افتتحت في ألكسندريا قرب واشنطن أمس، أول محاكمة مرتبطة مباشرة باعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة، باختيار المحلفين الذين سيقررون مصير الفرنسي - المغربي الأصل زكريا الموسوي، المتهم الوحيد في الاعتداءات. ونظراً إلى أهمية القضية، توقعت القاضية المكلفة النظر في القضية ليوني برينكيما، والتي أشادت هيئة الدفاع باستقلاليتها، أن يستغرق اختيار المحلفين، وهم 12 شخصاً وستة بديلون، شهراً كاملاً. وكان 500 شخص اختيروا من اللوائح الانتخابية، توجهوا أمس إلى المحكمة الفيديرالية في ألكسندريا ولاية فرجينيا، لملء استمارة من أربعين صفحة حول وضعهم المدني ومعتقداتهم ومدى معرفتهم بالقضية. وأغلق الحي في إطار إجراءات أمنية، فيما منعت وسائل الإعلام من تصوير المحلفين الذين لن تكشف أسماؤهم، ولا يمكن حتى وضع رسوم تقريبية لهم من قبل الرسامين الذين سيحضرون الجلسات. ويمكن أن تبدأ في 6 آذار مارس المقبل، المرافعات في المحاكمة التي ستستغرق بين شهر وثلاثة اشهر. واعترف الموسوي 37 سنة في 22 نيسان أبريل الماضي، بالتواطؤ في الاعتداءات التي أسفرت عن مقتل اكثر من ثلاثة آلاف شخص وانهيار برجين من 110 طوابق، فيما أغلقت بورصة نيويورك ستة أيام. في غضون ذلك، عبّرت عائشة الوافي والدة الموسوي عن مخاوفها من أن يدان ابنها لمجرد كونه عربياً. لكن المعتقل المولود في فرنسا عام 1968، لا يأبه لمخاوف والدته، بإصراره على خط دفاع اختاره بنفسه، بعد رفضه مساعدة أي من المحامين الأميركيين أو الفرنسيين الذين تقدموا للدفاع عنه، وإقراره بكل التهم الموجهة إليه. وبدا من الصعب على الوافي، عبر التصريحات المتكررة التي أدلت بها في الأيام الماضية في منطقة مونبولييه الفرنسية حيث تقيم، أن تتفهم دوافع ابنها لتبني هذا السلوك الذي يقوده إلى عقوبة الإعدام، وفي افضل الأحوال إلى السجن المؤبد. وتقول إن ابنها يعاني مشكلة، من جراء تعمده الإقرار بذنب لم يقترفه، لكن الأطباء النفسيين وحدهم قادرون في رأيها على تحديد طبيعة هذه المشكلة. ويصر الموسوي الذي ولد وكبر في أسرة مفككة، غاب عنها الوالد، واضطرت والدته التكفل برعايته ورعاية أولادها الثلاثة الآخرين، على انه ابلغ من قبل زعيم"القاعدة"أسامة بن لادن، بأن طائرات مدنية ستفجر في مقار رسمية وناطحات سحاب في الولاياتالمتحدة. وقال الموسوي المعروف باسم"أبو خالد الصحراوي"، بحسب ما جاء في القرار الاتهامي، انه كلف بمهاجمة البيت الأبيض. وفشلت الخطة بسبب اعتقاله. وتسعى هيئة الدفاع إلى استجواب الطبيبة النفسية نانسي اندرياسن في شأن"معاناته من مرض عقلي خطر، وعلى الأرجح من انفصام في الشخصية". ويمكن للطبيبة استخدام تحليلات لكتابات الموسوي الذي وجه رسائل إلى المحكمة خلال توليه الدفاع عن نفسه، كانت مهينة في بعض الأحيان ووقعها باسم"قرصان الجو العشرون"، وتحدث في إحداها عن"حل شامل وضربة ليهودا". وكان الموسوي اعتقل في 17 آب أغسطس 2001 من قبل السلطات الأميركية، بسبب انتهاء مدة إقامته الشرعية في الولاياتالمتحدة. وتبين لاحقاً انه تلقى دروساً في قيادة الطائرات، في مدينة مينيسوتا، بفضل 14 ألف دولار حولت إلى حسابه من قبل رمزي بن الشيبة الذي يعد منسق اعتداءات 11 أيلول. وعزّز هذا العنصر كون الموسوي أقام في أفغانستان بين عامي 1998 و1999 حيث التقى خالد الشيخ محمد الذي يعتقد انه العقل المدبر للاعتداءات، وإقامته لمدة في ماليزيا. لكن المعلومات المتوافرة لدى المحامين الفرنسيين الذين يعاونون والدته تفيد، بأن مسؤولين في تنظيم"القاعدة"معتقلين لدى السلطات الأميركية، أكدوا انه لم يطلب من الموسوي المشاركة في الاعتداءات، لعدم التجانس في سلوكه والريبة التي يثيرها ذلك. ونشأ الموسوي في وسط عائلي غير متدين، وتمكن على رغم الصعوبات المادية التي واجهتها والدته من تحصيل دراسته وصولاً إلى الجامعة، وكان من الشباب المحب للهو والسهر. وبانتقاله إلى لندن عام 1992، لمتابعة دروسه في الإدارة والاقتصاد، تحول عن نمط حياته السابق إلى الإسلام الراديكالي.