لم يردع صدور قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، فجر امس، اسرائيل التي بدت غير آبهة به، واستمرت في عدوانها على لبنان، الذي دخل شهره الثاني. وتواصلت الاعتداءات الاسرائيلية براً وجواً في الجنوب والبقاع وصولاً الى عكار ومروراً بصيدا ومحيطها. وأدت الاعتداءات، كالمعتاد، الى سقوط المزيد من المدنيين اللبنانيين، بين شهيد وجريح، والى تدمير المزيد من البنى التحتية وكان آخرها محطة تحويل كهرباء في صيدا، فضلاً عما بقي قائماً من الجسور، وعشرات المنازل والمؤسسات على امتداد لبنان. وفيما كانت الطائرات الاسرائيلية تستبيح الاجواء اللبنانية، ممعنة في تقتيل المدنيين وتدمير ممتلكاتهم، وزارعة الرعب عبر مناشير التهديد، كانت مواجهات عنيفة تدور على مختلف محاور القتال البري. وحاول الاسرائيليون تحقيق مزيد من التوغل في اتجاه مجرى نهر الليطاني، سواء بواسطة الآليات المدرعة او عبر عمليات انزال، فيما كانت مصادرهم العسكرية تؤكد ان العملية البرية"غير محددة زمنياً"وانها قد تتجاوز الليطاني شمالاً. وجوبهت المحاولات الاسرائيلية بقتال شرس من عناصر"المقاومة الاسلامية"الجناح العسكري ل"حزب الله" التي اكدت في بيانات صد الهجمات المعادية واصابة العديد من الآليات الاسرائيلية والافراد، فيما واصلت قصف شمال اسرائيل بالصواريخ. وبلغ عدد قتلى الاعتداءات الاسرائيلية بين المدنيين اللبنانيين امس ما لا يقل عن عشرين، منهم 15 في منزل في قرية رشاف على بعد 20 كلم شرق صور. وكانت الطائرات الاسرائيلية دمرت المنزل، ثم اغارت مجدداً عليه بعد وصول مواطنين ومسعفين لتفقده. وقالت مصادر طبية ان أربعة مدنيين على الاقل قتلوا في غارة استهدفت شاحنة صغيرة في قرية الخرايب. وكان بارزاً امس استهداف صيدا للمرة الثانية منذ بدء العدوان. واعلنت الشرطة اللبنانية ان المقاتلات الاسرائيلية شنت صباحاً اربع غارات على المدينة، موضحة ان الغارات طاولت احياءها الشرقية، ودمرت بشكل كامل محطة تحويل للكهرباء، ما ادى الى انقطاع التيار عن المدينة والمناطق المجاورة. وقرابة الحادية عشرة، اغارت الطائرات على قرى جنوب شرق المدينة من دون الابلاغ عن وقوع إصابات، بعد ان كانت الغارات الصباحية ادت الى شل الحياة في تلك القرى. توغل ولكن الابرز في اليوم الثالث والثلاثين للعدوان على لبنان، توغل القوات الاسرائيلية اكثر في الاراضي اللبنانية على رغم مقاومة ضارية من"حزب الله". ونقلت"رويترز"عن مصادر امنية لبنانية ان الاسرائيليين وصلوا الى قرية الغندورية على عمق 11 كيلومتراً داخل الاراضي اللبنانية، وهي أعمق نقطة يصلونها. وبدأ الجيش الإسرائيلي ليل اول من أمس تنفيذ اجتياح واسع في عمق الأراضي اللبنانية. وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة امس إن وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس ورئيس أركان الجيش دان حالوتس وقيادة الجيش وصلوا ليلاً إلى مقر قيادة الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي وأشرفوا عن كثب على بدء الهجوم العسكري الموسع في لبنان. وقال رئيس أركان الجيش الاسرائيلي ان الهجوم في لبنان سيتواصل. واضاف دان حالوتس في بيان:"حقيقة انه تم قبول قرار الاممالمتحدة لا ينطبق فوراً على ترتيب وقف اطلاق النار." وصرح متحدث باسم الحكومة الاسرائيلية ل"فرانس برس"بان العملية البرية الواسعة النطاق التي بدأها الجيش الاسرائيلي صباح السبت"ليست محددة زمنياً". وقال آفي بازنر ان"العملية تهدف الى شل قدرات حزب الله على اطلاق قذائف وصواريخ على شمال اسرائيل". واشار الى ان العملية تستهدف الوصول الى نهر الليطاني، موضحاً ان"القوات على الارض ستتمتع بتغطية جوية وبحرية وهدف العملية هو تدمير القذائف والصواريخ التي يتم اطلاقها من جنوبلبنان على شمال اسرائيل". من جهته، قال قائد المنطقة العسكرية الشمالية في اسرائيل الجنرال الون فريدمان للاذاعة الرسمية الاسرائيلية امس ان العملية البرية في جنوبلبنان"قد تستمر اسابيع"و"تمتد الى ما وراء نهر الليطاني". واوضح"انها عملية على مراحل والمرحلة الاولى ستستمر بضعة ايام حتى نتمكن من السيطرة على الارض. اما المرحلة الثانية فهي لتنظيف الارض وقد تستغرق اياماً عدة اضافية ان لم يكن اسابيع". واضاف:"بالنسبة الينا تنظيف الارض يعني تدمير اكبر قدر ممكن من البنى التحتية الارهابية على الارض وخصوصاً القذائف والصواريخ". وتابع فريدمان:"سنذهب الى ما وراء نهر الليطاني اذا كان ذلك ضرورياً شمالاً داخل لبنان"، مؤكداً ان"الجيش وقيادة الشمال يملكان خططاً للوصول الى القطاعات الضرورية من اجل تنظيف الارض". ومساء، قال الجيش الاسرائيلي ان طائرات مروحية نقلت السبت مئات الجنود الى جنوبلبنان في اطار عملياتها الموسعة هناك. قصف وضحايا وطاول القصف الاسرائيلي، البري والجوي، امس مختلف القرى والبلدات الواقعة جنوب الليطاني. وطاول القصف والغارات منطقة النبطية ومحيطها، شمال النهر، فضلاً عن الغارات الجوية المتنقلة التي طاولت مناطق متعددة على امتداد لبنان، ما ادى الى تدمير عشرات المنازل وسقوط العشرات بين قتيل وجريح. وفي قصف على دبل الحدودية، استشهدت المواطنة مريم فرحان يونس، وجرح 13 شخصاً نقلوا الى كنيسة البلدة بانتظار الصليب الاحمر او الهيئات الانسانية لنقلهم الى المستشفى. وكان استهداف سيارة بيك اب في الخرايب ادى الى استشهاد السائق عباس محمد اخضر وجرح ابنه. وعند نقل الشهيد والجريح في سيارة اسعاف تابعة ل"كشافة الرسالة الاسلامية"اغارت طائرة عليها ما ادى الى استشهاد سائق الاسعاف علي سليمان خليل وجرح حسن الدر. وعندما حاولت سيارة اخرى نقل المصابين استهدفتها الطائرة ما ادى الى استشهاد محمود اخضر واصابة حسن اخضر بجروح خطرة. وقد نقلوا في وقت لاحق الى مستشفى خروبي. مواجهات وجرت في موازاة ذلك، مواجهات عنيفة على اكثر من محور بين المقاومة والقوات الغازية في قرى قضاء بنت جبيل، في ظل اعنف قصف مدفعي وتحليق حربي منذ بدء العدوان. وتوغل الاسرائيليون في القطاع الاوسط في ظل قصف مدفعي وغارات للطائرات الحربية التي تدمر المنازل. ودارت اشتباكات عنيفة بين رجال المقاومة ومجموعة من الكومندوس الاسرائيلي عند اطراف بلدة الغندورية. وكان عناصر الكوماندوس انزلوا فجراً، وحتى العصر، كانت الاشتباكات لا تزال مستمرة. وافيد بأن قوة من المشاة الاسرائيلية مشطت قبل ظهر امس طريق عام القليعة وفتشت المنازل. وتمركزت قوات الاحتلال في ثكنة مرجعيون وفي المستشفى الحكومي للبلدة وفي تلة مار الياس وفي منزل العميل انطوان لحد في البلدة نفسها. وسجلت اشتباكات مع عناصر المقاومة شرق القليعة. المقاومة واكدت المقاومة الاسلامية تصديها للقوات المعتدية. وأوضحت في سلسلة بيانات منذ الصباح انها: - صدت هجومين باتجاه صف الهوا واطراف عيتا الشعب ودمرت جرافة ودبابة ميركافا حاولت التقدم الى بيت ياحون واوقعوا طاقميهما بين قتيل وجريح. - كمنت لقوة مشاة اسرائيلية حاولت التسلل الى الغندورية ومحاولة لإنزال قوة مظليين لمساندة المجموعة المحاصرة واخلاء المصابين واوقعت في قوات العدو اصابات مؤكدة، وتمكنت من تدمير 4 دبابات ميركافا على اطراف القنطرة. - دمرت دبابة استطلاع على طريق القنطرة - عدشيت - القصير، كانت تمهد لدخول رتل من الآليات وكمنت للرتل وهاجمته مرتين، ما ادى الى إصابة دبابات عدة بصورة مباشرة وشوهدت النيران تتصاعد منها، فيما اصيبت اطقمها بين قتيل وجريح. - دمرت 17 دبابة للعدو خلال محاولات للتقدم من محور الطيبة - القنطرة - عدشيت - القصير باتجاه وادي الحجير، بعد معارك عنيفة وسلسلة هجمات. غارات شمالاً وبقاعاً واستمرت الغارات الاسرائيلية امس على مناطق مختلفة بعيدة من المواجهات البرية. وكان للضاحية الجنوبية نصيبها اذ شنت الطائرات الاسرائيلية غارة على منطقة حارة حريك مستهدفة محيط مسجد الامامين الحسنين. وواصل الاسرائيليون قصف سوق معوض الذي اصبح منكوباً بفعل تدمير مبانيه، وآخرها مبنى دريان للاخشاب المؤلف من سبع طبقات سويت بالارض. ونفذت الطائرات سلسلة غارات على بعلبك ومنطقتها، موقعة سبعة جرحى نقل ثلاثة منهم إلى مستشفى رياق وهم: محسن يزبك، محمد صقر، أماني البواري، وأربعة جرحى نقلوا إلى مستشفى دار الأمل في دوريس وهم: علي ابراهيم الحاج حسن، حسن علي الكيال، علي رضا البواري وحسين علي البواري. ودمرت الغارات على بعلبك مبنى في السوق حيث سقط عدد من الجرحى نقلوا إلى مستشفى بعلبك، وكذلك مبنى اللقيس في حي آل ياغي. وكانت عكار فجراً مسرحاً للاعتداءات الاسرائيلية، اذ نفذ الطيران المعادي سلسلة غارات استهدفت مواقع سبق له ان استهدفها، لا سيما جسر مزرعة بلدة على طريق عام الخريبة - دير جنين، وجسر بربارة - خربة داوود، بالاضافة الى طريق عام القبيات - عندقت التي اعيد قطعها من جديد. وفي استهداف هو الاول من نوعه، شن الطيران الحربي الاسرائيلي غارتين على طريق عام العبدة - العريضة التي كانت مصنفة من ضمن الممرات الآمنة المحمية بقرار دولي. الغارة الاولى استهدفت عبارة مياه بالقرب من مدخل مطار القليعات واحدثت فجوة كبيرة قطعت الطريق. والغارة الثانية استهدفت جسراً عند مصب نهر عرقة في البحر بثلاثة صواريخ احدثت تصدعات كبيرة في الجسر ودمرت تدميراً كاملاً محطة وقود يملكها نزيه ملحم عند مفترق قبة بشمرا، كما اصيب ثلاثة اشخاص من العرب الذين يسكنون الخيام بالقرب من الجسر وهم محمد عز الدين الحسن وولده عز الدين وملكة جمعة النعسان. وتجدر الاشارة الى ان الطريقين الدوليين باتجاه نقطتي العبور الحدوديتين مع سورية في العبودية والعريضة باتا بحكم المقطوعين. واغار الطيران الاسرائيلي مرة جديدة امس على نقطة المصنع الحدودية بين لبنان وسورية وعلى مناطق جردية قريبة. صواريخ في هذه الاثناء، واصلت المقاومة الاسلامية قصف شمال اسرائيل بالصواريخ. ونقلت"فرانس برس"عن مصدر في الشرطة اللبنانية ان قرابة عشرين صاروخاً اطلقت من منطقة العرقوب في اتجاه المستعمرات الشمالية. وافادت"يو بي آي"نقلاً عن الشرطة الاسرائيلية ان القصف الصاروخي تجدد ظهراً وأصيب مواطنان من جرائه بجروح طفيفة. وأفادت الشرطة الإسرائيلية أن صواريخ عدة سقطت في مدينة صفد وأصاب أحدها بيتاً بشكل مباشر ما أدى إلى إصابة مواطنين بجروح طفيفة. وسقطت صواريخ"حزب الله"في كريات شمونه ونهاريا وبلدات عدة أخرى. واكدت المقاومة الاسلامية في بيان بعد الظهر انها رداً على استمرار العدو في قصف القرى والمدن اللبنانية، استهدفت بصواريخها عند قرابة الرابعة مستعمرات عدة في شمال اسرائيل. ومن جهة ثانية، اعترف الجيش الاسرائيلي بأن أحد جنوده قتل في اشتباك وقع مع مقاتلي"حزب الله"اللبناني في جنوبلبنان، ونقلت"يو بي آي"عن مصدر عسكري إسرائيلي إن عشرات الجنود أصيبوا"وعلى ما يبدو أن بينهم قتلى"في معارك ضارية امس. وقال المصدر:"هناك مشاكل كثيرة"تواجهها القوات الإسرائيلية. لكن المصدر رفض الإفصاح عن ماهية هذه"المشاكل". ونقلت مروحيات عسكرية إسرائيلية أكثر من 30 جندياً إسرائيلياً جريحاً إلى مستشفى رامبام في حيفا. شهداء ونعت المديرية العامة للامن العام اللبناني امس المفتش اول علي محمد ملحم الذي استشهد بتاريخ 11/8/2006 من جراء قصف العدو الاسرائيلي، من مواليد 1/12/1974 الحيصة - عكار. ونعت المقاومة الاسلامية الشهداء: عقيل موسى الاخرس، مواليد 1976 عيترون، علي محسن حريري، مواليد 1979 دير قانون النهر، حسن محمود شبيب، مواليد 1980 جبشيت. ونعت حركة"أمل"الشهداء: محمود محمد أخضر مواليد 1979 الخرايب، عباس محمد أخضر مواليد1969 الخرايب، علي سليمان خليل مواليد 1979الخرايب، هيثم حسن مزيد مواليد1972 شحور. والثلاثة الاول استشهدوا في القصف على سيارة الاسعاف في الخرايب، والرابع في صور. من يوميات العدوان اكدت النائبة بهية الحريري في تصريح اثر القصف الاسرائيلي لمحطة الكهرباء في صيدا،"انها اجرت اتصالات مع مسؤولين في شركة الكهرباء لحصر الاضرار وتأمين اللوازم الخاصة لاصلاح الاعطال الناتجة عن العدوان، من اجل عودة التيار للمدينة ومحيطها". اوضح محافظ الجنوب مالك عبد الخالق في تصريح،"ان محطات المياه في صيدا ومحيطها مستمرة في العمل، على رغم القصف الجوي الاسرائيلي لمحطة تحويل الكهرباء، لان مولدات كهرباء خاصة في هذه المحطات تعمل في شكل طبيعي لتشغيلها". قال رئيس بلدية ميس الجبل نعيم رزق إن القوات الإسرائيلية أقدمت على خطف عدد من أبناء البلدة ونقلتهم إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بقصد المساومة عليهم في عملية تبادل الأسرى. وناشد الهيئات الإنسانية دخول البلدة التي تعاني أزمة إنسانية جراء محاصرة أكثر من 400 مواطن. أعلن رؤساء بلديات مركبا والعديسة والطيبه والقنطرة بلداتهم بلدات منكوبة جراء القصف الإسرائيلي عليها، لافتين إلى أن هذه البلدات تعيش حالة مأسوية. وناشدوا فرق الدفاع المدني والهيئات الإنسانية دخول بلداتهم حيث عشرات الضحايا تحت الأنقاض والجرحى الذين يعانون الآلام، مطالبين الهيئات الإنسانية مساعدة الأهالي الذين يفتقدون إلى أدنى مقومات العيش من مياه وغذاء ودواء.