مع توقف العمليات الحربية الكبرى وسقوط النظام، واجه العراق تركة ثقيلة ومتعددة الأبعاد في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما بدأ يواجه معوقات وآثاراً سلبية جديدة ناجمة بالدرجة الأولى عن فرض سلطة الاحتلال الأجنبي وما نجم عن ذلك من عواقب وخيمة على الاستقرار والأمن الداخلي وتزايد العنف والتخريب بمقاييس خطيرة، وتعثر الجهود لبناء نظام سياسي جديد فعال وديمقراطي حقاً. اصطدم التخطيط للتنمية وإعادة الاعمار لمعالجة آثار التركة الثقيلة ولتحقيق إصلاحات هيكلية للاقتصاد العراقي، بمجموعة من الفرضيات والتقديرات القاصرة للأوضاع المستجدة في العراق ما انعكس سلباً على تنفيذ البرامج المقترحة. لا جدل في الحاجة إلى تحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد مغلق ومركزي آنذاك الى اقتصاد مفتوح ومتنوع وقائم على الإفادة من آليات السوق ودور أكبر للقطاع الخاص، فضلاً عن أن هناك اتفاقاً على معظم الأوليات الواجب تنفيذها لإزالة التخلف وإنماء الاقتصاد العراقي ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة. إلا أن الخلاف كما يبدو انعكس في المقاربة الواجب اعتمادها لبلوغ هذه الغايات. في هذا السياق، كانت هناك مقاربتان: الأولى المسماة مجازاً"المقاربة الإيديولوجية"، وترتكز على اعتبار أن انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق، وفرا الشروط اللازمة والمناخ المطلوب لوضع خطط جذرية لإصلاح الوضع العام وتطبيق وصفات"جاهزة"مستقاة من تجارب مغايرة لبلدان أخرى لاسيما بلدان أوروبا الشرقية، وهي التي استندت الى استخدام مصطلح"مرحلة ما بعد النزاع". غير أن تطور الأحداث أبان قصور هذه الرؤية والتقديرات، حيث تفاقم الصراع الداخلي واتسعت موجة التمرد وأعمال العنف والإرهاب وما تبعها من نزاعات طائفية. أما المقاربة الثانية فهي الموسومة بالبراغماتية، إذ تنطلق من إعطاء تقدير سليم للتطورات الجارية في الواقع الحي وتفهم وملاحظة المتغيرات الجديدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام. وهي المقاربة التي تستدعي اعتماد منهج تدريجي في مواجهة الأخطار الجديدة وتطبيق برنامج الإصلاحات، أي إنها تأخذ في الاعتبار أن العراق ما زال يعاني من نزاعات داخلية، ولم تتوافر له بعد أسباب الأمن والاستقرار على نحو يسمح بوضع برامج واقعية وطموحة للتنمية وإعادة الاعمار. فالفهم الصحيح للظروف الجديدة في العراق والمتغيرات الناشئة بالارتباط مع سقوط النظام وفرض الاحتلال الأجنبي، كان أمراً في غاية الأهمية من الناحية المنهجية لصوغ البرامج الإنمائية اللاحقة. والواقع أن برامج وخططاً كثيرة تعثرت أو لم ترَ النور أبداً بسبب التدهور الأمني وهجمات التخريب، ما يؤكد خطأ المراهنة على المقاربة الأولى واعتمادها، اذ كان ينبغي اعتماد منهج تدريجي وبراغماتي يوفر إمكان تحديد الأولويات على نحو مختلف ويأخذ في الاعتبار التحديات الجديدة والسعي لمواجهتها بأسلوب فعال، لاسيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة. وينبع من الفرضية السابقة تقدير خاطئ لكيفية إجراء الإصلاحات الاقتصادية وتوفير مستلزمات تحقيقها بنجاح. فالاقتصاد العراقي كان وما يزال يعاني من اختلالات خطيرة من حيث بنيته وطابعه الريعي وعدم التوازن في السياسة المالية والنقدية للدولة، ما طرح ويطرح اجراء اصلاحات هيكلية تشمل مؤسسات الدولة غير المجدية ومعالجة التضخم ومظاهر الاختلال في الانفاق العام أشكال الدعم غير المنتج وسواها. ومع ان قرارات وقوانين صحيحة صدرت من قبل السلطات المتعاقبة، الا أنها لم تعط مفعولها المنشود بسبب غياب المناخ والشروط اللازمة للاصلاح. وهذا يتمثل بالدرجة الأولى باستعادة الدور الطبيعي والفعال للدولة كمنظم وحامي للقانون والنظام والأمن الفردي والعام في البلاد. غير أن مجريات الأحداث اضعفت مؤسسات الدولة وصفت بعض أجهزتها المهمة والحيوية بقرارات خاطئة كما حصل بالنسبة للجيش ووزارة الدفاع والأجهزة الأمنية، ما خلق فراغاً سياسياً وأمنياً خطيراً نتج عنه تعذر إجراء الإصلاحات الاقتصادية المقررة. ومع هذا فان عدداً من الانجازات الاقتصادية تحقق، يتمثل في توحيد العملة الوطنية وتأمين استقرارها وسعر صرفها على رغم المصاعب التي واجهت البلاد، كما أمكن السيطرة على التضخم الى حد ما. اما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي فقد شهد من دون شك نمواً ملحوظاً بسبب الزيادة النسبية في انتاج النفط وحجم الصادرات النفطية وارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية بصورة متسارعة، والذي ترتب عليه ايضاً زيادة في الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية بما يقرب من حوالى 9 بلايين دولار أو أكثر. فهذه النجاحات على الصعيد الاقتصادي الكلي يوازيها غياب التقدم المطلوب في مجال الإصلاحات الهيكلية التي تعثرت بسبب المعوقات الأمنية. لعل أخطر ما يواجهه العراق اليوم هو اتساع ظاهرة الاستنزاف المادي والإنساني واتخاذها أبعاداً خطيرة في الأشهر الأخيرة. وتنبع هذه الظاهرة من نشوء النزاع الداخلي المتمثل بظاهرة التمرد والإرهاب والتخريب الذي طاول المؤسسات والمصالح العامة، وتستمر، فضلاً عن خسارة الممتلكات الخاصة للمواطنين. غياب الأمن وضعف الدولة ان ظاهرة الاستنزاف المادي والانساني تلخص اليوم الحالة العامة في البلاد، وهي تمثل النتيجة الطبيعية لعاملين أساسيين برزا خلال السنوات الثلاث الماضية، أولهما نشوء نزاع داخلي من نوع جديد بعد انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق، والذي جعل العراق في وضع لا يمكن أن يوصف بأنه قد تعدى النزاع، وإنما هو في حالة نزاع داخلي، وهذه مسألة جوهرية يتوقف عليها تحديد إستراتيجية المستقبل وتحديد أولويات البناء واعادة الاعمار. وهي النقطة التي كانت موضع تقدير خاطئ من بعض الجهات الداخلية والأجنبية وتأثرت بها برامج ومواقف الدول والمؤسسات المانحة. ان انتشار ظاهرة العنف والإرهاب قد يكون موضع خلاف بين بعض المحللين، لكن يمكن التأكيد على ثلاثة أسباب: الأول، الالتباس الحاصل في الموقف من الاحتلال والوجود الأجنبي في العراق وما اقترن به من نشاطات وأعمال مناهضة، وغذته أجواء العداء للقوى الأجنبية والحملة الدولية ضد الارهاب. والثاني، تأجيج الصراع الطائفي والجهوي واعتماد الخطاب الطائفي الضيق كرؤية وهوية لبعض النخب السياسية المتنفذة، وهو أخطر ما يواجه المجتمع العراقي في هذه الظروف الحساسة والحرجة التي يمر بها. والواقع أن الطائفية ليس لها تأثير كبير على صعيد العلاقات الاجتماعية ولا تقوم على أرضية قوية لتمزيق النسيج الاجتماعي، بل هي في صورتها الحالية بضاعة لبعض النخب السياسية التي تستخدمها أداة للصعود للسلطة وممارسة النفوذ. أما السبب الثالث فهو التدخل الخارجي المقترن بتلاقي نشاطات وخطط إرهابية من جانب بعض العناصر والمنظمات الوافدة والتنظيمات الموروثة عن النظام السابق. تحدي العملية السياسية وتأتي المشاكل المعقدة الناجمة عن تأخر العملية السياسية، كتحد آخر مهم في وجه تقدم التنمية المستدامة. فقد تعثرت العملية السياسية وتأخرت في انجاز مراحلها المختلفة في صورة طبيعية وناجحة وأسفرت عن تشديد الصراعات بين الأطراف السياسية المختلفة. والواقع أن انجاز صوغ الدستور والانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الحالية هي خطوات ايجابية بوجه عام، الا انها تمت في مناخ من التوتر السياسي واحتدام الخلافات والعنف، ما أثر سلباً على تقدم هذه العملية وبلوغ نتائجها بصورة مرضية. ومعروف ان الهدف من العملية السياسية اقامة مؤسسات حاكمة وشرعية معبرة عن الرأي العام العراقي الحر. أي انها تستهدف بناء ادارة حكومية وتشريعية فعالة وفق المعايير الديموقراطية. لكن من الخطأ اعطاء صورة وردية ولما تم بلوغه على هذا الصعيد حتى الآن لما اقترن به من عواقب سلبية ومشاحنات داخلية. وكانت لهذه العواقب وستكون آثار خطيرة على اداء المؤسسات الحكومية وقدراتها الإدارية نتيجة النزعات الضيقة المتشددة للهيمنة الطائفية والاثنية على شؤون الدولة. تحدي الموارد المالية من أبرز المعضلات التي تواجهها التنمية المستدامة في العراق، الضعف الراهن للموارد المالية المحلية. وتكاد الأخيرة تنحصر في العوائد الناجمة عن صادراته النفطية. اذ تبلغ نسبة القطاع النفطي أكثر من 62 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. كما تشكل هذه العائدات أكثر من 90 في المئة من موارد الموازنة العامة، بما في ذلك، موازنة البرنامج الاستثماري، وهي حالة فريدة من نوعها وتحتاج الى معالجة جدية تعيد التوازن الى هيكل الاقتصاد العراقي وتنويع مصادره ومداخيله، أي تحرير الاقتصاد من طابعه الريعي وتحويله الى اقتصاد متنوع ومتوازن المقومات الهيكلية. ان الموارد المالية الناجمة عن عائدات النفط لا تفي بالحاجات التمويلية لمشاريع التنمية المستدامة واعادة الاعمار، خصوصاً أن حجم الخراب والتدمير الذي تعاني منه البنى التحتية وهياكل الاقتصاد يستلزم مبالغ مالية كبيرة، إضافة الى كلف مكافحة البطالة. وتلعب المعونات الخارجية دوراً مهماً في دعم التنمية المستدامة وتطويرها، شرط استثمارها باسلوب صحيح في المجالات الحيوية ووفق أولويات سليمة، وكذلك ادارتها من قبل آليات محلية ودولية بصورة فعالة ومتناسقة. كما تقرر في مؤتمر مدريد اعتماد خطة لانفاق هذه المعونات لتنفيذ مشاريع كثيرة في جميع القطاعات وفق التقرير المعد مسبقاً للمؤتمر. غير أن قيام هذه الآلية الدولية، لا يعيق تقديم المعونات بصورة مباشرة وثنائية للعراق من قبل المانحين، مؤسسات ودول. بل أن الجزء الأكبر من المعونات المحققة جاء من طريق القنوات الثنائية والمباشرة، من خلال متعاقدين ومنظمات غير حكومية، ومنظمات دولية ومؤسسات عراقية. مضى على هذه التجربة حوالي سنتين ونصف ولم يبق لإطارها الزمني المقرر سوى سنة ونصف نهاية 2007 . وتعددت المحاولات والدراسات لتقويم فاعلية وجدوى المعونات الخارجية لإعادة الاعمار وأسفرت عن تقديرات متباينة. غير أن المنهج الموضوعي والمسؤول، يتطلب الخروج باستنتاجات سليمة وفق معايير محددة نابعة من الأهداف المقررة وحجم التأثير الذي أحدثته هذه المعونات في عملية التنمية واعادة الاعمار ورصد المظاهر السلبية التي رافقتها على صعيد الادارة والتنسيق والتنفيذ في اطار الآليات الدولية المكلفة والمؤسسات العراقية. وفي هذا السياق، يمكن ابداء الملاحظات التالية: 1 - بحسب المعطيات المتوافرة من الجهات المانحة، فان قيمة ما أنفق من المعونات بلغت أخيراً حوالى 15 بليون دولار، وتشمل ما صرف من المنحة الأميركية بقيمة حوالى 11.5 بليون دولار، ومن الدول والمؤسسات المانحة الأخرى 3.5 بليون دولار. وهذا يعني أنه لم يتحقق من تنفيذ التعهدات سوى أقل من 50 في المئة من مجموعها حتى اليوم، أي أن وتيرة التنفيذ لم تكن بمستوى إلتزامات المتفق عليها. ويصعب التأكد من امكان الوفاء بجميع الالتزامات الجهات المانحة على امتداد الفترة المتبقية حتى نهاية 2007. 2- ان جزءاً غير قليل من كلفة المشاريع المنفذة ذهب لأغراض الأمن والنفقات الادارية. وتقدر بعض الدراسات بأنها قد تبلغ حوالى 40 في المئة. والواقع أن هذه التقديرات قد تكون صحيحة. 3- أن الجزء الأكبر من هذه المعونات أنفق في مجالات غير انشائية ، بمعنى ان حصة اعادة اعمار البنى التحتية والمرافق الانتاجية والخدمات الأساسية لم تبلغ المستوى المطلوب ولم تعط المردود الاقتصادي المنشود، خصوصاً في مجالات حيوية كتطوير قطاع النفط والكهرباء والخدمات الأخرى ومكافحة الفقر والبطالة. 4- لا شك أن الأمن وبناء القوات المسلحة استحوذ على جزء هام من هذه المعونات، الا أن التقدير العام لتأثيرها ما زال غير مرض، ما يثير تساؤلاً مشروعاً عن فاعلية وجدوى الانفاق الجاري في هذه الميادين، في ظرف يشعر فيه الجميع بأن غياب الأمن والاستقرار ما زال المعضلة الرئيسة التي تعاني منها البلاد. وهي تشكل العامل الأهم في ضعف الوفاء بالالتزامات المالية الدولية وتنفيذها. 5- أن نظام الصناديق الدولية وأسلوب العمل المعتمد فيها يتحمل جزءاً من مسؤولية التأخير والتلكؤ في اقرار وتنفيذ المشاريع، ويعزى ذلك الى أن هذه الصناديق تدار من خارج البلاد بفعل وجود مكاتبها المختلفة في أقطار أجنبية مجاورة للعراق. وكانت هذه النقطة وما زالت نقطة سلبية في آلية ادارة المنح الدولية. 6- يضاف الى ذلك أن ضعف القدرات الادارية لمؤسسات الدولة وغياب التنسيق أو ضعفه فيما بينها ومع الوكالات الدولية، شكل سبباً آخر من أسباب تلكؤ اعادة الاعمار والافادة من المنح الخارجية بشكل صحيح. كما أن اضطراب الوضع السياسي وتوالي الأزمات في انجاز مهمات العملية السياسية قوض امكانيات المتابعة من الجانب العراقي وألحق أضرارا"بالذاكرة المؤسسية للدولة. استنتاجات 1- غني القول أن الأمن والاستقرار يشكلان الضمان الأهم لتقدم التنمية، فهما شرطان حيويان لا غنى عنهما في كل الظروف والأحوال، وهذا ما أكدته وتؤكده تجربة العراق. 2- يعزى تعثر أو فشل كثير من برامج التنمية واعادة الاعمار في العراق الى اعتماد فرضيات خاطئة بالنسبة للتطورات اللاحقة بعد انتهاء الحرب وتغيير النظام السابق في نيسان 2003. 3- لذلك فأن نظام الأولويات كان ينبغي أن يكون مختلفا"في تلك الفترة ، ويضع في المقدمة التركيز على استعادة الوحدة والمصالحة الوطنية وتثبيت الأمن والاستقرار. 4- وقعت أخطاء جسيمة بالنسبة لبناء الدولة ومؤسساتها واعطائها أهمية كبيرة في مجال التنمية، اذ كان خاطئاً فرض سلطة الاحتلال وحل عدد من أجهزة الدولة المهمة. 5- ان تأجيج النزاعات الطائفية كان وما زال سبباً أساسياً في اضطراب الوضع العام في البلاد وزعزعة الاستقرار، ما يستوجب تركيز الجهود على احياء الهوية الوطنية باعتبارها شرطاً مهماً لاستعادة الاستقرار والأمن في البلاد. 6- قدم الجانب العراقي رؤية مهمة في ما يتعلق بأولويات واهداف التنمية المنشودة والمجسدة في"إستراتيجية التنمية الوطنية"، الا أن دينامية الواقع العراقي وبروز متغيرات واحتياجات جديدة تتطلب اعادة النظر وتوسيع اطار هذه الإستراتيجية بما يكفل صياغة برامج قطاعية محددة واعادة ترتيب الأولويات بشكل يتناسب والتطورات الجديدة. 7- لعل من أخطر الظواهر التي رافقت التجربة العراقية الجديدة، اتساع ظاهرة الفساد وغياب الضمانات الكفيلة بحماية الثروة الوطنية والمال العام، فضلاً عن أن هذه الظاهرة الشائنة امتدت الى ميدان المشاريع والعقود الممولة دولياً كما يشير بعض التقارير الصادرة عن مؤسسات الدول المانحة. تحدي الإصلاحات الاقتصادية ما زالت الاصلاحات الاقتصادية مهمة كبيرة مطروحة على جدول العمل الاقتصادي والسياسي. صحيح ان بعض الانجازات الايجابية تمت، الا أن تحويل الهيكل الاقتصادي تحويلا"جذريا"وحيويا"مهمة تنتظر التنفيذ. ان الشيء الأهم في هذا السياق هو اعتبار الاصلاحات المطلوبة جزءا"لايتجزأ من إستراتيجية شاملة للتنمية المستدامة، اذ لا يصح ولا يمكن أن نجري اصلاحاً للقوانين والأطر الادارية وآليات الدولة من غير أن نحقق تأهيلاً واعادة هيكلة لمقومات الاقتصاد والدولة. وهنا يجب أن تعطى القطاعات الانتاجية اهتماماً خاصاً بهدف تحقيق التوازن والتنوع في الهيكل الاقتصادي ازاء الحالة الراهنة المنعكسة بالاعتماد الأساسي على انتاج سلعة واحدة النفط، ما جعل الاقتصاد مشوهاً وأحادي الجانب. كما يجب انهاء حالة التهميش التي يعاني منها القطاع الخاص وتمكينه من لعب دور أساسي في قيادة الاقتصاد الوطني واصلاح مؤسسات القطاع العام الخاسرة وغير المجدية اقتصادياً. ويقترن بذلك اعداد المناخ المناسب لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وفق تشريعات متقدمة و ضمانات وحوافز مجزية. وهنا يجدر التأكيد على الدور الاقتصادي للدولة بشكل سليم. ويقترن بذلك ازالة أو تخفيف الأعباء المالية الخارجية الناجمة عن الديون وتعويضات الحرب الموروثة عن النظام السابق. ومع أن خطوات ايجابية أتخذت في اطار نادي باريس، الا أن المشكلة ما زالت تشكل قلقاً كبيراً وتمثل عبئاً جسيماً على مشاريع التنمية المستدامة في المستقبل. * عضو مجلس النواب وزير التخطيط السابق. * المقالة مختصر محاضرة أعدت لندوة"التنمية في ظل الأزمات"التي أشرفت على إعدادها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة ومعهد فريدريك ايبرت ستسيفتنغ ، بيروت 27 - 28 حزيران يونيو 2006.