تستعد الحكومة اللبنانية لمواجهة استحقاق التجديد للقوات الدولية في جنوبلبنان، الذي سينظر فيه مجلس الأمن الدولي في النصف الثاني من الشهر الجاري، والذي لن يكون روتينياً كما في المرات السابقة، بسبب طلب قائد هذه القوات الجنرال آلان بيلليغريني من الحكومة اللبنانية إنشاء خلية طوارئ مشتركة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والقوات الدولية اليونيفيل. وعلمت"الحياة"ان بيلليغريني برر طلبه تشكيل الخلية المشتركة بطموحه الى تطوير دور القوات الدولية مع اقتراب موعد التمديد لها مدة ستة اشهر جديدة، من دون ان يوضح المقصود من هذه الخلية المشتركة وهل يقتصر دورها على التنسيق بين القوات الدولية والقوى الأمنية اللبنانية ام انه يطمح الى ان يكون لهذه القوات دور ميداني على الأرض من خلال مشاركتها في دوريات القوى الأمنية المشتركة على طول الخط الأزرق الفاصل بين الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وأحياناً في عمق المناطق الحدودية. وبحسب المعلومات المتوافرة فإن الاتصالات الجارية بين الحكومة والأممالمتحدة من خلال ممثل امينها العام في لبنان غير بيدرسون والجنرال بيلليغريني تهدف الى استشكاف ما تريده الأممالمتحدة من طلبها انشاء خلية طوارئ مشتركة، وقد بقي الطلب محصوراً في إطاره العام ولم يتناول التفاصيل. وتزامنت الاتصالات اللبنانية - الدولية مع مشاورات مفتوحة بين الحكومة وقيادة"حزب الله". كما كان طلب بيلليغريني مدار بحث وتقويم في الاجتماع الأخير بين السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري. وفيما لم ترشح أي تفاصيل عن هذه اللقاءات والمشاورات أكدت مصادر سياسية لپ"الحياة"ان قيادة"حزب الله"طلبت تريث الحكومة في الرد على طلب بيلليغريني في انتظار توضيح اسباب الطلب الدولي المفاجئ. ولفتت المصادر نفسها الى ان طلب بيلليغريني لا يزال قيد البحث مستبعدة، قبل ان تتوضح الأغراض الدولية منه، ان تصدر عن مجلس الوزراء اللبناني موافقة رسمية. وأضافت:"اذا كان المطلوب من هذا الطلب تسليط الأضواء على دور جديد للقوات الدولية الى جانب الجيش اللبناني كخطوة على طريق تعزيز انتشاره وحضوره الميداني في الجنوب فإن هذا الدور ومن وجهة نظر"حزب الله"موجود عبر الحضور المباشر للقوة الأمنية اللبنانية المشتركة. وتابعت المصادر:"اما اذا كان لدى المجتمع الدولي، من خلال الأممالمتحدة، مشروع خاص بالجنوب لنزع سلاح"حزب الله"فعلى الجهات المعنية ان تطلعنا على طبيعة هذا المشروع لمناقشته وإبداء رأينا فيه، بدلاً من الالتفاف على مؤتمر الحوار الوطني الذي لا يزال يناقش الاستراتيجية الدفاعية للبنان في مواجهة الأطماع والتهديدات الإسرائيلية ومن خلاله سلاح المقاومة". وتوقعت المصادر ان تستأخر الحكومة الرد على طلب بيلليغريني بناء لرغبة مباشرة تبلغتها من قيادة"حزب الله"مؤكدة ان السلطة اللبنانية ليست في وارد التسبب بنقزة لدى الحزب في ظل توافقه مع رئيسها ورئيس كتلة"المستقبل"على ضرورة تفعيل الحكومة بتحريك المشاريع الإنمائية والإعمارية وإيلاء الشأنين الاقتصادي والاجتماعي الاهتمام المطلوب. وعلى رغم عدم الاستعجال الرسمي في الرد على طلب بيلليغريني تستبعد المصادر توتير الوضع على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية كمحاولة للضغط على تل ابيب لوقف اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، من دون ان يعني ذلك سكوت"حزب الله"عن أي اعتداء اسرائيلي على الأراضي اللبنانية. ورأت المصادر ان"حزب الله"الذي يتعامل مع الوضع في الجنوب انطلاقاً من رؤيته لسير التطورات السياسية والعسكرية الجارية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة في ضوء تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية يقدر دقة الوضع ويعمل جاهداً لإسقاط الذرائع التي يمكن ان تستغلها تل ابيب لتوسيع رقعة عدوانها خارج قطاع غزة والضفة الغربية. وأكدت المصادر ان الحزب لن يغامر بالوضع في الجنوب ولن يبادر الى اتخاذ أي موقف ميداني يغلب عليه طابع الحماسة. وأشارت ايضاً الى صعوبة تكرار أطراف مجهولة تجربة إطلاق الصواريخ من الجنوب على شمال فلسطين، لكنها رأت أنها ليست مستحيلة في حال تصميم هذه الأطراف على توتير الوضع لأغراض إقليمية ودولية لا تمت بصلة للواقع اللبناني. وعلى هذا الصعيد، تحدثت المصادر عن وجود صعوبة امام دمشق في استخدام الورقة الفلسطينية، لخلق معادلة أمنية - سياسية جديدة في الجنوب وقالت نقلاً عن اوساط مقربة من قوى 14 آذار ان الأخيرة تعتقد بأن لدمشق دوراً في الضغط على قوى حليفة لها للاستجابة لتصعيد الموقف السياسي بعدما ايقنت بأن هناك صعوبة في استخدام الورقة الفلسطينية في الجنوب في ظل عدم موافقة قيادة"حزب الله"على تهديد الاستقرار من خارج الحسابات اللبنانية وبخلاف إرادته. وأوضحت المصادر ان جهات دولية صديقة للبنان كانت نصحت بضبط النفس وممارسة اقصى درجات الحذر في الجنوب والتنبه من حصول خروق على يد قوى فلسطينية حليفة لسورية، مشيرة ايضاً الى ان من غير الجائز الاستخفاف بالرسالة المباشرة التي بعثت بها تل ابيب الى النظام السوري عندما حلق طيرانها الحربي فوق قصر الرئاسة في اللاذقية على الساحل السوري. وحذرت المصادر من لجوء بعضهم الى تحميل لبنان فوق طاقته وقالت ان مؤتمر الحوار الوطني في جلسته الأخيرة اتخذ مجموعة من القرارات الى جانب الشعب الفلسطيني لاعتقاده بأن التضامن معه هو البديل عن عودة السخونة الى ساحة الجنوب، لافتة الى عدم وجود نية لدى"حزب الله"للتفريط بالتهدئة لمصلحة أي مشروع لا يخدم الاستقرار في ظل الحاجة إليه، ليس لتمرير موسم السياحة والاصطياف فحسب، إنما ليكون لبنان قادراً على الانتظار الى حين جلاء نتائج الحوار الأميركي - الأوروبي - الإيراني وهذا ما يفسر ايضاً عدم تحديد موعد سريع لزيارة الرئيس فؤاد السنيورة طهران بناء لدعوة رسمية حملها إليه السفير الإيراني في بيروت محمد رضا شيباني، إذ أن رئيس الحكومة يفضل التريث الى ما بعد وضوح الصورة حتى لا تأتي زيارته في أجواء معقدة يتضرر منها لبنان.