انعقدت، في 15-17 آب أغسطس الجاري، قمة السوق الأوراسيوية المشتركة في سوكشي، على ساحل البحر الأسود. وحين نشأت السوق هذه، في العام 2000، ائتلفت من خمسة أعضاء روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان، وقيرقيزيا، وطاجكستان، ومن مراقبين هم أوكرانيا ومولدافيا وأرمينيا. ومع دخول أوزبكستان السوق، في أوائل 2006، بلغ عدد سكان البلدان المنضوية 206 ملايين. والغاية منها هي جمع شمل البلدان السوفياتية السابقة في اطار اقتصادي واحد ومندمج. ودعي الرئيس الأرمني ورئيس الوزراء الأوكراني الجديد الى المشاركة في القمة، على رغم أن بلديهما ليسا في عداد الأعضاء. وأرمينيا، على خلاف أوكرانيا، عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي الى روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرقيزيا وطاجسكتان. ولم يكن تخلف أوزبكستان عن منظمة معاهدة الأمن الجماعي مسوغاً في أعقاب دخولها السوق الأوراسيوية المشتركة. وانتهز رؤساء مجموعة الدول المستقلة فرصة القمة، فضموا أوزبكستان الى منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وفي أثناء قمة سوتشي، نبه الرئيس الأوزبكي، اسلام كريموف الى أن الاقتصاد لا يزدهر من غير استتباب الأمن وضمانه. وخلص من رأيه هذا الى ضرورة تنسيق أعمال المنظمتين، الاقتصادية والأمنية، وربما دمجهما في منظمة واحدة. ويميل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الى هذا الرأي. وهو وعد الرئيس الأوزبكي ببيعه السلاح الذي يحتاج اليه بسعر تشجيعي. ويسعى أعضاء السوق الأوراسيوية المشتركة في تنسيق الموارد النووية. وخطت روسيا وكازاخستان، والبلدان وقعا مذكرة تنص على انشاء شركات مختلطة تتعاطى فصول الدورة النووية من استخراج الوقود الى معالجة النفايات كلها، الخطوة الأولى على هذه الطريق. ويتوقع أن يفضي هذا الى سوق طاقة مشتركة، والى سوق مائية. وسبق أن اقترحت كازاخستان، في 2003، انشاء سوق مشتركة للنفط والغاز. وعلى رغم كثرة القرارات والوثائق، لا تزال النتائج هزيلة. ويعود السبب الى السياسة الروسية. فمصلحة روسيا، وهي تعمل في سبيل تثبيت علاقاتها الدولية، وإمداد اوروبا بالغاز جزء من هذه السياسة، تقضي بالمبادرة الى عقد أحلاف متينة مع بلدان آسيا الوسطى. والسوق الأوراسيوية المشتركة اطار مناسب لهذا الغرض، وقد تصلح مقدمة لإنشاء نوع من"الأوبيب". ولا يكتمل عقد الشراكة هذه إلا بتركمانستان، مصدر انتاج غاز كبير. والحق أن الرئيس التركمانستاني، سابارمراد نيازوف، يميل الى الصين، وهو حريص على استقلاله السياسي. وتسعى البلدان المنتجة للطاقة في آسيا الوسطى الى المفاوضة على زيادة سعر الغاز الذي تنتجه. واذا اخفقت المفاوضات مع"غازبروم"فلا مناص من تصديرها انتاجها من غير أن تمر بالأراضي الروسية. ولعل مشكلة روسيا الأولى هي تضارب بين مصالح الدول ومصالح الاحتكارات مثل"غازبروم". وعلى نواة السوق المشتركة استمالة أوكرانيا الى خطة وحدة جمركية. وقد يكون هذا متاحاً في اطار السوق المشتركة وليس في اطار مجموعة الدول المستقلة، أو"نادي الطلاق"، على قول أحد الباحثين الروس. عن "نيزافيسيمايا" الروسية، 24\8\2006