انعقدت في العاصمة الارمنية يريفان قمة لرؤساء ست من دول الكومنولث المشاركة في معاهدة الامن الجماعي. وينتظر ان يتقرر خلالها انشاء قوات مشتركة للانتشار السريع محل المحورين الغربي والجنوبي وفي آسيا الوسطى. وكانت معاهدة الامن الجماعي وقّعت بعد ستة اشهر من انهيار الاتحاد السوفياتي في العاصمة الاوزبكية طشقند. ولم تنضم اليها اوكرانيا ومولدوفا وتركمانيا. وظلت المعاهدة هيكلاً "ورقاً" مثل سائر الهياكل التي نشأت على انقاض الدولة الموحدة، بل ان ثلاثاً من الدول الاعضاء انسحبت منها عام 1999، وهي جورجيا وأذربيجان وأوزبكستان، بحجة اخفاق المعاهدة في تسوية النزاعات داخل دول الكومنولث. وشكلت هذه الدول اضافة الى اوكرانيا ومولدوفا منظمة "غورام" التي اعتبرت منافساً لدول المعاهدة والكومنولث كله وحظيت بدعم من الغرب. إلا ان روسيا بدأت تستعيد نفوذها في الدول المستقلة واتبعت سياسة جديدة تقضي بالامتناع عن "فرض الصداقة" بل انتظار الفرص المواتية لكي يطلب منها الآخرون اعادة جسور الودّ. وساعدت موسكو ظروف خارجية اذ ان تفاقم الوضع في افغانستان وتحول طاجيكستان الى خطوط خلفية للمعارك جعلت دول آسيا الوسطى تفكر مجدداً بالاستعانة بروسيا. وغيرت اوزبكستان موقفها من موسكو بعدما واجهت الفصائل المسلحة ل"حزب التحرير" الاسلامي الذي نشط في اوزبكستان وقرغيزيا. وعلى هذه الخلفية، اجتمع في يريفان رؤساء روسيا وطاجيكستان وقيرغيزيا وأرمينيا وكازاخستان وروسيا البيضاء. وسيتابع نتائج الاجتماع قادة الدول الذين لم يشاركوا لكنهم يطمحون الى تعاون. وأكد مساعد الرئىس الروسي للشؤون الدولية سيرغي بريخودكو ان القمة ستبحث اقامة "هياكل الأمن الاقليمية"، وتشكيل قوات الانتشار السريع. وأشارت صحيفة "فريميه نوفوستي" الى ان القوات ستنشأ على ثلاثة محاور: الغرب وتشارك روسيا وروسيا البيضاء وفي الجنوب روسياوأرمينيا وفي آسيا الوسطى روسيا وكازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان. وتوقعت ان تبدأ اقامة المحور الاخير في شهر آب اغسطس المقبل. وعلى رغم ان الدول الاعضاء اتفقت على ان تبقى الوحدات المشاركة في قوات الانتشار مرابطة في بلدانها وتنقل عند الاقتضاء، فإن تشكيلها قد يكون لبنة اولية في بنيان تعاون عسكري بين دول الكومنولث. ومن الواضح ان روسيا ستلعب الدور الرئيسي في التشكيلات المقترحة، ما يعني انها ستكون حققت تقدماً في تنفيذ اماني الرئىس فلاديمير بوتين بإعادة بناء الدولة القوية. وعلى هامش القمة، سيعقد بوتين محادثات مهمة مع نظيره الأرمني روبرت كوكشاريان. وكانت ارمينيا وهي الحليف التقليدي لروسيا، لم تخفِ استياءها من التقارب بين موسكو وباكو. وأعرب الساسة الأرمن عن مخاوفهم من ان يكون الاذربيجانيون تمكنوا من اقناع بوتين بتغيير اولويات الاستراتيجية الروسية. وزادت هذه المخاوف اثناء انعقاد اجتماع وزراء دفاع الكومنولث في باكو عندما شنّ وزير الدولة المضيفة هجوماً عنيفاً على أرمينيا واعتبرها "دولة معتدية ومحتلة"، وطالب بانسحابها فوراً من منطقة قره باخ الاذربيجانية التي يسكنها الأرمن وتحتلها قوات ارمينية.