ها أنهم قد عادوا، بعزيمة أشد وذكاء أمضى وقدرات أعلى وأجساد أرشق. عادت أرجلهم الحديد تهزّ الأرض وتضرب الكرة المستديرة، فيما كاميرات أعينهم الرقمية تتطلع الى المونديال الموعود في سنة 2050، عندما يظهر فريق من روبوتات مستقلة لها هيئة البشر، فيحرز كأس المونديال الذهبية ويتوج بطلاً للأرض! عادت كأس العالم للروبوت لكرة القدم"روبوكاب"RoboCup، التي تستضفيها مدينة"بريمن"الالمانية بين 14 و20 الجاري، لترافق مرّة أخرى مونديال البشر، كدأبها منذ 1997. وقد رافقته في فرنسا 1998 وكوريا - اليابان 2002. والحال ان"المونديال"الأول تزامن مع انطلاق النسخة الأولى لكأس العالم للسيدات التي أقيمت في الصين. والمعلوم أيضاً ان"روبوكاب"تُخاض منافساتها سنوياً، وطافت على"ناغويا"اليابانية 1998، استوكهولم السويدية 1999، ملبورن الاسترالية 2000، سياتل الاميركية 2001، بادوفا الايطالية 2003، ليشبونة البرتغالية 2004 وأوساكا اليابانية 2005. بين"روبوكاب"فوكوكا- بوسان ، الذي رافق كأس العالم 2002، ومسابقاتها المقبلة في ألمانيا، تبدو الروبوتات وكأنها عبرت محطة أُخرى على طريق تحقيق حلمها الاسطوري بهزيمة البشر كروياً في منتصف القرن الحالي. وتتمثّل تلك المحطة في أنها انتقلت من منافسات تجرى بين الروبوتات الى مسابقات"مختلطة"يتبارى فيها الانسان الآلي مع البشر: أي ان صُنّاع تلك الآلات سيلعبون ضدها في اختبار، ما برح بدائياً، للعلاقة بين هذين النوعين. ما هي آفاق تلك العلاقة؟ وهل يصح توجسّ البعض، مثل كاتب الخيال العلمي المعروف اسحاق عظيموف من ان الروبوتات قد ترسم مصير الجنس الانساني على كوكبه مستقبلاً؟ لقد صاغ عظيموف تلك الرؤية، وبنبرة لا تخلو من التفاؤل، في رواية"أنا روبوت"، التي تحوّلت فيلماً هوليوودياً قبل سنتين. وفي السياق ذاته، يلفت ان الروبوتات خاضت، للمرة الأولى،"مباراة"ضد الجنس البشري في دورة"بادوفا". وكانت منافسة محدودة تمثلت في تنفيذ ركلة جزاء، ضمن الملعب المقفل للمسابقة، ضد حارس مرمى بشري. هل انها القطرة الأولى من سيل ربما همى في المستقبل؟ ويمكن الانتباه أيضاً الى ان مونديال الانسان الآلي في بريمن، يتضمن مسابقة جديدة تتمثّل في المواجهة بين فرق من الروبوتات في مباريات لكرة القدم. وجرت العادة قبلاً، ان تخاض مسابقات اللعبة على شكل مباريات فردية، أي بين روبوت وآخر. وتتألف كأس العالم للروبوت من 3 مسابقات كبرى في كرة القدم"روبوكاب سوكر"RoboCup Soccer ، الانقاذ"روبوكاب ريسكيو" RoboCup Rescue وكرة القدم للناشئين"روبوكاب جونيور"RoboCup Junior. وتضم"روبوكاب سوكر"مباريات في كرة القدم الافتراضية Simulation، والروبوتات التي تسير على 4 قوائم، والروبوتات بالحجمين الصغير والمتوسط، وأخيراً، الروبوتات التي تُشبه الانسان Humanoid Robot. وتعتبر الأخيرة الأهم بينها. والطريف ان مسابقات"روبوكاب جونيور"مخصصة للروبوتات التي يصنعها الطلاب الثانويون، وتضم 3 منافسات لكرة القدم والانقاذ و...الرقص! والواضح ان الهدف المشترك لتلك المباريات يتمثّل في زيادة القدرات الجسدية للروبوت، إضافة الى ذكائه، وبذا تندرج في مسعى ايصال جسد الروبوت وذكائه الاصطناعي الى مستوى البشر. وكمثال على مجريات"روبوكاب"، شهدت مسابقاتها في أوساكا مشاركة 330 فريقاً، بلغ عدد اعضائها 2000 متسابق. وفاز في مونديال الروبوتات شبه البشرية فيها فريق من جامعة اوساكا. واللافت ان ايران فازت بلقبين عن المسابقة الافتراضية الثلاثية الابعاد وروبوتات الانقاذ، كما حلت ثانية في مسابقة"روبوكاب جونيور"عن كرة القدم. وخلت قائمة الفائزين من أسماء العرب. ويرافق مونديال الانسان الآلي، معرض"روبوتريكس"Robotrex، المُخصص لعرض أنواع الروبوتات المُعدّة للبيع، وأجهزتها ومعداتها وأجزائها وبرامجها. وخصصت ألمانيا قطاراً لنقل الراغبين الى مقر مسابقة"روبوكاب بريمين 2006"، يعبر مدنها كلها.