حذّر وزير الخارجية البريطاني السابق جاك سترو من ان الوضع في العراق"ينذر بكارثة"مجدداً اتهام الادارة الاميركية بارتكاب"اخطاء عدة"بعد الغزو عام 2003، فيما أكدت صحيفة"الغارديان"ان ضباطاً بريطانيين رفيعي المستوى يمارسون ضغوطاً على الحكومة البريطانية لسحب جنودها من العراق بهدف نشرهم في افغانستان. وقال سترو في تصريحات الى"هيئة الاذاعة البريطانية"بي بي سي مساء أول من أمس ان"الوضع الحالي ينذر بكارثة". واضاف"هناك اخطاء عدة ارتكبت بعد العمل العسكري، ومن دون ادنى شك، من جانب الادارة الاميركية. لماذا؟ لأنهم الاميركيين لم يأخذوا بنصائح وزير الخارجية السابق كولن باول". واشار الى ان"وزير الخارجية الأميركي بذل جهودا كبيرة للتأكد من اقامة ادارة مدنية صلبة"في العراق بعد الغزو مباشرة لكنه لم يكلل بالنجاح. وكان سترو، بعد رئيس الوزراء توني بلير، الوزير البريطاني الاكثر مشاركة في قرار شن الحرب على العراق على رغم تقارير تفيد بأنه حذر بلير منها. وأبعد سترو من وزارة الخارجية في أيار مايو الماضي بعد صدور تقارير تحدثت عن استياء بلير منه بسبب موقفه من احتمال القيام بعمل عسكري ضد ايران بسبب ملفها النووي. يذكر ان سترو وصف احتمال الحرب على ايران بأنه سيكون"ضرباً من الجنون". وحلت مارغريت بيكت على رأس وزارة الخارجية محل سترو الذي انتخب رئيسا لمجلس العموم البريطاني. وقد اعتبر ابعاده عن وزارة الخارجية بمثابة اقصاء له. وجاءت تعليقات سترو بعد التصريحات التي ادلى بها بلير خلال المؤتمر السنوي لحزب العمال ودافع فيها عن العلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة خصوصا حول مسألة الحرب على العراق. في غضون ذلك، نشرت"الغارديان"أمس ان هناك جدلاً واسعاً يدور حول موعد انسحاب القوات البريطانية من العراق بعد ممارسة ضباط بريطانيين رفيعي المستوى ضغوطا على الحكومة البريطانية لسحب جنودها من العراق بهدف نشرهم في افغانستان. واضافت الصحيفة ان هؤلاء الضباط يريدون ان تركز بريطانيا نشاطها على ما يعتبرونه"معركة مهمة ويمكن كسبها في افغانستان". وقال احد المسؤولين الرفيعين المقربين من الوزارة فضل عدم الكشف عن هويته ان هناك"فريقا في وزارة الدفاع يضغط بقوة في سبيل اخراج الجنود من العراق بهدف نشر المزيد منهم في افغانستان". وتابعت الصحيفة"يشعر القادة العسكريون بنفاد صبرهم في مواجهة البطء في بناء الحكومة الوطنية الجديدة والقوات الامنية العراقية". وطالب الضباط بخفض عدد القوات البريطانية في العراق بسبب الضغوط المكثفة التي يتعرض لها الجنود وكذلك المسؤولون عن تدريبهم. وذكرت الصحيفة ان ضغوطاً أميركية نجحت في تأجيل أي تفكير في انسحاب مبكر أو خفض عدد القوات البريطانية في العراق. ولفت المصدر الى مذكرة صدرت عن احد موظفي وزارة الدفاع البريطانية جاء فيها ان"الوحدات البريطانية هي عمليا رهينة في العراق ... ونحن نقاتل ويمكن ان نقول اننا نخسر او نتراجع الآن على جبهتين". وتحاول وزارة الدفاع التقليل من قيمة هذه المذكرة المنسوبة الى ضابط برتبة لفتنانت كولونيل علما انها تستعيد آراء مصادر عسكرية عدة. وصرح عدد من المقربين من وزارة الدفاع للصحيفة ان النقاش"يدور بين مختلف المجموعات في الوزارة ويشارك فيه رؤساء اركان اضافة الى اعضاء قيادة الاركان الموجودين في نورثوود، شمال غربي لندن". وتتابع الصحيفة ان القادة العسكريين قلقون من"الاحصاءات التي تتحدث عن التراجع الكبير في حجم التأييد الشعبي للحرب في العراق، ومن الانعكاسات على معنويات الجنود وقدرة الجيش على اجتذاب المتطوعين الى صفوفه". ولم تسمح الظروف حتى الآن من تمكين القادة العسكريين من تحقيق رغبتهم بخفض عدد القوات البريطانية المنتشرة في جنوبالعراق. وكانت الوزارة تنوي قبل عام الابقاء على 3000 جندي فقط في الجنوب، اي اقل من نصف عدد الجنود المنتشرين حالياً. وبحسب الصحيفة، فان"القادة العسكريين اقتنعوا بأن عدد الجنود ... سيبقى على الارجح على المستوى الحالي، اقله حتى بداية العام المقبل". في غضون ذلك، أعلن نائب الأمين العام للأمم المتحدة مارك براون ان سياسة بريطانيا بالنسبة الى العراق هي التي أرغمت بلير على اعلان عزمه التخلي عن الحكم مبكراً. وأضاف براون، وهو مسؤول بريطاني سابق، ان موقف بلير من الحرب على العراق"كان مسؤولاً بشكل مطلق"عن تقويض زعامته وبالتالي اتخاذ قراره التنحي مبكراًَ. وأشار الى ان رفض بلير وقفاً فورياً لاطلاق النار في لبنان خلال العدوان الاسرائيلي كان بمثابة"المسمار الأخير في نعشه"على نحو أثار تمرداً في صفوف حتى الموالين له في حزبه. الى ذلك، نسبت صحيفة"الاندبندنت"الى مصدر في الأممالمتحدة قوله ان"العراق قد أنهى المستقبل السياسي لرئيس الوزراء البريطاني"، مشيراً الى ان بلير لا يعرف حجم الكراهية التي ثارت ضده من الدول الأخرى فضلاً عن فقدان الثقة بمصداقيته.