"الجثث المجهولة تتكاثر يومياً، والامكانات العلمية والبشرية للتعرف اليها غير متوفرة". بهذه العبارة، بدأ الدكتور حسن هادي، المدير العام لدائرة الصحة في بغداد، حديثة الى"الحياة". واضاف، ان"ثلاجات حفظ الموتى معدة لاستقبال حوالي 15 جثة يومياً، وهو المعدل الطبيعي لعدد الجثث في الظروف العادية"، مشيراً الى ان هذه الثلاجات"باتت تستقبل ما لا يقل عن 100 جثة، في بعض الايام بينها عدد كبير من الجثث المجهولة"، وزاد، ان"محدودية القدرة الاستيعابية للثلاجات، واستهلاك بعضها، اضافة الى الانقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي، لساعات طويلة، تشكل عبئاً على هذه الثلاجات ويدفع القائمين عليها الى الحصول على موافقات خاصة من وزير الصحة لدفن الجثث المجهولة المحفوظة فيها، قبل مرور 3 اشهر، وهي الفترة الواجب بقاء الجثة داخل الثلاجة قبل دفنها". ولفت هادي الى ان"الإجراءات المتبعة في هذه الحالات هي تصوير الجثة فوتوغرافياً وتعليمها برقم او تسلسل معين، ومن ثم دفنها في مقابر خاصة ليسهل التعرف اليها في حال ظهور ذويها"، واكد"عدم اعتماد تقنية البصمة الوراثية دي ان أي في تحديد هوية الجثة، في العراق لكلفتها العالية وحاجتها الى وقت طويل قبل ظهور النتائج، اضافة الى الاعداد الكبيرة من الجثث". وتزايد عدد الجثث الواصلة الى دوائر الطب العدلي في بغداد، وتجاوز ال50 جثة كمعدل يومي، فيما ارتفع عدد الجثث المجهولة التي تعرضت لتعذيب او تشويه يصعب معه التعرف اليها ليصل الى حوالي ألف جثة تقريباً، ما دفع وزارة الصحة الى التفكير بتحسين الخدمات التي تقدمها مستشفياتها ومديرياتها الصحية، بما فيها دوائر الطب العدلي في بغداد والمحافظات. ويقول الدكتور صباح الربيعي، المدير العام للعمليات في وزارة الصحة ل"الحياة":"هناك خطة لتوسيع المستشفيات والدوائر الصحية والنهوض بمستوى الخدمات بما فيها دوائر الطب العدلي"، مشيراً الى"طلبات تقضي بتجديد ثلاجات حفظ الموتى في بغداد وتوفير ثلاجات ذات قدرة استيعابية اكبر خصوصاً أن الثلاجات الموجودة حالياً باتت مستهلكة وغالبيتها دخل الخدمة منذ 30 عاماً". واكد الربيعي ان"الوزارة جادة في مشروعها لتطوير عمل دوائر الطب العدلي بما يليق وحرمة الموتى"، ولفت الى ان المستلزمات المادية والبشرية لتحليل البصمة الوراثية اللازم للتعرف الى هوية الجثث المجهولة"غير متوفرة حالياً". التشوهات الكبيرة التي تلحق بجثث الضحايا، خصوصاً تلك التي يتعرض اصحابها للتعذيب قبل قتلهم، او تلك التي يفصل رأسها عن الجسد، دفعت اهالي بغداد الى الاحتياط لهذا الامر، واكد المواطن وسام حسن ل"الحياة"انه"أجبر افراد عائلته على الكشف عن العلامات الفارقة في جسد كل واحد منهم، تحسباً لأي طارئ"، مشيراً الى ان"عدداً من رفاقه راحوا يكتبون اسماءهم باستخدام الوشم، في مناطق غير ظاهرة من اجسادهم وهي الطريقة التي اعتمدها الشباب العراقيون خلال الحرب العراقية - الايرانية ليسهل التعرف الى جثثهم اذا تعرضوا للاحتراق". ويشير مهند، احد العاملين في دائرة الطب العدلي في واسط 180 كلم جنوببغداد الى ان"اكثر الجثث تشوهاً هي تلك التي يتم انتشالها من النهر بعد يومين او ثلاثة في الماء قبل وصولها الى شواطئ الصويرة"قادمة من بغداد او المدائن 15 كلم جنوببغداد وزاد أن"التعرف الى هذه الجثث شبه مستحيل في غالبية الاحيان، حتى في حال افلاتها من الاسماك، إذ يفعل الماء فعله في عموم الجسد كما هو الحال مع الجثث المتفسخة، ناهيك عن تلك التي تصل من دون رأس او أطراف".