيراني الى الخارج. وأضافت الصحيفة"اذا استمرت ايران في موقفها الرافض لوقف التخصيب، ستوسّع العقوبات لتشمل منع سفر المسؤولين الإيرانيين وتجميد حساباتهم في المصارف الخارجية، وفرض حظر على الآلات التي قد تستخدم في برنامج التخصيب، اضافة الى قيود على الرحلات التجارية وعلى قروض المنظمات الدولية المالية". في الوقت ذاته، أفادت صحيفة"واشنطن تايمز"امس، ان الجيش الأميركي يعمل على فرضية مفادها ان أمام طهران فترة تراوح بين خمس وثماني سنوات، قبل ان تصبح قادرة على تطوير قنبلة نووية. ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية مطلعة على المناقشات داخل البنتاغون ان فترة السنوات الخمس توفر للإدارة الاميركية وقتاً لتقرر هل ستشن ضربات جوية لعرقلة البرنامج النووي الإيراني أم لا. ورفض الناطق باسم البنتاغون الميجر باتريك رايدر التعليق على التقرير لكنه اكتفى بإبلاغ وكالة"رويترز"ان"الرئيس جورج بوش ووزارة الخارجية يعملان باجتهاد مع المجتمع الدولي لضم منظمات مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأممالمتحدة، الى جهود التعامل ديبلوماسياً مع النشاطات المزعجة للحكومة الإيرانية". تقرير الوكالة في فيينا، اكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في تقريره إلى مجلس الأمن، أن إيران لم توقف تخصيب اليورانيوم، على رغم المطالب الدولية بتعليقه. وتضمن التقرير الوارد في 6 صفحات وشمل تقويماً لنشاطات طهران النووية منذ 8 حزيران يونيو الماضي، إشارة إلى أنها عرقلت مهمات مفتشي الوكالة وحجبت عنهم فرصة التحقق من طبيعة برامجها في منشأة ناتانز ومجمع أراك، فضلاً عن استمرارها في تخصيب اليورانيوم بدرجة خمسة في المئة، في اختبار أجرته لتشغيل 164 جهازاً للطرد المركزي. ولفت التقرير إلى أن طهران أعربت في رسالة وجهتها الى الوكالة في 27 نيسان أبريل الماضي، عن استعدادها للتعاون وإبداء الشفافية الكاملة بموجب اتفاق بين الجانبين، شرط إبقاء الملف في إطار الوكالة وسحبه من التداول في مجلس الأمن، مع تعهد بتقديم جدول زمني يبيّن نشاطاتها النووية خلال فترة ثلاثة أسابيع من تاريخ الرسالة. إلا أن التقرير أبرز عدم التزام إيران بما قدمته من تعهدات، مشيراً إلى إبلاغها الوكالة عزمها على تشغيل مزيد من أجهزة الطرد المركزي. وفي نيويورك، أكد السفير الأميركي لدى الأممالمتحدة جون بولتون ان تقرير الوكالة الدولية يستنتج انها"غير قادرة على التأكد من الطبيعة السلمية لبرنامج ايران النووي". وشدد على انه"ليس هناك اي تفسير لتصرفات ايران في السنوات الماضية الا انها تسعى الى اسلحة نووية... فمن الواضح ان ايران لم تعلق نشاطات تخصيب اليورانيوم كما ينص القرار الدولي 1696 بل أيضاً سرعت برنامجها النووي". واستبعد بولتون التحرك في الأممالمتحدة قبل اجتماع سولانا وعلي لارجاني الأسبوع المقبل. من جهته اعتبر السفير الصيني لدى الأممالمتحدة وانغ غانغيا ان"المواعيد النهائية التي يتكلم عنها الناس لا تعني موت المفاوضات والمشاورات"، في اشارة الى تاريخ يوم أمس الذي حدده مجلس الأمن ضمن القرار 1696 كموعد نهائي لتعليق ايران تخصيب اليورانيوم. وأعرب عن أمله ان"نتكلم مع بعضنا بعضا لايجاد حلول للمسألة الايرانية".