ليس دفاعاً عن فيلم"ظاظا"ولكنها مجرد تساؤلات نطرحها ونحملها الى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، الناقد السينمائي علي أبو شادي، حول المنطق الرقابي الذي يحكم الإجازة أو المنع أو طلب إجراء التعديلات، خصوصاً في الوقت الذي تعاملت فيه الرقابة بسماحة ورحابة صدر مع فيلم"عمارة يعقوبيان"من منطلق الدفاع عن حرية الإبداع. والفيلم تحدث بوضوح عن آليات الفساد التي تحكم المجتمع المصري، والفساد المستشري في طبقة رجال الأعمال والوزراء والبرلمانيين، وأيضاً ظاهرة الإرهاب والتطرف والانهيار الاجتماعي الذي يشهده مجتمعنا. تناقض في المقابل جاء موقف الرقابة من فيلم"ظاظا"للنجم هاني رمزي على النقيض تماماً. والفيلم يستحق أن نطلق عليه"ظاظا مشاكل"وهو الوصف الأقرب للفيلم منذ بداية كتابته حتى ظهوره، بدءاً من طلب الرقابة إجراء تعديلات على النص منها عدم ذكر أي شيء من قريب أو بعيد يشير الى مصر كبلد تجرى فيه الأحداث، خصوصاً ان السيناريو مبني بالكامل على فرضية درامية تطرح"شخصاً عادياً جداً ومحدود القدرات أتيح له ترشيح نفسه في الانتخابات"ونجح في تولي الرئاسة. الفيلم في مجمله يطرح قضيته في قالب كوميدي. وبالفعل رضخت أسرة الفيلم للمطالب الرقابية كافة، وأجرت التعديلات المطلوبة. يقول المنتج هاني جرجس فوزي، صاحب الفيلم، عما صادفه من تعنت رقابي إن"الرقابة تكيل بمكيالين"فإذا كان المؤلف أو بطل الفيلم ذا نفوذ وعلاقات يكون الوضع مختلفاً في إشارة منه الى"عمارة يعقوبيان". ويضيف فوزي:"فوجئنا بمنع عرض الفيلم قبل موعد نزوله الى السينما بثلاثة أيام، ما وضعنا في مأزق حرج واضطرنا الى اللجوء الى وزير الثقافة فاروق حسني، والدكتور جابر عصفور الذي أجاز الفيلم معطياً ثلاث ملاحظات أثناء سفر أبو شادي الى بينالي السينما العربية في باريس". ويتساءل فوزي:"لماذا لم يكن أبو شادي صادقاً معنا؟ بعد أن شاهد الرقباء الفيلم، اتصلنا به فقال لنا: لا توجد مشكلة. الفيلم ستتم إجازته، ثم فوجئنا بقرار سفره ومن بعدها منع الفيلم. حقيقة أنا لم أفهم موقف أبو شادي، خصوصاً انه رفض قبل ذلك ملصق الفيلم وطالبني بأن أقدم خمسة ملصقات على أن يختار من بينها، والمفارقة انه رجل ناقد وواحد من أنصار حرية الإبداع في مصر ولا أعرف مم خشي؟". وما حدث مع"ظاظا"أدى الى إصابة بطل الفيلم"بانهيار"ودخوله الى المستشفى وخرج بعد ان علم بتدخل الدكتور جابر عصفور. تلك الوقائع تدفع الى السؤال: هل خوف الرقابة أصبح أكبر من أي مساحة حرية قد تكون متاحة خصوصاً مع التراجع الاجتماعي الذي يشهده المجتمع المصري، وفي ظل تعدد أنواع الرقابات؟ فالمؤسسات الدينية أصبح لها حق التدخل! والجهات السيادية العليا كذلك، وهو ما شهدناه مع أفلام مثل"بحب السيما، وپ"ليلة سقوط بغداد"، وپ"دافنشي كود"، وما حدث من نواب مجلس الشعب مع فيلم"عمارة يعقوبيان"ومن قبله أفلام إيناس الدغيدي؟ المبدع - الرقيب قد نلتمس العذر لرقابة الثمانينات التي منعت عرض أفلام مهمة، وقد نتفهم موقف نعيمة حمدي رئيسة الرقابة في ذلك الوقت والتي أطلق عليها المرأة الحديدية نظراً لتطرفها الرقابي، وكما سماها الناقد علي أبو شادي في دراسته عن الرقابة في مصر والتي نشرت في مجلة"أدب ونقد""الرقيبة المحجبة". ولكن الذي لا يمكن فهمه حقاً هو موقف علي أبو شادي... المعتبر من بين النقاد المبدعين والذي دان الرقابة بكل أشكالها في دراسته التي سبق الإشارة اليها، وذكر ان"الرقابة تكبل حرية الفنان"وسأل عن المؤسسات الحاكمة والشعبية والأهلية التي تنصّب نفسها حامية للأخلاق؟ وأشار الى وجود ترسانة من القوانين الرقابية نفسها حامية للأخلاق؟ وأشار الى وجود ترسانة من القوانين الرقابية التي تعوق العملية الإبداعية، مؤكداً أن أول عناصر هذه العملية هو شعور الفنان بحرية التفكير، وكل هذا مقتطف من دراسة أبو شادي التي نشرها في عام 1990. فهل يصح بعد ستة عشر عاماً أن يأخذ موقفاً مناقضاً لقناعاته بعد أن أصبح هو مسؤولاً عن الرقابة؟ وذلك بغض النظر عن التقويم النقدي للفيلم. ويجدر السؤال هنا: لماذا لم يطالب بإجراء تعديلات على قانون الرقابة حتى الآن بما يتناسب مع تطورات الزمن؟