يكثف رئيس كتلة"المستقبل"النيابية اللبنانية النائب سعد الحريري تحركاته بين العواصم الاوروبية والعربية سعياً الى وقف اطلاق النار في لبنان. وهو التقى امس في بروكسيل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، ثم توجه الى المغرب للقاء العاهل المغربي الملك محمد السادس على ان ينتقل منه الى روما لمتابعة التحركات والمحادثات المتعلقة بالوضع اللبناني. وكان الحريري التقى قبل ذلك في باريس الرئيس جاك شيراك وولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، كما زار الجزائر والتقى كبار المسؤولين فيها. وأكد الحريري في حديث الى"الحياة"ان المطلوب حل شامل لكل الامور الشائكة في لبنان بما فيها مزارع شبعا. واعتبر ان الحرب ليست لبنانية وان"النظام السوري الذي يحاول دائماً اثارة المشاكل في لبنانوفلسطين والعراق يجب ان يفهم ان مثل هذه الامور لن تستمر وان حياة الناس ليست لعبة بين يديه". وقال ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يلعب دوراً قيماً ضد محاولة اسرائيل اثارة فتنة شيعية - سنّية وتفكيك الصف اللبناني. وهنا نص الحوار: كيف تتصور المخرج من ازمة الحرب الراهنة؟ - ان حل المشكلة ينبغي ان يكون شاملاً لكل الامور الشائكة من مزارع شبعا الى تبادل الاسرى الى خرائط الألغام الى تسليم الجنديين الاسرائيليين، الى خروق اسرائيل الجوية والبرية والبحرية للبنان الى موضع سلاح"حزب الله". وكل هذا ينبغي ان يجد حلاً شاملاً والا فإن ما يحصل الآن يتجدد بعد سنة او سنتين. معنى ذلك ان القضية طويلة، فهل لمست عبر الاتصالات التي اجريتها ان هناك نية للحل الشامل الذي تتحدث عنه؟ - بالتأكيد هذه النية موجودة. ماذا عن زيارتك الجزائر؟ - شرحنا لهم ما يحدث وكان رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة اتصل هاتفياً بنظيره الجزائري، وشرح له موقف الدولة اللبنانية وقال الرئيس بلخادم انه يجب بسط سلطة الدولة على كل الاراضي اللبنانية وان الشرعية هي للدولة اللبنانية التي تتحكم بالقرارات. ونحن دخلنا في معركة ليست لبنانية، فهي وضعتها على الساحة اللبنانية من سورية وايران من اجل مصالحهما. ولبنان ينبغي الا يكون ساحة لأي حرب. اسرائيل عدوتنا وقد حاربنا وقاومنا قبل أي دولة عربية وقبل أي دولة فارسية، ولذلك نحن اليوم نرفض التدخل السوري في الشأن اللبناني ونريد ما لسورية من أمان على حدودها مع اسرائيل. واذا كانت سورية مهتمة بالمواجهة التي تحصل الآن بين لبنان واسرائيل فلتفتح جبهة الجولان، التي لم تشهد طلقة رصاص واحدة منذ اتفاق فك الاشتباك، بل ان الجيش السوري يحرص دائماً على ان تكون حدوده آمنة. ونحن لا نُعطى دروساً في المقاومة والمواجهة مع اسرائيل. زرت ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز أثناء وجوده في باريس والتقيت وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل فما الذي تقوم به المملكة السعودية في هذه المحنة؟ - للمملكة موقف واضح مما حصل ويحصل في لبنان واتجاهها هو الحل الشامل لكل المشكلة اللبنانية، لأن لبنان لا يحتمل ان يكون ساحة وتكون فلسطين ساحة لأي مصالح غير مصالح اللبنانيينوالفلسطينيين، والسعودية نظرت الى ما حصل من هذا النطاق وسعت دائماً الى ان يكون في لبنان امان واستقرار وسلام. وهناك في الجامعة العربية قرار اجمع عليه العرب حول السلام مع اسرائيل وفقاً لمبادرة خادم الحرمين الشريفين. والسعودية تسعى الى وقف الهجوم الوحشي الاسرائيلي على لبنان وتعمل لحل شامل للمشكلة. لقد زرت الرئيس شيراك الذي كان صرح في روسيا بأن الحل في بسط نفوذ السلطة اللبنانية على كل اراضيها ونشر قوة دولية ذات قدرات ردعية على الحدود، فماذا عن محادثاتك معه وماذا سيحدث في اجتماع روما؟ - الرئيس شيراك بذل جهوداً لا حدود لها من اجل لبنان وله شكر خاص من الدولة والشعب اللبنانيين. ومن دون حل شامل، لن تستوي الامور، فما الذي يمنع مستقبلاً خطف جنود اسرائيليين آخرين فتعود اسرائيل وتقصف مجدداً. لا شيء يمنع ذلك واليوم يجب ان نجد حلاً شاملاً، لأن الحل الوسط غير ممكن. وأحد التحديات التي سيواجهها المجتمع الدولي هو ان سورية انتقلت الى معسكر آخر فوضعت نفسها في مواجهة مع العرب ومع الجميع. وهي تحرض في لبنان وفي فلسطين والعراق. ولكن الى متى يستطيع الشعب اللبناني ان يتحمل القصف والدمار والتهجير؟ - أقول لكل لبناني ان وحشية اسرائيل عشناها وعرفناها ونراها مجدداً. ولكن اللبنانيين موحدون اليوم وكل بيت دمر في الجنوب والضاحية وبعلبك وفي أي منطقة اخرى ستقوم الدولة ببنائه بمساعدة العرب والمجتمع الدولي. ونحن نسعى وهناك وعود ولكن علينا الحفاظ على وحدتنا، في وجه محاولات الفتنة التي تجرى منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري الى اليوم ونجحنا حتى الآن في تخطيها. وأقول اليوم الى اهل الجنوب وبعلبك والبقاع، الذين يتعرضون لكل انواع الارهاب ان بلدنا لنا ولا يحق لأحد ان يلعب بنا وسنعيد لبنان كما كان ومثلما كان يريده رفيق الحريري. صحيح اننا تعرضنا الى الكثير لكننا لسنا وحدنا فالعالم العربي والعالم واقفان معنا. لكن فرنسا تطالب بوقف اطلاق النار والولايات المتحدة ترفض واسرائيل لا تصغي لأحد وپ"حزب الله"لا يوافق على أي شيء، فأي وحدة تتكلم عنها؟ - الأمل؟ بالتأكيد هناك أمل وبالتأكيد سنصل الى وقف اطلاق نار. في أي وقت؟ - اتمنى ان يتم ذلك غداً او بعد غد او بعد ثلاثة ايام ولكن سنصل الى وقف اطلاق نار والحرب لن تدوم. ويجب ان نصل الى مرحلة الحل الشامل. هذا لا يعني انه سيكون هناك حرب وحل شامل. سنصل الى حل شامل بإذن الله وسينفذ على مراحل ولكن سيكون هناك وقف اطلاق نار. وعلينا اليوم بسبب بعض الاخطاء التي ارتكبت ان نجد الحل الشامل ونرى ان المجتمع الدولي والدول العربية موحدة على اساس واحد هو ضرورة ان تبسط السلطة اللبنانية نفوذها على كل اراضيها وهذا لمصلحة لبنان. تناولتم هذا الموضوع في اطار الحوار الوطني ولم يتحقق، فلماذا تعتقد بأن من الممكن القيام بذلك في ظل الحرب؟ - لأنه اصبح واضحاً اليوم ما هو مخطط بعض الدول العربية التي تدعي انها شقيقة وهي لا دخل لها بأي اخوة وتستخدم لبنان لمصالحها وملفاتها الشائكة. فهذا اصبح واضحاً لكل العرب وعلينا ان نحافظ على ما عندنا. صحيح ان اسرائيل تهاجم الشعب اللبناني والخسائر كبيرة ولكن اللبنانيين موحدون وليس هناك ما نسميه مهجراً. فمن يترك بيته يذهب الى بيت أهله في بيروت. وبيروت مدينة الصمود وشهدت ما لا يشهد وصمدت وعانت، وتحية لأهل بيروت وسأكون قريباً بينهم وسنعود ونبني كل ما دمر. ولكن ماذا اذا لم نصل الى وقف اطلاق النار مع اسرائيل وبقي"حزب الله"محتفظاً بقوته العسكرية؟ - نعرف ما هي المشكلة ونريد الوصول الى مرحلة لا يتكرر فيها ما حصل ولذا فإن اموراً كثيرة ستتغير وهذه الامور يجب ان نجد لها حلولاً ونحن لا نتحدث في الهواء. فما حصل للبنان اليوم لا يغتفر ويجب ان نتأكد من ان لبنان لن يدخل كل عشر سنوات في حرب لا دخل له فيها وان نضع حداً لهذا الوضع. هل ان قوات اوروبية او اطلسية ستنتشر على الحدود؟ - لن ادخل في تفاصيل حلول ولكن اريد القول ان الحرب الحالية ليست حرب لبنان، والنظام السوري الذي يسعى دائماً لاثارة المشاكل في لبنانوفلسطين والعراق يجب ان يفهم ان الامور لن تستمر على هذا النمط لأن حياة الناس والشعوب ليست لعبة بين يديه. ما هو دور رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذه المحنة؟ - الرئيس بري يلعب دوراً مهماً جداً في محاولة ايجاد حلول للصراع ودوره محوري جداً في موضوع الفتنة التي تحاول اسرائيل اثارتها بين اللبنانيين، بين الشيعة والسنّة وبين كل اللبنانيين. فهو يلعب دوراً قيماً وكبيراً وأنا كل يوم على اتصال معه.