لم تقتصر العملية العسكرية الاسرائيلية"ضد الارهاب"على شن حرب على"حزب الله". فهذه الحرب هي على هذا الحزب، وعلى الشعب اللبناني. ويخلص مراقب العمليات الاسرائيلية في دولة مجاورة الى نتائج عامة، لا تخص البلدين المتحاربين دون غيرهما. فالتحالف الدولي المعادي للارهاب، وهو أنشئ على أثر هجمات ايلول سبتمبر للإطاحة بنظام"طالبان"بأفغانستان، انتهى الى غير رجعة. والحرب على العراق قسمت الدول الكبرى الى فريقين. وخبا الكلام على جبهة عالمية موحدة في مواجهة الخطر الارهابي. والحق أن حرب لبنان وجهت الضربة القاضية الى هذا التحالف. وفي حين تعتبر واشنطن واسرائيل"حزب الله"منظمةً ارهابية، لا توافق دول كثيرة، ومنها روسيا، على هذا التقويم. وعليه، من العبث القول إن الحرب الدائرة هي حرب على الارهاب. وعلى رغم تطور نوعية العتاد العسكري وتقنياته، أخفق العسكر إخفاقاً ذريعاً في الانتصار في حروب شنت باسم مكافحة الارهاب. وعلى خلاف العسكر، يتوصل السياسيون والديبلوماسيون الى حلول عند مكافحة الارهاب. وينجم عن تحرير وزارات الدفاع، على ما يحصل بلبنان منذ نحو عشرين يوماً، من أي قيد سياسي أو شرط، دمار مروع. فالنصر لا يحرز بتفوق طرف على الطرف الاخر عسكرياً. والقدرة على"سحق"الاعداء"لا تكفي في ساحة المعركة. وخير دليل على ذلك إخفاق القادة العسكريين الإسرائيليين، وهم أصحاب الخبرة والحنكة، في القضاء على الإرهابيين بسرعة، ومن دون المساس بالمدنيين. فالتوسل بالقوة للقضاء على الارهابيين يليق بالافلام السينمائية، وأبطالها الخارقين الذين يقتلون الاشرار والارهابيين. ولكن شتان بين عالم الواقع وعالم السينما. ففي قانا اللبنانية انهزم الطرف القوي، سياسياً واخلاقياً، وتشوهت صورته امام الرأي العالمي. ولا شك في أن مقولة الحرب على الارهاب فقدت مشروعيتها. وليس في وسعنا بعد الآن، اعتبار حرب يذهب ضحيتها الاطفال عوض المقاتلين، حرباً على الارهاب. ويبقى السؤال التالي معلقاً في انتظار الجواب عليه: هل ثمة حرب على الارهاب"حقيقية"في عالمنا المعاصر؟ عن سيرغي ستروكان، "كوميرسانت" الروسية ، 31/7/2006