أظهرت دراسة ميدانية حديثة عن اتجاهات الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي ان الشباب الخليجي متفائل خلافاً للانطباع العام السائد عنه. وعلى رغم التفاوت العام بين مستويات التفاؤل والتشاؤم في دول الخليج، أشارت الدراسة الى ان نسبة المتفائلين زادت عن 70 في المئة. ونشرت دار قرطاس للنشر في الكويت دراستها ضمن ابحاث منتدى التنمية الذي اقيم في البحرين في شباط فبراير الماضي وشملت العينة خمساً من دول مجلس التعاون الخليجي من أصل ست وهي الكويتوالإماراتوالبحرين والسعودية وعمان وكان العدد الاجمالي للمشاركات هو 645 مشاركاً 289 ذكراً و 356 انثى. وكشفت الدراسة التي اعدها فريق من الباحثين بإشراف خلدون النقيب وباقر النجار وريما الصبان ان شباب الامارات هم الاكثر تفاؤلاً بين شباب المنطقة بنسبة 94 في المئة بينما تبقى نسبة التشاؤم الاعلى في البحرين حيث تصل الى 19 في المئة. وكانت نسبة المتفائلين في الكويت 78 في المئة. وأرجعت الدراسة اسباب تفاؤل شباب الامارات الى الطفرة الاقتصاية التي تشهدها الدولة وشعور الشباب بالاطمئنان بينما يبدو الوضع الاقتصادي في البحرين متدنياً نسبياً. كما ان العيّنة التي اعتمدتها الدراسة في البحرين كانت من الفتيات الطالبات في اقسام اجتماعية ويبدو ان ذلك لا يمنحهن الكثير من الرضا. واللافت ان نسبة الرضا عن النفس بين الشباب كانت الاعلى في الامارات بنسبة 99 في الئمة و تلتها الكويت بنسبة 95 في المئة. وبينت الدراسة ان"سمة المزاجية"عالية جداً لدى شباب الخليج وجاءت النسب متقاربة هذه المرة. فبينما جاءت الكويت في المقدمة تلتها الامارات فيما جاءت النسبة الأعلى لغير المزاجيين من البحرين وكانت 15 في المئة. وكانت المزاجية أعلى لدى الاناث وقد يكون السبب في ذلك هو التحولات الجسدية والهرمونية التي تؤثر في الفتيات. وذكرت الدراسة ان التعليم تصدّر مصادر القلق لدى الشباب الخليجي حيث شغل"هم التعليم"أكثر من نصف أفراد عينة الدراسة وتصدرت البحرين القائمة ب 56 في المئة ثم الكويت بنسبة 52 في المئة تليها الامارات ب 51 في المئة. واعتبرت الدراسة ان القلق على التعليم له دلالات على اندماج الشباب بالقيم العالمية الحديثة التي تعتبر المعرفة أساس التنمية وتنظر الى تعليم كمصدر اساسي من مصادر المعاصرة واداة من ادوات الحراك المجتمعي والوظيفي. وتعكس هذه النتيجة الحاجة الماسة لدول الخليج العمل على تنمية القوى البشرية الشبابية وتطويرها كعماد للمستقبل. الا ان الدراسة أشارت الى ان الشباب الخليجي راغب في تغيير نظام تعليمه، اذ أقر 95 في المئة من افراد العينة بحاجة النظام التعليمي الى التغيير وكانت نسبة 76 في المئة تود تغييره على المستويات كافة. والى جانب التعليم، كان الهم الأسري في مقدمة مصادر قلق الشباب الخليجي، ما يؤكد ان القيم الأسرية لا تزال تتحكم في شباب هذه المجتمعات على رغم ما شهدته من طفرات اجتماعية. وتراوح الهم الاسري بين 38 في المئة في عمان و29 في المئة في السعودية و22 في المئة في الامارات و13 في المئة في الكويت، وتفاوتت بقية الهموم بين البحث عن وظيفة او البحث عن شريك للحياة او نظرة المجتمع. وأظهرت الدراسة ان الشباب الخليجي يقضي اكثر اوقات فراغه خارج المنزل ومع الاصدقاء بنسبة 42 في المئة وتبلغ نسبة الراغبين في الخروج الى المقاهي 49 في المئة. واظهرت الدراسة ان الشباب الخليجي اجتماعي الى حد كبير وانه يفضل رفقة الاصدقاء على مشاهدة التلفزيون الذي يظل هو والانترنت اقرب الى الخيار الثاني للشباب. اذ ان 27 في المئة من افراد العينة يفضلون مشاهدة التلفزيون. واختلفت النسبة في البحرين حيث اختارت العينة مشاهدة التلفزيون وبنسبة 32 في المئة وهناك 71 في المئة داخل هذه النسبة تفضل مشاهدة المسلسلات اكثر من اي شيء آخر. وجاءت قنوات الاخبار في المرتبة الثانية وبنسبة 58 في المئة ولم يكن حظ قنوات الاغاني سوى 35 في المئة من افراد العينة. وهناك نسبة 17 في المئة من افراد العينة قالوا انهم يفضلون القراءة كوسيلة من وسائل قضاء وقت الفراغ. واللافت أن الدراسة أشارت إلى أن شباب السعودية هم الأكثر إقبالاً على القراءة في الكتب الجادة وذلك بنسبة 39 في المئة. بينما كان شباب الامارات اكثر من يقرؤون المجلات وبنسبة 32في المئة من أفراد العينة بسبب ارتفاع مستوى الترفيه. ويقرأ شباب الكويت الصحف أكثر من غيرهم وبنسبة 29 في المئة. وخلافاً للمتوقع، أظهرت الدراسة أعلى نسبة لمن يقرأ بلغة أجنبية في السعودية وبنسبة 28 في المئة. وكان شباب الكويت أكثر من يقرأ بالعربية بنسبة 83 في المئة تليها عمان ب 78 في المئة والبحرين ب 71 في المئة. وفي ما يتعلق بالروابط الأسرية، اظهرت الدراسة ان السعودية وعمان تأتيان في المقدمة لجهة ارتباط الشباب بأسرهم. اما نسبة من لا يرتاحون في الاسرة فكانت ضئيلة جداً وتراوحت بين 2 و 6 في المئة وكانت أقلها في البحرين وأكثرها في عمان. واعتبرت الدراسة ان الإبقاء على مكانة الاسرة من بين الظواهر الصحية لدى شباب الخليج. لا سيما ان معظم افراد العينة وبنسبة 74 في المئة أكدوا انهم راضون جداً على طريقة تربيتهم وهي نتيجة تبقى في حاجة الى دراسة مستقلة بحسب رأي فريق الباحثين. وفي السياسة، اظهرت الدراسة ان القضية الفلسطينية تستأثر بالاهتمام الأكبر وهي من اولويات الشباب الخليجي وبنسبة 48 في المئة وكانت النسبة الاعلى في الإمارات والسعودية مع 52 في المئة. واوضحت العينة ان شباب الخليج يرفضون السياسية الاميركية واجمع 80 في المئة على ان السياسة الاميركية سبب البلاء في المنطقة فيما كانت نسبة 19 في المئة ترى انها السبيل الى إصلاح اوضاع المنطقة. ورأى المشرفون على الدراسة ان هذه النتائج تأتي مخالفة تماماً للإنطباع العام عن الجيل الجديد الذي يوصف باللا مبالاة وعدم الاكتراث.