أخيراً، في 22 آب أغسطس، ردت ايران على مشروع وزراء خارجية الدول الست في شأن المسألة النووية الإيرانية. وعلى رغم بقاء مضمون الرد غير معروف، تشير دلائل الى ان ايران لم تعرب، في وضوح، عن قبولها توقيف تخصيب اليورانيوم. ومن المحتمل أن تكون قد رفضته رفضاً نهائياً. وتبدو مسألة تخصيب اليورانيوم هي النقطة الجوهرية في الجدل القائم حالياً بين ايران والمجتمع الدولي. فعلى رغم مطالبة المجتمع الدولي، تستمر ايران على رفضها. وتترتب على هذه المجابهة عواقب وخيمة وخطرة لن تكون في صالح طرف من الأطراف المتنازعة. ويتذرع الرفض الايراني بحق ايران المشروع في تخصيب اليورانيوم، وانتاج الطاقة النووية لأغراض مدنية. والحق أن المجتمع الدولي يقر هذا الحق، الا انه يرى، في الوقت نفسه، ضرورة ايفاء ايران بوعدها الإحجام عن تطوير الأسلحة النووية، وتقديم تقارير عن أنشطتها النووية المهمة، في حينه، الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجلي ان ايران لم تقدم في الماضي مثل تلك التقارير الى المجتمع الدولي. فلم يكن في مستطاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التثبت من النشاطات النووية الايرانية، ومن احتوائها مواد أو أنشطة نووية لأغراض سلمية أم لأغراض غير سلمية. وكلا الاحتمالين وارد. والأنشطة النووية السرية مخالفة للأعراف والقواعد، ولو كانت لأغراض سلمية ومدنية وعليه، اقتضى احتمال مزاولة ايران أنشطة نووية لأغراض غير مدنية الطلب اليها قبول تفتيش شامل لبرامجها وأنشطتها النووية، والتحقق من طبيعة الأنشطة هذه. فأنشطة تطوير الطاقة الذرية، غير السلمية، باتت في نظر المجتمع الدولي تعني انتشاراً للأسلحة النووية، وتشكل تهديداً للأمن الدولي. وهذا غير مقبول. وفي أثناء التدقيق والتحقق، فإن مطالبة ايران بتعليق تخصيب اليورانيوم مشروعة ومحقة. ولعل ايران تخشى طلب المجتمع الدولي اليها دوام تعليق تخصيب اليورانيوم، واستبدال التوقيف الموقت بتوقيف نهائي ودائم. ويساور ايران بعض القلق من امكان اكتشاف المجتمع الدولي، ابان التفتيش الشامل، أنشطة نووية، وبرامج تطوير قديمة غير سلمية. فتخسر ثقة المجتمع الدولي، أكانت راغبة في تطوير أنشطة مدنية وحسب، أم رغبت في تطوير أنشطة عسكرية. وفي الأحوال الأمنية الدولية السائدة، لا ترى طهران بداً من الإبقاء على الخيار الاستراتيجي النووي. ولا مناص من الإقرار بأن الهواجس والمخاوف هذه موضوعية. وآن يطالب المجتمع الدولي ايران بتعليق تخصيب اليورانيوم، عليه أن يتجنب الجمع بين التعليق الموقت والتوقيف الدائم. ويجب النظر الى طبيعة المخالفات الماضية ومداها، ثم التثبت من التزام ايران الضمانات التي التزمتها، ومدى تعاونها في هذا المجال، مع المجتمع الدولي. وعلى المجتمع الدولي ألا يتمسك بفرض استيراد الوقود النووي من الخارج على طهران. ويجدر بالمجتمع الدولي أن يستمر على مطالبة ايران بتوضيح تاريخها النووي وجلاء إبهامه. وعلى طهران التزام تعليق أنشطتها النووية، في الأثناء، طوال مدة التحقق والتفتيش. وبعد الكشف عن تاريخها النووي وتوضيحه، لإيران الحق في استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، طالما تتعاون مع المجتمع الدولي، وتقبل نظام الضمان الأمني الصارم والدقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومنع ايران من تطوير الطاقة النووية لأغراض غير مدنية، من طريق التفتيش النووي الدقيق والصارم، مسألة لا يسع المجتمع الدولي التراخي فيها أو التهاون. ويحتمل أن يضطلع المجتمع الدولي بمهمته هذه على خير وجه، ومن المحتمل أن ينجزها أيضاً... عن "رين مين ري باو" "الشعب" الصينية ، 28\8\2006