واجهت الحكومة الصومالية الانتقالية الضعيفة احتمال التفكك أمس عندما استقال ثُلث أعضائها، في وقت عزّز منافسوها الإسلاميون سيطرتهم على العاصمة. ويُعتبر الوزراء ال 18 المستقيلون أعضاء أساسيين في الحكومة التي تضم 102 من الوزراء والوزراء المنتدبين. واختير أعضاء الحكومة على أساس قبلي بهدف إنهاء الفوضى التي تعم البلاد منذ 15 سنة. ولم يكن واضحاً أمس هل هذه الاستقالات تعني أيضاً سحب القبائل التي ينتمي إليها الوزراء الدعم عن حكومة رئيس الوزراء علي محمد جدي، مما يُضعفها أكثر. لكن وكالة"رويترز"ذكرت أن الاستقالات مسعى لتسهيل محادثات سلام بين الحكومة والإسلاميين. ونسبت إلى وزير الدولة للشؤون البرلمانية عبدالرحمن حاجي عدن:"استقلنا لأننا فشلنا في الوفاء بحاجات الشعب الصومالي. وقررنا اخلاء كل المقاعد من أجل محادثات الخرطوم"، في إشارة إلى محادثات سلام سيستضيفها السودان بهدف التوصل الى اتفاق على اقتسام السلطة. وذكرت الوكالة أن كثيرين يُفسرون استقالة الوزراء الذين يُحتمل ان يشغل مناصبهم إسلاميون في اي ادارة مقبلة، على انه محاولة صادقة لتحقيق ذلك. وأجريت المحادثات في بادئ الأمر في الخرطوم في حزيران يونيو الماضي، إلا أن الحكومة قاطعت الجولة الثانية هذا الشهر زاعمة أن الإسلاميين انتهكوا اتفاقاً يمنع التوسع العسكري. وشكا وزراء في الماضي من أن رئيس الوزراء جدي لا يُشركهم في السلطة. وقال ال 18 في رسالة استقالتهم:"رأينا أن الحكومة لا يمكنها أن تقوم بالمصالحة الوطنية والتنمية". وأشاروا أيضاً إلى أنهم يعارضون القوات الاثيوبية التي تردد انها جاءت إلى الصومال لحماية الحكومة الانتقالية في مواجهة تقدم ميليشيات الإسلاميين. كذلك أشاروا إلى غياب الشفافية والمحاسبة في الحكومة. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن أحد المستقيلين عبدالرحمن عدن إبراهيم قوله في اتصال هاتفي أجرته من مقديشو بمقره في بيداوة 250 كلم شمال غربي العاصمة الصومالية ان الوزراء والوزراء المنتدبين"استقالوا من الحكومة بسبب استيائهم من الطريقة التي يدير بها رئيس الوزراء جدي الحكومة". على صعيد آخر، أعلنت ميليشيات"المحاكم الإسلامية"أمس انها تنوي إقامة محكمة شرعية في المجمّع الكبير للقصر الرئاسي في قلب العاصمة مقديشو، في خطوة بالغة الدلالة. ويحتل المجمع الذي يُعرف ب"فيلا صوماليا"، قمة تلة تؤدي إلى مرفأ مقديشو ومطارها. وكان آخر زعيم صومالي عاش في المجمع هو محمد سياد بري الذي أُطيح نظامه عام 1991. وسيطرت ميليشيات قبلية مؤيدة لعائلة عيديد على المجمع طوال السنوات ال 15 الماضية. وأدارت قوات"قبيلة سعد"المجمع على مدى الشهرين الماضيين تقريباً، أي منذ سيطرة الميليشيات الإسلامية على العاصمة. وربما يعود سبب ذلك إلى أن حسين عيديد، أحد نواب رئيس الوزراء، عضو في هذه القبيلة. لكن القبيلة وافقت أمس على تسليم المجمّع إلى الإسلاميين. وقال العضو البارز في المجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية عبدالرحمن جاناكاو:"ستُقام هنا محكمة إسلامية جديدة". وتأتي هذه التطورات بعد أنباء عن تلقي الإسلاميين شحنة من الأسلحة والذخائر في طائرة تحمل علم كازاخستان حطت في مقديشو أول من أمس. وزعمت الحكومة الصومالية الانتقالية أن هذه الاسلحة اريترية. ويُعتقد على نطاق واسع أن اثيوبيا واريتريا تخوضان حرباً بالوكالة من خلال الصوماليين. إذ في حين تدعم أديس أبابا حكومة الرئيس الانتقالي عبدالله يوسف ورئيس وزرائه جدي، تُقدّم اريتريا دعمها للإسلاميين الصوماليين. وخاضت اثيوبيا واريتريا حرباً حدودية دموية بين 1998 و2000. ودعت الحكومة الاريترية، في بيان وزّعته وزارة الإعلام، إلى انسحاب القوات الاثيوبية من الصومال. وتنفي أديس أبابا أن لديها قوات في الصومال.