تؤدي قناة"الجزيرة"في تغطيتها للملف النووي الإيراني دور السائل والمهتم بحثاً وكلاماً، كأن تسأل:"هل يشكل خطراً على دول المنطقة؟"، وفي الوقت ذاته لا تتردد في القول مع أبي العلاء المعري:"الخليج رهين المحبسين"، وإنما تفعل ذلك ضمن برنامج كلامي أو من خلال دراسة تنشرها على موقعها الالكتروني، مع حذر في استفزاز إيران أو توجيه تهمة ما إليها. قناة"العربية"اختارت موقعاً آخر. ففي حين يواكب مراسلها في طهران، محمد نون، الملف بلغة تأخذ في الاعتبار المشاعر الإيرانية والخطوط الحمر، تنتقد القناة في برامجها ونشراتها الإخبارية الأداء الإيراني وترفع الصوت عالياً باسم القلق الخليجي. وبذلك تبدو قناة"الجزيرة"أقرب إلى الموقف القطري الرسمي، إذ تراها تستخدم حرفتها في السير بين النقاط، على خلاف استخدام حرفتها أيضاً في التعامل مع العراق. فحيادها الإيراني، إذا جاز التعبير، يقابله انحياز عراقي. في حين أن"العربية"هي نفسها في إيرانوالعراق، فهي لا تخفي انحيازها أو حتى اقترابها من الموقف الأميركي، تاركة مهمة"الديبلوماسية"لشقيقتها"أم بي سي"التي تتعامل مع الملف ببرودة قريبة من المهنية. "الحل الوسط"في التناول التلفزيوني الخليجي مع الملف الإيراني يأتي من الإمارات أيضاً. فتلفزيون"دبي"بارد في تحريره المادة الإخبارية لهذا الموضوع. كأن لا"تعليمات"رسمية في شأنه. هو خبر يأخذ مكانه اليومي بحسب ترتيبه بين الأحداث. ولغة تحريره لا تهول بالبعبع الإيراني ولا تهلل للعم الأميركي. ويلتزم في هذه"المسطرة"مراسله في طهران، محمد علي ساكتي. تلفزيون"أبو ظبي"في موقع مجاور، بين شقيقه تلفزيون"دبي"وپ"العربية". فهو، كما"دبي"، يبرز مخاطر تسليح المنطقة وتسليح النفط وتأثير ذلك في البيئة والعلاقات بين الدول والمصالح والمجتمع"، وهو كما"العربية"في الاقتراب من الموقف الأميركي، وإنما بلغة هادئة وإخبارية غالباً تمنع الانزلاق إلى الانحياز ضد إيران واستفزازها. وتأتي تقارير وكالات الأنباء حول الملف - والتي تركز على المفاوضات- لتشكل القاسم المشترك بين التلفزيونات الخليجية، الرسمية والخاصة، من التلفزيونين الإماراتيين"دبي"وپ"أبو ظبي"البارزين عربياً، إلى القنوات المحلية في عُمان والبحرين والكويت. فتلفزيون"الراي"الكويتي، مثلاً، لا يفترق عن التلفزيون الرسمي في التعامل الإخباري شبه المقتضب. ولعل السبب الأهم وراء ذلك هو أن القنوات الخليجية الخاصة منوعة والسياسة فيها غائبة كلياً أو محدودة ولا تحتل موقعاً متقدماً في سلم أولوياتها. أما الرسمية فتقابل الحذر بالديبلوماسية.